مصر تعرب عن ثقتها في توقيع اتفاق نهائي مع إثيوبيا حيال {سد النهضة}

  • 2/3/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

مرة ثانية تأجل موعد مُحدد سلفاً لتوقيع اتفاق نهائي حيال نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان، كان من المُزمع إتمامه في واشنطن، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، ومن قبل منتصف الشهر ذاته. ووقعت مصر الجمعة الماضي على ما اعتبر «اتفاقا جزئيا» حول سياسة ملء خزان السد ونقاط أخرى تم التوافق عليها، بينما امتنعت إثيوبيا ومعها السودان، بدعوى «المزيد من التشاور»، لكن ورغم ذلك، تثق القاهرة في إتمام الاتفاق نهاية فبراير (شباط) الجاري، بفضل «توافر إرادة أميركية قوية».وترعى وزارة الخزانة الأميركية المفاوضات، بمشاركة البنك الدولي، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويقول مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن «سبب تعثر توقيع الاتفاق النهائي لأكثر من مرة، هو مماطلة إثيوبيا التي تستهدف الضغط على مصر، لتحقيق المزيد من المكاسب والمساعدات الأميركية، لكن في النهاية لن تستطيع التملص منه والوقوف أمام رغبة واشنطن».ووفق بيان مشترك أعلنه وزراء الخارجية والري لمصر وإثيوبيا والسودان، مع الولايات المتحدة والبنك الدولي، اتفقت الدول الثلاث على مراحل ملء خزان السد وآليات التخفيف، وضبط الملء والتشغيل أثناء فترات الجفاف. بينما لم تنته الدول المعنية من الاتفاق على جوانب أخرى منها سلامة السد وآلية فض المنازعات. وقرر الوزراء الاجتماع مرة أخرى في واشنطن يومي 12 و13 فبراير الجاري، لاستكمال التفاصيل الخاصة بالاتفاق، وتحويل تلك المحددات، لاتفاقية يتم التوقيع عليها نهاية الشهر الجاري. وتخشى القاهرة أن يقلص السد، الذي يجري تشييده منذ 2011، على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، إمداداتها الشحيحة أصلا من المياه، التي تعتمد عليها بشكل كامل تقريبا. لكن أديس أبابا تنفي أن يقوض حصول مصر على المياه، وتعتبره مشروعا حيويا لنموها الاقتصادي ومساعيها أن تصبح أكبر مصدر للطاقة الكهربائية في أفريقيا. وتعول مصر على الثقل الأميركي، ورغبة الرئيس دونالد ترمب، في حسم الملف. وبحسب الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإن الاتفاق سيتم في الغالب، أي كانت المعوقات، مؤكدا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «إثيوبيا لا يمكنها التملص من الإرادة الأميركية في إتمامه».وفسر رسلان، امتناع إثيوبيا عن التوقيع على النقاط التي تم التوافق عليها، حتى الآن، بأنه يهدف إلى رفع سقف المكاسب وابتزاز واشنطن بالحصول على أكبر مقابل من المساعدات المالية والفنية، وكذلك الضغط على مصر لتقديم مزيد من التنازلات المتعلقة بتقليل حصتها المائية. ودلل الخبير السياسي على صعوبة فشل المفاوضات باتصال ترمب برئيس الوزراء الإثيوبي، الذي «عبر فيه عن تفاؤله إزاء التوصل لاتفاق»، واعتبره رسلان بمثابة «ضغط أميركي على أديس أبابا للتوقيع النهائي».ووفقا لوزير الخارجية المصري سامح شكري، فقد حدد ترمب نهاية فبراير، كموعد أخير لتوقيع الاتفاق، وأنه «لن يكون بعده أي تفاوض». واعتبر شكري في تصريحات تلفزيونية الجمعة، أن توقيع مصر على محددات الاتفاق التي تم التوصل إليها هو «تأكيد لإرادتها السياسية في الحل». وأضاف شكري «كان من المفترض التوقيع على هذه الورقة التي تشمل أسلوب الملء، وللأسف لم يقدم الجانب الإثيوبي على توقيعها، رغم أنه اتفق على ما تم، وكان حصاد تنازل من قبل الجانب المصري في بعض الأحيان، لكن الجانب الأميركي أكد أن هذه الأمور تم الانتهاء من الاتفاق عليها، ولن يعاد فتحها مرة أخرى، وهذا ما دعانا للتوقيع على الورقة».ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حمدي عبد الرحمن، أن «إثيوبيا تعتقد أنها تمتلك حقوقا مطلقة في استخدام مياه النيل»، لذلك فإن «ولادة الاتفاق النهائي ستكون عسيرة جدا». وأشار إلى الحملة الشعبية داخل إثيوبيا التي ترفع شعار «إنه سدنا» وتصريحات السفير الإثيوبي في واشنطن بأن بلاده «لن تقبل أي اتفاق يسلبها حقها في استخدام مياه النيل».وبالتزامن مع المفاوضات، تمضي إثيوبيا قدما في عملية بناء السد. وزار رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس، المشروع للوقوف على وضعه الحالي. وأشار إلى «التقدم المحرز»، مؤكدا أن «الحكومة اتخذت التدابير اللازمة خلال العام الماضي لمعالجة المشاكل التي واجهها المشروع»، وتسببت في تأخيره.ووفقاً لمكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، أعرب أحمد عن «التزامه بالاستخدام العادل للمياه دون أي نيات سيئة لدول المصب».واكتمل المشروع بأكثر من 70 في المائة، ومن المقرر بدء ملء السد نهاية هذا العام، على أن يكتمل في شكله النهائي في غضون 4 - 7 سنوات. ويمثل الاتفاق الجزئي الذي تم التوصل إليه حول سياسة ملء السد ضرورة لإثيوبيا للبدء في تخزين المياه مع الفيضان القادم بعد 6 شهور، كما يشير الدكتور نصر الدين علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق.وبالنسبة لتشغيل السد فتم الاتفاق على قواعده في الجفاف، ولم يتم التوصل إلى اتفاق للتشغيل تحت الظروف العادية. ويوضح علام في شرح على صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك» «التشغيل هو القضية الأهم لمصر لتجنب سيطرة إثيوبيا ومحاولة الهيمنة على النيل الأزرق كقضية سيادة وللتحكم في دولتي المصب، وكذلك لم يتم الاتفاق حول آليتي المراقبة وفض المنازعات». وأضاف «ما تم من اتفاق حتى الآن يمثل إنجازا طيبا وخطوة كبيرة على طريق السلام، وعلى مصر المثابرة واستكمال المفاوضات بالتوازي بالإعداد للتحرك على مسارات أخرى بديلة إذا لزم الأمر».

مشاركة :