في حي فقير يتجنبه الناس في شمال لشبونة، يتأمل السياح في لوحة جدارية ضخمة لامرأة سوداء ترفع عن وجهها قناعًا أبيض، وهي رمز قوي في هذا المكان الذي تحولت أبنيته إلى معرض فني مفتوح. تقول المرشدة إيمانويلا كاليمبا، خلال زيارة للحي، إن هذه اللوحة التي رسمها الفنان الأنغولي- البرتغالي، نومن هي، بلا شك «اللوحة الأكثر أهمية» بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعيشون في مشروع كوينتا دو موتشو لأنه «يلخص تاريخنا»، وفق «فرانس برس». وتضيف هذه المرأة، التي تبلغ من العمر 30 عامًا، لمجموعة مؤلفة من نحو 50 زائرًا: «هي ترمز إلى القناع الاجتماعي الذي يجب على سكان الحي وضعه في الخارج. فبهدف التقدم إلى وظيفة ما أو الذهاب إلى المدرسة، يتعين علينا في كثير من الأحيان إعطاء عنوان مزيف لتجنب قول من أين أتينا». وتم إنشاء هذا المجمع المؤلف من أبنية يضم كل منها أربعة طوابق في نهاية القرن، في منطقة تقع بين المطار ووسط المدينة لإيواء ثلاثة آلاف شخص معظمهم من المستعمرات البرتغالية السابقة في أفريقيا. وأدت النسب المرتفعة للبطالة والجريمة، إضافة إلى نقص المواصلات العامة، إلى اعتبار هذه المنطقة «محظورة» ويرفض سائقو سيارات الأجرة الدخول إليها. في العام 2014، قرر المسؤولون المحليون تحسين صورة المنطقة، ودعوا الفنانين البرتغاليين والأجانب لرسم لوحات جدارية في ما يطلقون عليه الآن «أكبر معرض فني في الهواء الطلق في أوروبا». وتشمل الأعمال الفنية حمامة مرسومة بألوان قوس قزح وامرأة أفريقية تضع عمامة متعددة الألوان وصورة بالأسود والأبيض لأيقونة الريغي، بوب مارلي. وأصبحت هذه الأعمال التي أنجزها فنانون من أنغولا والبرازيل وفرنسا وليبيريا والبيرو والبرتغال وروسيا والسلفادور وإسبانيا والأوروغواي وبلاد أخرى، تجذب مئات الزوار. وتعجب المتقاعد سيلسو رودريغيس من نجاح «الرسامين في تحويل هذا الحي المتدهور والحزين نوعًا ما بشكل مذهل!». وتوضح كاليمبا: «لن نحل كل المشكلات من خلال تغطية الجدران بالطلاء» لكن المشروع ساعد على تغيير بعض العقليات وإعطاء السكان «القليل من احترام الذات» من خلال «الإظهار للعالم الخارجي أن الحي يتغير». ويقول مسؤولون محليون إنه منذ رسم الجداريات، بدأ خط الحافلات يمر في المنطقة وتضاعفت النشاطات الثقافية فيه كما انخفض معدل الجريمة.
مشاركة :