أفاق مغردو موقع تويتر يوم السبت الماضي ليكتشفوا أن قصة الفتاة التي تعاطف معها كثيرون ولم أسمع أنا بها من قبل "سارة إبراهيم" التي تقول الرواية إنها مصابة بالسرطان؛ ليست إلا كذبة جديدة تضاف إلى مجموعة لا حصر لها من الكذبات التويترية التي تهدف في غالبها إلى ابتزاز المتعاطفين واللعب على مشاعر المندفعين لعمل الخير، دون أن يفكروا فيما إذا كان لذلك الإنسان أو ذاك محتاج حقيقي أو هو مجرد محتال لعين. سبق أن كتبت في هذه الزاوية مقالا بعنوان: "فاعل خير في البحر" حذرت فيه من الانجرار في مساعدة الغير دون حساب الاحتمالات التي قد توقع أي واحد منا في مشكلة عويصة لم يحسب لها حساب، فقلت: "إن ما نسمعه ونعيشه من مواقف غير محمودة لأشخاص قاموا بفعل الخير لمن لا يستحقونه أو قاموا بتقديم الدعم لتدور الأيام عليهم وينقلب عليهم ذلك الفعل بشكل سلبي، يدفعني للقول إن النية السليمة والقلب النابض بالإنسانية قد يضعان البعض في مواقف قد لا تحمد عقباها، فكم من إنسان قام بدفع كفالة مدين فوجد نفسه مطالبا بسداد دين لم يكن في يوم عليه، وكم من متبرع وجد ماله في يد انتهازي أو مدمن مخدرات أو ممول لأعمال تخريبية". قصة الفتاة سارة لم تكن إلا كذبة وخدعة لا زلنا ننتظر تكشف تفاصيلها، وما إذا كانت حيكت لأسباب ابتزاز المال للاستخدام الشخصي أم كانت وراءها جهات تمول بمال المستغفلين جماعات ومنظمات متطرفة أو إجرامية، فالضجة التي تلت انكشاف الكذبة يؤشر إلى أن هناك كثيرا من الشخصيات المؤثرة وغير المؤثرة التي صدقت وانجرفت خلف الكذبة التويترية بذرائع مختلفة، في وقت أجد نفسي مضطرا للتساؤل عن السبب الذي منعهم من التوجه بسياراتهم نحو المستشفيات والجمعيات المتعددة التي تعنى بمرضى السرطان لتقديم الدعم الذي لن يعرف عنه أحد! من مصائب تويتر وباقي وسائل التواصل الاجتماعي أنها تخلق في داخلنا منافقا صغيرا، والرياء يصبح في قاموسنا التخاطبي جزءا من لعبة التواصل مع المحيط، فتحولنا بفعل إغراء المديح ومسعى زيادة المتابعين إلى صيد سهل في يد تجار رأس مالهم عقول مستغفلة، امتزج فيها الرياء بالتعاطف وعمل الخير. بالمختصر أقول: عمل الخير له وسائله ومؤسساته الرسمية، فلا تكن صيدا سهلا لنرجسيتك المتضاربة مع حبك لعمل الخير.
مشاركة :