بعد سبع سنوات قضاها على رأس الإدارة الفنية لفريق دورتموند ودع يورغن كلوب بطريقة حزينة جماهير النادي بعد خسارته في نهائي كأس ألمانيا، لينمح المشعل لخلفه توماس توخل الذي سيتولى مهمة الإشراف على فريق دورتموند الألماني. يبدو أن الحظ العاثر صمم على ملازمة فريق بوروسيا دورتموند الألماني حتى آخر مباراة له هذا الموسم. فبعدما كان أسود فيستفاليا، وهو لقب فريق دورتموند، يمنون النفس بإنقاذ موسمهم المتعثر من خلال إحرازهم لكأس ألمانيا، تكبد الفريق هزيمة مريرة أمام نظيره فولفسبورغ في نهائي كأس ألمانيا أمس السبت (30 مايو/ أيار 2015). قبل المباراة كانت كل المؤشرات توحي بأن دورتموند في طريقه للتتويج بلقب كأس ألمانيا، فاللاعبون كانت تحذوهم رغبة كبيرة في الفوز بالكأس للمرة الثانية في تاريخ النادي وبالتالي إعادة البسمة للجماهير العريضة التي عانت كثيرا هذا الموسم بسبب خروج فريقها من مسابقة دوري أبطال أوروبا واحتلاله مراكز متأخرة في ترتيب أندية بونديسليغا في أغلب فترات هذا الموسم. عشرات الآلاف من المشجعين رافقوا فريقهم إلى الملعب الأولمبي في برلين الذي احتضن المباراة النهائية، كما تجمع عدد مماثل في ساحة فريدن بلاتس الشهيرة وسط دورتموند لمتابعة المباراة عبر شاشات عملاقة. في بداية المباراة كانت الأمور تسير وفق ما يتمناه دورتموند، حيث كان رفاق ماركو رويس هم السباقون إلى التسجيل عبر الغابوني المتألق إيمريك أوباميانج في الدقيقة الخامسة من زمن الشوط الأول. وقد ألهب هذا الهدف حماس جماهير دورتموند وتفاعل معه كثيرا المدرب يورغن كلوب الذي يخوض آخر مباراة له مع فريق أسود فيستفاليا. وكان كلوب يأمل في الفوز بالكأس وتقديمه هدية لجماهير دورتموند التي ظلت تشجعه وتدعمه طيلة سبع سنوات قضاها على رأس الإدارة التقنية لفريق دورتموند. بيد أن فريق فولفسبورغ، الذي كان مصرا بدوره على الاحتفال بلقبه الأول في مسابقة كأس ألمانيا، كان له رأي آخر. فقد تمكنت كتيبة المدرب ديتر هيكينغ في أقل من 16 دقيقة من قلب الطاولة على دورتموند وحولت تأخرها بهدف دون مقابل إلى فوز بثلاثة لواحد. فولفسبورغ استحق الفوز بعد تجاوزه لمرحلة التوتر التي ظهرت على الفريق في البداية بسبب قلة الخبرة في المباريات النهائية، أصبح فولفسبورغ أكثر تحكما في الكرة، كما نجح الفريق في إغلاق المنافذ على خط وسط دورتموند واعتمد على سرعة نجمه دي بروين ونجاعة مهاجمه الهولندي باس دوست. ومع مرور الوقت تأكد تفوق الذئاب وهو لقب فولفسبورغ، على أسود فيستفاليا، وهو ما دفع لاعبي دورتموند إلى ارتكاب أخطاء أسفر واحد منها عن هدف التعادل الذي سجله لويس غوستافو في الدقيقة 22. وعلى غرار الكثير من مباريات دورتموند هذا الموسم ظهرت هفوات كثيرة على مستوى التغطية الدفاعية نجم عنها تسجيل باس دوست الهدف الثاني بضربة رأسية في الدقيقة 27 بعد أن نجح في الافلات من رقابة المدافع نفين سوبوتيتش. أما الهدف الثاني فحمل توقيع نجم فولفسبورغ هذا الموسم، البلجيكي كيفين دي بروين. وبهذا الفوز أكد فولفسبورغ أن احتلاله مركز الوصافة هذا الموسم في الدوري الألماني وبلوغه ربع نهائي الدوري الأوروبي لم يكن وليد الصدفة بل جاء نتيجة عمل كبير تقوم به الإدارة التقنية لفريق الذئاب بقيادة المدرب ديتر هيكينغ. وقال المدرب الألماني الذي يتوج باللقب الأول في مسيرته: أنا فخور جدا بفريقي، في حين قال مدير النادي كلاوس ألوفس: ما بلغناه اليوم هو ثمرة عملي مع ديتر هيكينغ. نهاية محزنة لحقبة كلوب أمام أعين زوجته أولا مباراة دورتموند أمام فولفسبورغ في نهائي كأس ألمانيا كانت آخر مباراة ليورغن كلوب مع دورتموند بعد سبع سنوات من العمل المشترك. وكان كلوب يمني النفس في إنهاء مشواره مع دورتموند بالفوز بلقب كأس ألمانيا ليجعله مسك ختام لسنوات من التألق رفقة الفريق الأسود والأصفر. بيد أن خسارة فريقه في النهائي فوتت على كلوب فرصة الاحتفال، ولم يتمكن من حصر دموعه أمام أنظار زوجته أولا كلوب التي حضرت المباراة لتقديم الدعم المعنوي لزوجها في تلك المباراة. كما أحبطت هذه الهزيمة الاحتفال الكبير الذي كانت إدارة دورتموند قد هيأته للفريق في حال تتويجه باللقب، حيث كان مقررا أن تجوب حافلة تقل لاعبي دورتموند ومدربهم شوارع المدينة احتفالا بالتتويج. وقال كلوب: حالتي النفسية أقل من المتوسط الآن. أبذل جهدا كبيرا في الوقت الحالي للتعامل مع هذه الهزيمة ... أعلم أن الجميع يرغبون في معرفة شعوري. وأضاف: لكن إذا بدأت في ذلك ستنهمر الدموع. خسرنا مباراة ولا يمكنني التظاهر بأنني أهم شخص في العالم. رغم ذلك يبقى كلوب أفضل مدرب مر في تاريخ نادي دورتموند على الإطلاق ، حيث أحرز مرتين لقب الدوري الألماني ومرة واحدة لقب كأس ألمانيا، كما نجح في إيصال الفريق للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا. توماس توخل مطالبا بالسير على منوال كلوب توماس توخل، خليفة كلوب في تدريب دورتموند، سيكون مطالَبا بالسير على نفس المنوال وتحقيق إنجازات مماثلة، بيد أن مهمة هذا المدرب الشاب الذي لم يتجاوز عمره 42 عاما لن تكون سهلة، لمجموعة من العوامل منها: أن الكثير من اللاعبين الأساسيين في فريق دورتموند قد أعلنوا نيتهم ترك النادي على غرار لاعب خط الوسط إلكاي غوندوغان وماتس هوملس، بالإضافة إلى اعتزال القائد سيبستيان كيل. كل ذلك سيجعل توخل أمام تحدي إعادة هيكلة الفريق وإيجاد بدائل لللاعبين الذين سيغادرون الفريق. إضافة إلى ذلك فإن جماهير دورتموند التي تعودت أن ترى فريقها ينافس على الألقاب، ستظل تنتظر من مدربها الجديد أن يعيد الفريق إلى سكة الانتصارات في أقرب وقت، وهو ما قد يشكل عبئا إضافيا على توماس توخل. لكن بالنظر إلى خصائص مدرب دورتموند الجديد والذي يتميز بدوره بالذكاء والحماس وحسن التواصل مع اللاعبين، مثل سلفه كلوب، فيمكن القول إن فرص نجاحه مع دورتموند قائمة، خصوصا وأن الظروف التي يتسلم فيها مسؤولية الإشراف على دورتموند شبيهة بعض الشيء بتلك التي تسلم فيها كلوب مسؤولية تدريب أسود فيستفاليا قبل سبع سنوات، حيث تمكن من بناء فريق شاب، نجح في ظرف وجيز من قهر أعرق الأندية الألمانية وتمكن من الفوز بلقب الدوري مرتين، وهو ما قد ينجح فيه أيضا توخل شريطة أن تمنحه جماهير وإدارة دورتموند الوقت الكافي.
مشاركة :