يعرض سكان بعض الأحياء في الصين جوائز مالية ويطرقون الأبواب ويستجوبون الناس الساعين لدخول مناطقهم لكنهم لا يبحثون عن مجرمين بل عن أي شخص قدم من ووهان، المدينة التي ظهر فيها فيروس كورونا المستجد مثيرا الذعر في الصين وخارجها.وأثار تمديد عطلة السنة القمرية الجديدة نهاية الأسبوع المخاوف من انتشار أكبر للفيروس في وقت يكثر تنقل الناس في كافة أنحاء البلاد.ومنعت بعض الأحياء في بكين الوافدين من الدخول إليها، حيث رفعت بعضها سواتر عشوائية الصنع، لإجبار الزائرين أو أي شخص عائد من العطلة على تسجيل تاريخ سفره.وذهبت إحدى مناطق مدينة شيجيانغشوانغ (شمال) إلى حد عرض حوافز مالية قيمتها 2000 يوان (288 دولار) لمن يدلي بمعلومات عن أي شخص سافر إلى ووهان في الأسبوعين الماضيين.وبالنسبة لبعض الأحياء، فإن أي شخص سافر إلى مقاطعة هوباي (وسط) وعاصمتها ووهان لم يعد مرحبا به على الإطلاق.وقال حارس أمن يضع قناعا واقيا أزرق اللون، على مدخل أحد أحياء بكين «حتى إن كنت تسكن هنا لا يمكنك الدخول». وأضاف «إذا كنت من هوباي يتعين عليك أن تبلغ لجنة الحيّ».وسارعت الصين لاحتواء الوباء بوقف حركة النقل من ووهان، ومنعت الرحلات السياحية إلى الخارج واختصرت وجهات الحافلات الطويلة وعلقت الالاف من رحلات القطارات.لكن الفيروس استمر في الانتشار موديا بأكثر من 361 شخصا مع أكثر من 17 ألف إصابة في أنحاء البلاد.والغالبية العظمى من الإصابات (11,177 إصابة) في هوباي. وجميع الوفيات التي أفيد عنها الاثنين وعددها 57 باستثناء وفاة واحدة، كانت في المقاطعة.قبل أسبوع، حضت اللجنة الصينية للصحة القرويين في أنحاء البلاد على عدم ترك أي نقاط فارغة عند التحقيق في الأماكن التي سافر إليها الناس.لكن مع انتهاء العطلة الاثنين، تواجه الحكومات المحلية ضغوطا للعثور على الأشخاص الذين زاروا مقاطعة هوباي الأكثر تضررا بالفيروس.وقالت امرأة تعمل في مجمع في بكين عرّفت عن نفسها باسم ماي «اذا كانت وجوههم غير مألوفة، أو كانوا يجرون حقيبة، أطلب منهم أن يتسجلوا»، مضيفة أنها تشعر بالقلق.- مراقبة صارمة رغم أن بعض الأحياء اتخذت قرارا متطرفا بمنع دخول الزوار أو القادمين من هوباي، إلا أن العديد ستسمح للمسافرين بالعودة لكن مع مراقبة صارمة لفترة أسبوعين من الحجر الصحي.وشرحت المسؤولة في أحد أحياء بكين شو ايمين أن الاهالي وعندما يعودون إلى منازلهم «لا يستطيعون الخروج والدخول مجددا».وإذا أرادوا شراء الطعام فإن لجنة الحي يمكنها القيام بذلك نيابة عنهم، وفق شو.ويتلقى السكان القادمون من محافظة هوباي اتصالات يومية ويجري التحقق من درجات حرارة أجسامهم خلال فترة الحجر الصحي، بحسب شو.وقالت إن لجنة الحي التي تعمل فيها والتي تدير مجمعاً سكنياً يضم أكثر من 2400 منزل، قد زارت كل السكان وتحققت من سجلاتهم.وأوضحت لفرانس برس «المعلومات التي نحصل عليها كاملة»، مشيرةً إلى أن لجنة الحي تتحقق كذلك من سجلات سفر السكان.وأكدت «نريد أن يتحول الجميع إلى مصدر للمعلومات»، مضيفةً إذا شكك السكان «بجارهم، عليهم أن يتصلوا فوراً (بلجنة الحي)».وانتشر الفيروس بشكل كبير في الصين، على الرغم من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة في عزل هوباي، ما يلقي الضوء على التحدي الكبير المرافق لمكافحة فيروس مماثل.وأعلنت السلطات الأحد عن اتخاذ إجراءات لعزل مدينة وانجو التي يقطنها 9 ملايين شخص وحيث أفيد عن مئات الإصابات بفيروس كورونا المستجد.وتبعد وانجو أكثر من 800 كلم عن ووهان.- «وصمة» ووهان ومن شأن إجراءات إغلاق الأحياء أمام الوافدين من الخارج أن تثير ردود فعل سلبية من سكان محبطين.وأعربت الحكومة الصينية عن قلقها من هذه الإجراءات، مذكّرةً مسؤولي الأحياء السبت بأن ليس لديهم «سلطة» لمنع الأشخاص الوافدين من الخارج من الدخول طالما تم التحقق مسبقاً من درجات حرارتهم.لكن ذلك الإجراء لم يخفف من خوف أن ينشر العائدون من العطلة الفيروس في أحيائهم في العاصمة.وقالت غو هيرونغ العائدة إلى بكين من شنغدو في مقاطعة سيتشوان في جنوب غرب الصين، لفرانس برس الأحد إنها منعت من دخول المجمع السكني الذي تعيش فيه.وأكدت هذه المرأة البالغة 24 عاماً من محطة قطار غرب بكين أن المسؤولين عن الحي قالوا لها «إن من غير المسموح لها إطلاقاً الدخول» إليه. وقالت «إذا لم يسمحوا لي بالدخول حقاً، سأشتري بطاقة للعودة إلى المنزل».وازدادت المخاوف من تعميق الوصمة بحق سكان ووهان وهوباي مع تزايد استهداف الأشخاص القادمين أو المتحدرين من المنطقة.وكتب أحد المستخدمين على موقع ويبو الصيني للتواصل الاجتماعي «الطريقة التي ننظر بها نحن إلى ووهان، هي الطريقة التي يرى بها العالم الصين».وأشارت لوسي هونغ، مخرجة أفلام وثائقية تعيش في بكين، مع بدء تصاعد الفيروس إلى انتشار «الانتقادات بحق سكان هوباي وسكان ووهان» على موقع ويبو. وأوضحت لفرانس برس «كوني متحدرة من ووهان، حزنت كثيراً»، مضيفةً «شعرت بخيبة أمل أن الناس لم يظهروا على الأقل تعاطفاً».وقالت إنها تفهم الضرورة إلى التزام الحذر، لكنها أكدت أن «عدونا كان الفيروس دائماً، ولا يجب أن يتحول إلى سكان هوباي وسكان ووهان».
مشاركة :