سارعت الحكومة الانتقالية بالسودان إلى التنصل من اللقاء الذي جمع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا، حيث اتفق الطرفان على بدء التعاون المشترك تمهيدا لتطبيع العلاقات بين البلدين. وسيعقد مجلس الوزراء السوداني، الثلاثاء، اجتماعا طارئا، برئاسة رئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك و رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان لمناقشة لقاء الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو. وأكدت الحكومة الانتقالية أنه لم يتم الإخطار أو التشاور مع مجلس الوزراء بشأن اللقاء المثير للجدل، وأنها علمت باللقاء من خلال وسائل الإعلام. وجاءت زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني بالتزامن مع وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى كامبلا تلبية لدعوة من الرئيس يوري موسيفيني. ويرى مراقبون أن زيارة البرهان غير المعلنة إلى أوغندا كانت تهدف بالأساس إلى عقد لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وتم التخطيط لها من قبل على ذلك الأساس. وقال فيصل محمد صالح وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية "تلقينا عبر وسائل الإعلام خبر لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عنتبي باوغندا". وأضاف صالح في بيان صاد عن الحكومة "لم يتم إخطارنا أو التشاور معنا في مجلس الوزراء بشأن هذا اللقاء، وسننتظر التوضيحات بعد عودة السيد رئيس مجلس السيادة". من جانبه، أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن شكره لرئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان على مبادرته لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد لقاءه رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، ووجه له دعوه إلى زيارة واشنطن. جاء ذلك في اتصال هاتفي، حيث "أكد بومبيو والبرهان على رغبتهما المشتركة في تحسين مشاركة السودان الفعالة في المنطقة والمجتمع الدولي والتزامهما بالعمل من أجل إقامة علاقة ثنائية أميركية سودانية أقوى وأكثر صحة". وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن لقاء البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي، سبقته بيوم دعوة وجهها مايك بومبيو إلى رئيس مجلس السيادة السوداني لزيارة الولايات المتحدة. وتسعى السلطات الانتقالية إلى شطب السودان من لائحة الدول الداعمة للإرهاب وفك عزلته إقليميا ودوليا، من بوابة التطبيع مع إسرائيل الذي سيدفع بدوره الإدارة الأميركية إلى دعمه في المرحلة الانتقالية الصعبة. وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن إسرائيل والسودان اتفقا على بدء تطبيع العلاقات، وأضاف المسؤول في بيان “يعتقد نتنياهو أن السودان بدأ يتحرك في اتجاه جديد وإيجابي.. عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني يرغب في مساعدة بلده على المضي قدما في عملية تحديث من خلال إنهاء عزلته ووضعه على خريطة العالم”. ونقلت مصادر صحافية عن نتنياهو قوله إنه يعتقد أن السودان يتحرك في اتجاه جديد وإيجابي، وأنه أبلغ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بذلك. ويتوقع محللون بأنه على ضوء هذه النقلة الحاصلة على الخط الإسرائيلي السوداني أن تقدم واشنطن على هذه الخطوة. ومن المرجح أن تثير زيارة البرهان وأي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل جدلا مع كثيرين داخل السودان وخارجه في العالم العربي، وبخاصة في وقت يروج فيه نتنياهو لخطة سلام أميركية جديدة يرفضها الفلسطينيون رفضا قاطعا. وعلى ضوء هذه التطورات نفذ عشرات السودانيين وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء بالعاصمة الخرطوم رفضا للقاء البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رافعين شعارات من قبيل "لا للتطبيع مع إسرائيل"، "فلسطين عاصمة الإسلام الأبي". وفي أول ردة فعل من الجانب الفلسطيني، وصف المسؤول البارز صائب عريقات اجتماع البرهان مع نتنياهو بأنه "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني وخروجا صارخا عن مبادرة السلام العربية"، وجاء ذلك في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية. وكانت إسرائيل تعتبر السودان فيما سبق تهديدا أمنيا للاشتباه بأن إيران تستخدم أراضيه ممرا لتهريب الذخائر لقطاع غزة. لكن منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في العام الماضي نأت الخرطوم بنفسها عن إيران، ويقول مسؤولون إسرائيليون إنها لم تعد تمثل مثل هذا التهديد. وملف تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان ليس حديث العهد حيث يعود إلى زمن البشير، وجرت بين مسؤولي البلدين لقاءات عدة في عدة مدن بينها إسطنبول التركية للتمهيد لها. وسبق وأن طرحت التشاد العام الماضي الوساطة بين الخرطوم وتل أبيب خلال عهد الرئيس المعزول عمر البشير.
مشاركة :