السوق يوفر فرصة للفتيان لاختيار شريكة الحياة تحت سمع وبصر الآباء والأمهات

  • 6/1/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تتمايل فتيات شابات على أنغام موسيقى البوب الغجرية وهن يرتدين أجمل ما لديهن من ملابس، ويتبرجن بمقادير وافرة من مستحضرات التجميل في محاولة منهن للفت أنظار الشبان الذكور الذين يتبخترون في الساحة بقمصان أنيقة تبدو للعيان من تحت ستراتهم الجلدية. ويعتبر الغجر من بين أفقر الناس الذين يعيشون في بلغاريا ويسعون إلى عقد زيجات ذات فوائد تعود بالنفع على الطرفين وتساعدهم على التغلب على تداعيات التردي المريع للاقتصاد البلغاري. وأضافت العولمة الكثير من الضغوط على الوضع الاقتصادي المتردي للغجر، وتشكل العائلات التي تجمعت في سوق العرائس بإحدى القرى المجاورة للعاصمة صوفيا جزءا من مجتمع يضم حوالي 18,000 من غجر "الكاليدزي" الذين يمارسون مهنة صنع القدور النحاسية وتلميعها. واحتشد في المكان حوالي 2000 شخص ممن أظهروا روحا معنوية عالية، ووفد العديد منهم بسيارات نصبت عليها مكبرات صوت تصدح بموسيقى بوب غجرية تكاد تصم الآذان. وينخرط الشباب من الجنسين في رقص محموم من فوق أسطح السيارات، بينما تسعى الفتيات إلى جذب أنظار الفتيان بكل ما لديهن من أناقة، ويتم اللقاء تحت سمع وبصر العائلات. ولا تتأتي كل محاولات الجذب هذه من انحلال بل من حقيقة أن الفتاة نادرا ما تتاح لها فرصة الاختلاط بالذكور في مجتمع الكاليدزي المسيحي الأرثوذوكسي المتزمت، الذي فيه تنتزع الفتاة انتزاعا من مقاعد الدراسة لدى بلوغها سن 15 عاما لحمايتها من تحرشات الشبان. ودونكا هيرستوفا واحدة من النساء الشابات التي قدمت للمعرض مع أفراد عائلتها، ولم تكن تختلف عن نديداتها زينة وجمالا وأناقة، وسرعان مما انخرطت في الرقص مع أخواتها بأمل أن تجد شابا يميل إليها. وتقول دونكا (19 عاما): "آمل أن التقي بشبان جدد وبأفراد عوائلهم حتى يتسنى لعائلتي أن تلتقي بهم، هذا تقليد جيد للغاية لأنه يساعد عائلتينا على مباركة زواجنا" وتضيف قائلة وهي تتوقف لبرهة عن الرقص: "أرغب في العثور على شاب يتسنى لي أن أتفاهم معه بسهولة ويسر. لا بد أن يكون شابا لا تتدخل أسرته في شؤوننا بعد الزواج. إنني أفضله شابا ليس بالغني ولا بالفقير شريطة أن يكون له عمل مناسب". ويبدأ العرض بأن يقف الشبان والشابات في مجموعتين منفصلتين وهم يلوحون لبعضهم البعض بينما يقف الآباء والأمهات من خلفهم، قبل أن ينخرط الجميع في رقص دائري متماسكي الأيدي. ويقام المعرض مرتين في العام كتقليد قديم تتوارثه الأجيال حيث يتنافس الشبان على طلب أيدي من يرغبون في الاقتران بهن. وإذا ما حدث توافق بين شاب وشابة، فإن المعرض يتحول إلى ساحة لمفوضات مالية بالغة التعقيد حول مقدار المال الذي ينبغي على أهل العريس دفعه لأهل العروس لإتمام الزواج. وشهد تكلفة الحصول على عروس انخفاضا كبيرا في السنوات الأخيرة بعد أن كان يتراوح بين5,000 و10,000 "ليف" (مابين حوالي 13,200 و25,800 ريال) نتيجة لعدم توفر الوظائف، وأصبحت حفلات الزفاف أكثر تواضعا نتيجة لضعف دخل الأسر، غير أن الأسعار مازالت تعانق عنان السماء إذا ما تنافس الخطاب على فتاة جميلة بكر، ويسترد أهل العريس كامل المهر إذا تبين أن العروس ليست بكرا. ويقول أحد الآباء: "إننا نحافظ على أخلاقيات الأطفال من خلال تزويجهم في سن باكرة". وفي هذا الصدد يقول كوستا كراتسيف عضو المجمع العلمي البلغاري، "هذه أول وأهم خطوة حاليا. ففي الماضي لم يكن الأهل يسألون الشباب عما إذا كانوا يميلون إلى بعضهم البعض. وعندما يقر الشاب والفتاة أنهما يميلان لبعضهما البعض ويبارك الأهل علاقتهما، تأتي الخطوة الثانية المتمثلة في التفاوض حول الثمن الذي ينبغي دفعه مقابل الحصول على عروس." ويثير الحديث حول بيع العرائس غضب أفراد طائفة الكاليدزي ويدفعون بأن معرض الزواج تقليد يحقق غرضه من خلال توفير حياة طيبة للعروس، وهذا ما تؤكد عليه إحدى الأمهات بقولها: "نأتي إلى هنا للالتقاء بالأسر والتعرف على ما إذا كانت قادرة ماديا على إعالة العروس".

مشاركة :