3 فبراير 2020 / شبكة الصين / شكل منتزه تسيم شا تسوي مثالا حيا للإهمال في اليوم الثاني من السنة القمرية الجديدة. لقد كان مشهدا مفجعا بحق. ويعد منتزهتسيم شا تسوي، الواجهة البحرية للمدينة وعصبها الثقافي، موطن ومنشأ العديد من مراكز العروض الثقافية والفنية، مثل مركز هونغ كونغ الثقافي، ومتحف هونغ كونغ للفضاء، ومتحف هونغ كونغ للفنون الذي تم تجديده حديثا، بالإضافة إلى وجهة البيع بالتجزئة"كاي11 موسيا". وتستقطب مظاهر المنتزه الكرنفالية، التي تتألف من عروض الموسيقيين المتجولين وعربات الطعام وحاملات الصور المتحركة، ناهيك عن منطقة الجلوس مترامية الأطراف والتي تتيح على مدار الساعة إطلالة على مدينة هونغ كونغ المتوشّحة بأنوارها، الآلاف من الزوار يوميا حتى وإن لم يكن هناك موكب السنة الجديدة وعرض الألعاب النارية التي تضيء ميناء فيكتوريا. إلا أنه وللأسف قد تم إلغاء مثل هذه المناسبات الاحتفالية هذا العام تفادي الإصابة المزيد من الناس بفيروس كورونا القاتل الذي أصاب أكثر من 14 ألف شخص في جميع أنحاء العالم وأودى بحياة 300 شخصفي البر الرئيسي الصيني على أقل تقدير. ويعد إلغاء احتفالات العام الجديد هو الأحدث في قائمة طويلة تضم العديد من الإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها على مدار الأشهر السبعة الماضية. إذ تم سحب تنظيم عدد من الأعمال والمنتديات الدولية من هونغ كونغ منذ بدء الاحتجاجات في يونيو من العام المنقضي، الأمر الذي ألقى ظلالا من الشكوعدم اليقين فيما إذا كان من الممكن تنظيم العرض في الموعد المحدد. ومن بين أحد أصعب التحديات التي يواجهها منظمو المهرجان هو تأمين السفر السليم للمدعوين من الفنانين المؤدين لهذه العروض. ومن المنتظر أن يبذل منظمو المهرجان قصارى جهودهم في شهر مارس، وهو الشهر الأكثر ازدحاما والأكثر نشاطا في الرزنامة الثقافية لهونغ كونغ،حين تقام عدة معارض فنية دولية تشمل الحدث الفني الرئيسي في المدينة "فنون بازل هونغ كونغ"، بالإضافة إلى مهرجان هونغ كونغ للفنون ومهرجان هونغ كونغ السينمائي الدولي اللذان يُقامان في وقت واحد. أعتقد أن المنظمين سيواجهون وقتا عصيبا في الفترة التي تسبق هذه العروض حيث يترصد لهم شبح الاضطراب من مصدرين محتملين: الاحتجاجات والفيروس القاتل واللذان مازالا يطاردهم. إن الوضع المقلق السائد يجعلني أتساءل عما إذا كان الفن يهم حقًا عندما تكون حياة الناس على المحك. هل هناك أي شخص يمانع حقًا في عدم رؤية فن جديد من الفلبين وكوريا الجنوبية وباكستان، أو عدم رؤية رقصة سيرجي بولونين الموهوبة بشكل مذهل، إذا كان من الممكن التأكد من عدم إصابة المزيد من الأشخاص بأذى أثناء حضور هذه العروض؟ لسوء الحظ، لا أحد يعرف كيف ستكون عليه حال الاحتجاجات أو ما سيخلفه فيروس كورونا المستعر الآن في الأسابيع المقبلة، ولا حجم التأثير المحتمل الذي قد تحدثه على العروض والمهرجانات المخطط لها في الأشهر المقبلة. ومع ذلك، فإن ما نعرفه هو أن مهرجانات الفنون قد أحدثت فرقا في المجتمعات الممزقة المنكوبة بشدة. تشمل الأمثلة الحديثة مهرجان"إحياء الفنون" الذي يُقام كل عامين في ولاية مياجي اليابانية لرفع معنويات أولئك الذين نزحوا أو فقدوا أفرادا من العائلة والأصدقاء بسبب كارثة تسونامي 2011 المدمرة. أمّا مهرجان Ubumuntu للفنون، الذي رأى النور في كيغالي، رواندا، فإنه يُجسد عبر خشبة المسرح قيمة المصالحة وبناء عملية السلام تخليدا لضحايا الإبادة الجماعية عام 1994، وهو مثال جيد أثبت نجاعته في قدرة الفنون على المساعدة في التئام الجروح وتعزيز التعاطف بين الأشخاص من الذين قد لا يرون بعضهم وجها لوجه. لعل أحد الأمور المفيدة التي تنبثق من أعمال الفنانين والكتاب والممثلين هي المساعدة في مزيد توضيح فهمنا للمواقف التي نواجهها. ربما هذا هو السبب وراء حاجتنا لهم في هونغ كونغو خاصة في هذا الظرف. لقد حان الوقت للحكومة المحلية، والمعنيين من القطاع الخاص، والفنانين المدعوين، وأصحاب المشاريع الفنية، وجميع من تربطهم صلة بالواقع الفني، بل وأي شخص يهتم بمستقبل هونغ كونغ لدعم العمل الشاق الذي وضعه مهرجان هونغ كونغ ومنظمو معرض الفنون وضمان إعادة جدولة هذه العروض في حال تم إقرار تأجيلها لحماية صحة الناس وسلامتهم في الوقت الحالي، وذلك بدلاً من إلغائها تماما.
مشاركة :