يسعى الكاتب والمخرج المسرحي التونسي منصف زهروني لنشر الوعي بخصوص حق المثليين في الكرامة وحرية التعبير من خلال مسرحية خيالية. تُصور مسرحية “عبور” الكفاح اليومي للمتحوّلين جنسيا في تونس وسط مناخ اجتماعي وسياسي واقتصادي متغير في البلاد التي تشهد حراكا اجتماعيا كبيرا في جو من الحريات ما زال مهددا. ومفتاح العمل المسرحي الذي تدور أحداثه في المستقبل، ما تقوله الشخصية الرئيسية “في أعماقك جوع للحب”، حيث تخوض ما يشبه الحوار مع صوت غامض تكاشفه أفكارها ويكاشفها هو بدوره عن واقعها وعن الزمن وأحلامها، وكأننا بها في حوار مع ضميرها، حوار باطني ومونولوج مكشوف. وتتواصل الأسئلة التي تخوض فيها الممثلة على الركح، الذي نجد في خلفيته سينوغرافيا لتوابيت مفتوحة، وكأنها نوافذ على النهاية أو هي نوافذ الهروب من الموت، فالبطلة تأبى الخضوع وتحاول أن تنقد الواقع السياسي المستقبلي بقوة وتعري انتهازية السياسيين الذين يعتبرون الدولة مجرد “كعكة” ولا بد لكل منهم أن ينال نصيبه الخاص منها. ويوضح زهروني أنه كتب مسرحيته عندما لاحظ أن التغطية الإعلامية لقضايا المثليين في تونس سلبية في كثير من الأحيان وغير دقيقة، كما تفتقر إلى الوعي المناسب للسياق وللمصطلحات. وقال مؤلف ومخرج مسرحية “عبور”، إن “الفكرة بدأت بعدما لاحظنا أن التعامل الإعلامي مع قضايا مجتمع العابرين والعابرات، المثليين والمثليات متواضع وضعيف الفهم. من هنا انطلقت فكرة المسرحية، لكننا لم نرد كتابة الواقع كما هو لذا قررنا تأليف مسرحية خيال علمي وفلسفي نحكي فيها على حكاية عابرة تونسية في المستقبل، وتحديدا في العشرين سنة الآتية، وكيف ستكون حياتها في خضم تطورات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي”. وتقوم الممثلة سنية الهذيلي بالدور الرئيسي في المسرحية التي تهدف إلى “تصوير الحياة من خلال عدسة خيالية وفلسفية” على مدار العشرين عاما القادمة. وقالت سنية الهذيلي “عبور تتناول عدة مواضيع منها الهوية الجندرية، لكن عندما نقول الهوية الجندرية فقط فهذا ظلم للعمل، فهي تتحدث عن عدة مواضيع أخرى، مثل تونس في المستقبل وكل ما يتعلق بالميتافيزيقا، هو عالم كامل قام بتصويره المخرج ثم جسّده على الركح، إذن لا يجب أن تكون عابرا حتى تشعر بشخصية تيتا، الشخصية التي أمثلها”. وقالت امرأة من جمهور المسرحية تدعى ليلى بن عمارة “أحببت المسرحية كثيرا. طريقة طرح الأفكار والكتابة جديدتان بالنسبة إلي، كما أن الشكل الذي قدم من خلاله الموضوع مختلف، رغم أن قضايا الجنس والجسد تبقى من المواضيع المعقدة. كما أحببت مقاربة ما سيحصل في تونس مستقبلا فهي مكتوبة بذكاء شديد ومضحكة أيضا”. وبصرف النظر عن المسرحية، يخطط مشروع “عبور” لإقامة مؤتمرات تعليمية في أبريل القادم، وكذلك نشر كتاب يضم نص المسرحية. وغالبا ما تستخدم القوانين التونسية موضوع “التعدي على الأخلاق” لقمع المثلية الجنسية. وتقول جمعية شمس التي تدافع عن حقوق المثليين في تونس إنه تمت إدانة 127 شخصا بالمثلية عام 2018، بزيادة 61 في المئة عن 2017. والشهر الماضي، قال رئيس جمعية شمس، المحامي منير بعطور، إنه اضطر للفرار إلى فرنسا بعد تلقيه تهديدات، وصفها بأنها “خطيرة للغاية”، من إسلاميين بقتله. ولم يتسن على الفور التواصل مع الحكومة للتعليق. وكشفت دراسة حديثة لشبكة أبحاث باروميتر العربية أن 7 في المئة فقط من التونسيين يتقبلون المثلية الجنسية.
مشاركة :