مساع حثيثة لاستغلال مهارات روابط الخريجين في الجامعات

  • 10/28/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

باريس: جيني مارك* قضت أنيتا ستراوجوما، مديرة شؤون علاقات الخريجين بالجامعة التقنية في ريغا بدولة لاتفيا، معظم الوقت من العام المنصرم في حملة قامت بها وحدها. وقد كانت تبحث - من خلال التحرك ذهابا وإيابا بين مديري وأساتذة القسم - عن أي عضو من أعضاء طاقم التدريس يرغب في المشاركة العلنية لقصة إيجابية بشأن فترة وجوده بالمدرسة. «كان لدينا تعاون جيد للغاية مع أقسام علوم الحاسب الآلي والهندسة المعمارية»، حسبما صرحت به ستراوجوما في حديثها عبر الهاتف من مكتبها في ريغا، مضيفة: «بيد أن أفراد الأقسام الأخرى كانوا مترددين». وكانت الجامعة قد عينت ستراوجوما في شهر سبتمبر (أيلول) سنة 2012 لرئاسة أولى رابطات الخريجين. ومن خلال مساعدة اثنين فقط من الطلبة بدوام جزئي، فإنها تبدأ في تأسيس هذه العملية من الصفر. وقررت ستراوجوما أن عرض بعض قصص النجاح الدراسي ستكون أحد الطرق لبناء علاقات مع الخريجين، وكذلك تشجيع معنى الاعتزاز والافتخار بالجامعة الأم بين الطلاب السابقين. ومع ذلك، فبينما كان بعض زملاء العمل متحمسين لتقديم المساعدة في هذا الصدد، بحسب ستراوجوما، فإن البعض الآخر لم يكن كذلك. نظر المشككون إلى المشروع على أنه تبديد للأموال أكثر من كونه مصدرا جديدا من مصادر التمويل. وأردفت ستراوجوما قائلة: «إنهم قلقون بشأن الرسوم الإدارية المتزايدة، كما أنهم يتخيلون أن رابطة الخريجين عبارة عن مجرد نفقات إدارية». وأضافت قائلة: «مسألة تعزيز العلاقات بالخريجين تعد استثمارا على المدى الطويل. لو كنا بدأنا العام الماضي، لما وجدنا تدفقا لتبرعات الخريجين هذا العام. ولكن يتعين عليك (توطيد الصداقة والود) أولا قبل أن يمكنك (جمع الأموال)». وتشير ستراوجوما قائلة: «إنني أفكر في أوروبا بوجه عام، حيث تبدأ الجامعات في تجربة وسائل مختلفة لتوفير موارد مالية، وتعد هؤلاء الخريجين بمثابة بارقة أمل للدعم المالي في المستقبل. وربما يتوقع البعض حدوث هذا الأمر بشكل سريع جدا». وليست ستراوجوما هي الوحيدة التي تحاول البدء في تكوين العلاقات، أو تعزيزها، مع الخريجين. وفي ظل تضييق عملية التمويل الحكومي للجامعات الأوروبية باستمرار، وزيادة انتشار التعليم العالي على المستوى الدولي، يكرس الإداريون قسطا متزايدا من الوقت والموارد لمتابعة الطلاب السابقين والتواصل معهم، لكن قبل أن يمكنهم التفكير في جني أي ثمار، فإنهم يحتاجون إلى وضع الأساسيات أولا. «ربما كان ينظر إلى وجود علاقات بالخريجين في السابق على أنه شيء رائع»، وفقا لما ذكرته كيت كامبل، المديرة التنفيذية للقسم الأوروبي لمجلس تطوير ودعم التربية والتعليم. وأشارت قائلة: «في الوقت الحالي، تعيد الجامعات تفكيرها جوهريا بشأن علاقاتها مع الطلاب والخريجين». وأضافت كامبل: «أعتقد أننا في الأيام الأولى فقط من بداية هذه العملية». تعتبر مسألة الشكوك بشأن تمويل الدولة هي الدافع الأساسي وراء الاهتمام المتزايد بتوسيع نطاق التواصل. وقد كشفت دراسة أصدرتها رابطة الجامعات الأوروبية في شهر يونيو (حزيران) عن أن التعليم العالي قد فقد بعضا من التمويل المخطط له في أكثر من نصف الدول التي شملها المسح على مدار السنوات الأربع الماضية. وفي ثلثي هذه الدول، كان هناك تراجع حقيقي بعد وضع مسألة التضخم في الاعتبار. وفي ضوء الحقيقة التي مفادها أن التمويل الحكومي لم يعد يعتمد عليه، تبحث الجامعات عن طرق لتنويع عائداتها. ويتضمن ذلك وضع رسوم تعليمية أو زيادتها، وكذلك الوساطة لإبرام تعاقدات مع المؤسسات وطلب التبرعات. وطبقا لما ذكرته رابطة الجامعات، ففي الوقت الحالي تشكل مؤسسات الأعمال الخيرية، وهي الفئة التي يندرج تحتها تبرعات الخريجين، نحو 4 في المائة من ميزانيات الجامعة عبر أوروبا. ويتوقع الخبراء استمرار ارتفاع هذه النسبة. «تبحث العديد من المؤسسات عن مصادر تمويل بديلة»، حسبما يقول توماس إيسترمان، رئيس قسم الإدارة والاستقلال والتمويل بالرابطة. وأردف قائلا: «ولكن من المؤكد أن هذه المصادر ليست كبيرة للغاية بحيث يمكن أن تحل محل التخفيضات الهائلة في الدول المستقلة». وتحظى بعض المدارس بعلاقات غير مقيدة مع طلابها السابقين لمدة سنوات. ومع ذلك، بدأ المديرون في التحول نحو هؤلاء الطلاب باعتبارهم متبرعين محتملين، يجب عليهم أولا إرساء ثقافة التعامل مع الخريجين. وقد تبدو مسألة إقامة علاقات مستمرة مدى الحياة مع المدرسة (أو الجامعة) أمرا دارجا في الولايات المتحدة الأميركية، وبدرجة أقل في بريطانيا، ولكن في الواقع هذه العلاقات هي نتاج سنوات من التهذيب الدقيق، وهو الأمر الذي لم تضعه معظم الجامعات الأوروبية في أولوياتها حتى وقتنا الحاضر. «في واقع الأمر، لم تكن هناك حاجة لتطوير هذه الثقافة بين الخريجين بسبب عدم وجود أموال قادمة من الدول لدعم الجامعات والمؤسسات»، وفقا لما ذكره جون أربوليدا، استشاري علاقات الخريجين والمدير السابق لشؤون الخريجين الدوليين بكلية إدارة الأعمال بجامعة إيساد في برشلونة، في اتصاله الهاتفي من إسبانيا. وأضاف أربوليدا قائلا: «ولذلك، فلا توجد عادة أو ثقافة بشأن كيفية تنفيذ هذه العملية. ولا يعني ذلك أنه ليس بالإمكان دعمها أو تعزيزها، ولكن كل ما تحتاج إليه هو أن تحدث فقط». وللمساعدة في غرس هذه الثقافة، بدأ الإداريون في البحث عن الإرشاد التخصصي. في شهر أغسطس (آب)، حضر المؤتمر الأوروبي السنوي لمجلس تطوير ودعم التربية والتعليم، الذي يعد ملتقى مديري الجامعات، أكثر من 960 شخصا. ورغم أن نحو نصف الحضور كانوا من الجامعات البريطانية، كان ثلث الحاضرين تقريبا من باقي القارة الأوروبية. ومن أجل الوفاء باحتياجاتهم، تضمن جدول الأعمال وجود خمس ورش عمل جديدة لعلاقات الخريجين، بالإضافة إلى جلسات خاصة بجمع التبرعات والتسويق والاتصالات. وقد شهدت إحدى الجلسات، التي عقدت على وجه الخصوص للوافدين الجدد في مجال علاقات الخريجين، حضور أكثر من 50 شخصا، حيث جرى استخدام برامج دانماركية ومجرية كنماذج لشرح الأساليب والطرق الأساسية. وتركزت إحدى الجلسات الأخرى على الروابط بعد الجامعية التي يديرها شخص واحد، مثل الرابطة الخاصة بـ«ستراوجوما». وناقشت الجلسة كيفية زيادة الموارد المحدودة إلى أقصى حد ممكن. وكانت الرسالة الرئيسة خلال المؤتمر متمثلة في الارتباط والتلاحم: قبل أن يأمل الإداريون اجتذاب التبرعات، فإنهم يحتاجون إلى مساعدة الخريجين في فهم فائدة هذا الأمر بالنسبة لهم؛ على المستويين الشخصي والمهني المتخصص. وتعد مواقع التواصل الاجتماعي إحدى نقاط الانطلاق في هذا الصدد، فمن خلال استخدام مواقع مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«لينكد إن»، يتسنى للإداريين تتبع الطلاب السابقين. ويمكن أن تساعد شبكات العمل أيضا في تسهيل التواصل المنتظم وتنظيم اللقاءات الاجتماعية. ومن أجل إشراك الخريجين بالفعل، بدأت غالبية برامج الخريجين في التعامل مع الاحتياجات الأكثر إلحاحا مثل التوظيف. وتقوم الكثير من الجامعات بتجديد خدماتها الاستشارية المتعلقة بالحياة العملية لكل من الطلاب الحاليين والخريجين. فعلى سبيل المثال، يعمل الإداريون في كلية الإدارة ببرشلونة على تطوير ندوات موجهة للحياة العملية بالاعتماد على المواقع الإلكترونية، حيث ستكون هذه الندوات متاحة مجانا للخريجين أواخر هذا العام. ولقد بدأ الإداريون أيضا في تسجيل اللقاءات التي يجريها أي محاورين يزورون الحرم الجامعي لتقديم نصائح تخص الحياة العملية لكي يتسنى إتاحة المحاضرات للطلبة السابقين على شبكة الإنترنت. «نحاول فقط أن نفهم ما يحتاجه خريجونا». هذا ما قالته راكيل فيليرو بي، رئيسة خدمات الخريجين وخدمات الحياة العملية بالكلية، مضيفة أن «ما يحتاجه الخريجون هو التطوير المهني التخصصي والتعليم المستمر». وتقر فيليرو بي بأن المساهمات المالية كانت السبب الرئيس وراء اتخاذ الكلية قرار تطوير العلاقات بالخريجين. بيد أنها تعترف أيضا بأن الطلاب السابقين لن يبدأوا في تقديم تبرعات كبيرة قبل سنوات. ومثلما هو الحال بالنسبة للعديد من المتخصصين الآخرين الذين يقومون بنفس دورها، تقول فيليرو بي - رغم ذلك - إنها أدركت الفوائد والمزايا الأخرى لوجود برنامج قوي للخريجين. وأوضحت قائلة: «إن خريجينا هم الممثلون لنا في المجتمع، حيث يمكنهم أن يمنحونا وجاهة اجتماعية وأن يساعدونا في جذب طلاب جدد». وأضافت فيليرو بي: «هؤلاء الخريجون قد لا يمنحوننا المال، بيد أنهم يعطوننا أشياء أخرى». ورغم طبيعة هذا الاستثمار طويل الأجل، تقول غالبية الكليات التي تطور برامج الخريجين إن ميزة اكتساب سمعة طيبة وحدها تستحق الجهد المبذول. فقدرتك على توضيح مكان توظيف الخريجين، على سبيل المثال، تساعدك على اجتذاب طلاب جدد كل عام. وتقول بعض الكليات إن الجهود بدأت بالفعل في تحقيق عائد مادي. وقد خصصت الجامعة الكاثوليكية بالبرتغال الواقعة في مدينة بورتو - والتي بدأت برنامجها في عام 2009 - منحة للطلاب الحاليين قدرها 50.000 يورو أو نحو 68.000 دولار، وهو المبلغ الذي تبرع الخريجون بنصفه على مدار عام ونصف. قبل السعي للحصول على التبرعات، بدأت الجامعة في إرسال رسائل نشرات إخبارية أسبوعيا للطلاب السابقين لإعلامهم بفرص العمل المتاحة وإنشاء موقع إلكتروني للخريجين وتأسيس برنامج توجيه. «في حقيقة الأمر، لا توجد ثقافة التبرع الخاص في البرتغال»، وفقا لما ذكرته مارتا لوز، إحدى الإداريين بالجامعة، في رسالة عبر البريد الإلكتروني. وأردفت لوز قائلة: «تتغير الاتجاهات، ورغم أنها تتغير ببطء، فإنها تتغير بكل تأكيد. ويجب على الجامعات أن تتغير أيضا، فبدلا من الطلب فقط، نحاول تعزيز الشراكات ورد جزء، ولو يسيرا، من الجميل لمن يقدمون لنا المساهمات». * خدمة «نيويورك تايمز»

مشاركة :