رهاب الآسيويين يتمدد مع انتشار فيروس كورونا

  • 2/5/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حمل انتشار فيروس كورونا المستجد في أنحاء العالم معه رهاب الأجانب، إذ بات الآسيويون يجدون أنفسهم موضع شك وريبة أينما حلّوا. أصيبت الطبيبة الجرّاحة ريا ليانغ بالصدمة عندما رفضت مريضة في مدينة غولد كوست الأسترالية السياحية مصافحتها، عازية الأمر إلى الفيروس الذي أودى بالمئات. لكن بعد نشر تغريدات عن الحادثة والحصول على سيل من الردود، أدركت الطبيبة أن تجربتها هي في الواقع ممارسة شائعة. وتزايدت التقارير عن تعرّض أشخاص من ذوي أصول آسيوية لخطاب مناهض للصين، بغض النظر عن مسألة إن كانوا سافروا إلى بؤرة الفيروس أو تعرّضوا له. وذكرت تقارير إعلامية أنه تم البصق على سيّاح صينيين في فينيسيا الإيطالية، بينما اتّهمت عائلة في تورينو بحمل الفيروس، فيما استخدمت أمّهات في ميلانو وسائل التواصل الاجتماعي لحض الأطفال على الابتعاد عن زملائهم الصينيين. المعلومات المضللة تؤدي إلى تكوين فرضيات مزعجة بشكل عميق بشأن الأشخاص الذين يبدون صينيين أو آسيويين وفي كندا، أظهر تسجيل مصوّر شخصا أبيض البشرة يقول لامرأة صينية – كندية “أوقعت فيروس كورونا الذي تحملينه” داخل موقف للسيارات في أحد مراكز التسوّق. أما في ماليزيا، فحظيت عريضة تدعو إلى “منع الصينيين من دخول بلدنا الحبيب” بنحو 500 ألف توقيع خلال أسبوع. وتشكّل الحوادث جزءا مما وصفتها “كليّة أسترالاسيا للطب الطارئ” بـ”المعلومات المضللة” التي تقول إنها تغذّي “تصنيف الأشخاص على أساس عنصري”، حيث يتم “تكوين فرضيات مزعجة بشكل عميق بشأن الأشخاص الذين يبدون صينيين أو آسيويين”. ولطالما ترافق المرض مع الشك بالأجانب انطلاقا من ربط المهاجرين الأيرلنديين بـ”تيفوئيد ماري” في مطلع القرن الماضي في الولايات المتحدة، وصولا إلى اتّهام جنود حفظ السلام النيباليين بجلب الكوليرا إلى هايتي لدى تعرّضها لزلزال العقد الماضي. وقال مدير الصحة والأمن الحيوي في هيئة البحوث الأسترالية روب غرينفل “إنها ظاهرة شائعة”. وأضاف “مع تفشّي الأوبئة عبر تاريخ البشرية، لطالما حاولنا تحقير مجموعات سكّانية محددة”، مشبّها هذا السلوك بأوروبا في القرون الوسطى عند تفشّي الطاعون، حيث كثيرا ما تم تحميل الأجانب والمجموعات الدينية المسؤولية. وأفاد في معرض حديثه عن فيروس كورونا المستجد “بالتأكيد ظهر في الصين، لكن هذا ليس سببا لتحقير الشعب الصيني”. وفي مقال نشره في “المجلة الطبية البريطانية”، حذر الطبيب أبرار كاران من أنه من شأن هذا السلوك أن يثني الأشخاص الذين يعانون من عوارض المرض عن الاعتراف بالأمر. وبدورها، أشارت المحاضرة في مجال الصحة في جامعة سيدني كلير هوكر إلى أن ردود فعل الحكومات قد تكون فاقمت من حدة الأحكام المسبقة. وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أي “إجراءات تشكّل تدخلا لا معنى له في التجارة والسفر الدوليين”، إلا أن ذلك لم يمنع العشرات من الدول من إصدار قرارات حظر سفر. ومنعت دولة ميكرونيزيا الصغيرة في المحيط الهادئ مواطنيها من زيارة البر الصيني الرئيسي. وقالت هوكر إن قرارات “حظر السفر تستجيب بمعظمها لمخاوف الناس”، وفي حين تكون مبررة في بعض الأحيان، إلا أنها عادة ما يكون لديها أثر على “ترسيخ الربط بين الصينيين والفيروسات المخيفة”. وأشارت الطالبة في سيدني والمولودة في شنغهاي آبي شي إلى أن المواقف التي أظهرها بعض أقرانها “تحوّلت إلى هجوم على الطلبة الصينيين”. وبينما نفت الحكومة الأسترالية المحافظة دخول مواطنيها العائدين من ووهان، المدينة الصينية التي كانت بؤرة انتشار الفيروس، إلى جزيرة نائية حيث فرضت عليهم حجرا صحيا، لا يزال الآلاف من الطلبة العالقين في الصين يواجهون خطر حرمانهم من إكمال دراستهم. وقالت شي “يبدو حاليا أن عليهم التغيّب عن بداية الموسم الدراسي وحتى العام بأكمله، بسبب طريقة وضع المناهج الدراسية”. وتشير هوكر إلى أن دراسات أجريت في تورونتو بشأن تداعيات فيروس سارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد) الذي انتشر في 2002 و2003، أظهرت أن أثر المشاعر المرتبطة برهاب الأجانب امتد عادة لفترة تجاوزت بكثير حالة الخوف الصحية العامة. وقالت “بينما قد تتوقف أشكال العنصرية المباشرة مع تراجع الأنباء الواردة بشأن المرض، إلا أن تعافي الاقتصاد قد يستغرق وقتا أطول بينما يتواصل شعور الناس بأنهم ليسوا بأمان”. وقد لا يسارع الناس للعودة إلى المتاجر أو المطاعم الصينية، ومن الممكن حتى أن يستجيبوا لبعض المعلومات المضللة المتناقلة على وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار منشور لاقى رواجا دعا الناس لتجنب تناول وجبة النودلز حفاظا على سلامتهم. وقالت “إلى حد ما، قد يعتقد المرء أن التداعيات تواصلت من آخر (موجة) فيروس كورونا حتى الآن، إذ استمر تصوير الصين على أنها مكان تتفشى منه الأمراض”.

مشاركة :