تجديد الخطاب الديني ليس تجديدا في ثوابت الدين الإسلامي ..مجمل الدين في الأخلاق .. والأخلاق الحسنة متعارف عليها من لدن آدم حتى قيام الساعة...تجديد الخطاب يعني تجديد طريقة إلقاء الخطاب، نوعية الخطاب، أسلوب وهيئة المنوط به إلقاء الخطاب.تجديد الخطاب الدينى يحتاج تدريب خارج نطاق المؤسسات الدينية..لو افترضنا جدلا أن أحد المصريين المسلمين وجه سؤالا لأحد رجال الدين كما يلي:إذا قامت حرب بين مصر وقطر أو تركيا... هل مشاركتي في تلك الحرب جائزة... خصوصا أننا سنحارب دولة مسلمة؟؟أعتقد أن رجل الدين في هذه الحالة لن يستطيع الإجابة نهائيا، فخلفيته الدينية محملة بحديث الصادق الأمين: "إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار"..وإذا أفتى بعدم جواز القتال في صف مصر... فهو بذلك يحرض على بلده..واذا أفتى بجواز القتال في صف مصر... فهو يخالف سنة رسول الله ويزج بالسائل إلى النار !!ولكن... إذا أخذ رجل الدين محاضرات من القيادات العسكرية والمخابراتية... توضح له وتبرز الحقائق بأن الإدارة القطرية والتركية ما هي إلا أدوات في يد أعداء الدين والأوطان... وأنهم مسلمون ولكنهم خائنون يفسدون في الأرض.إذا توفرت تلك القرائن لرجل الدين... فورا ستكون الفتوى قاطعة... بأن القتال في صفوف جيش مصر ضد قطر أو تركيا هو واجب ديني وواجب وطني... وسيكون استشهاده هنا بالآية الكريمة: "إنما جزاء الذين يُفسدون في الأرض أن تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف".إذن الفتوى هنا احتاجت خلفية سياسية ومخابراتية وعسكرية، إلى جانب الخلفية الدينية، وبدون تلك الخلفية من الممكن أن يفتي ضد دينه ووطنه بدون قصد وهو يظن كل الظن أن فتواه تخدم الدين.قس على ذلك كل الفتوى والخطابات المتعلقة بالمرحلة...فلو تدرب رجل الدين وفهم ظروف المرحلة بالمستند والدليل ... وأؤكد بالمستند والدليل.. ومن رجال موثوق بهم... لاختلف خطابه واختلفت فتواه بنسبة 180 درجة.وهذا بالضبط ما يفعله الآن الرئيس السيسي من خلال الأكاديمية... حيث يلتحق رجل الدين بعد انتهاءه من العلوم الدينية بالأكاديمية لتلقي العلوم السياسية والاقتصادية والعسكرية المتعلقة بالمرحلة... ليحدد من خلالها ما يناسبها من العلوم الدينية المراد إبرازها لإفادة الدين والوطن.تدريب رجل الدين ليواكب العصر ضرورة وامن قومى لما تستوعب تجربة أعداءنا في موضوع تجديد الخطاب الديني..الصهاينة عملوا دين الإخوان وأفرعه السلفية المتشددة، ووفرلوهم كل الدعم التقني للانتشار والتجديد..في البداية واكبوا مرحلة الستينات والسبعينات... وهي مرحلة المنابر... فدربوا رجالهم علي الإلقاء المستساغ من المصريين حينها. فقد كان الخطاب العام في تلك المرحلة خطاب حماسي محفز. فلو راجعنا خطابات ناصر سنعرف جيدا طبيعة خطابات تلك المرحلة الحماسية..ركبوا الموجة ونشروا دينهم بالخطاب الحماسي. وكلنا نتذكر أبرز رجالهم في هذه المرحلة "كشك".وفي مرحلة الثمانينات والتسعينات واكبوا عصر الكاسيت وأغرقوا مصر بشرائط الكاسيت المعبأة بالبارود الإخواني والسلفي المتطرف من خلال دعاه تدربوا داخليا وخارجيا على طريقة الإلقاء المناسبة للمرحلة. ومفيش حد فينا مش فاكر الفترة دي... ومفيش بيت مكنش فيه الشرايط دي... عذاب القبر...عذاب النار... النساء أكثر أهل النار... أنت ما بتصليش ليه.. وغيرها.ثم أتت الألفية ليواكبوا عصر الفضائيات والإنترنت... فملأوا الشاشات بالدعاه المدربين علي أعلى المستويات..شاشات مخصصة للفئة الفقيرة والمتوسطة وما يناسبها من جلباب ولحية محمد حسان وحسين يعقوب وغيرهم...وشاشات مخصصة لفئات رجال المجتمع وسيدات الأعمال وما يناسبها من بدلة وسهوكة عمرو خالد وغيرة..!!!وشاشات ومواقع تواصل لفئات الشباب الجامعي وما يناسبها من تيشيرتات وزحلقة مصطفي حسني ومعز مسعود وغيرهم..وعلى الأرض في القرى والأحياء مساعدات للأسر الفقيرة... تبني الطلبة الموهوبين. في الجامعات...الانتشار في اتحادات الطلبة من شبابهم المدرب جيدا على الاستقطاب عن طريق حسن التعامل... وتدشين مسابقات رياضية دينية وعلمية دينية.. إلخ.. ثم بنوك إخوانية وشركات تتعامل بدين الإخوان.هب أن شخصا نام سنة 1990 واستيقظ عام 2010...إذا فتح الراديو على إذاعة القرآن الكريم، سيشعر أنه لم ينم إلا ساعة واحدة..نفس البرامج.. نفس المذيعين..نفس الخطاب... نفس الدعاة مع اختلاف أسمائهم.وإذا استمع لحلقة من برنامج عمرو خالد أو مصطفى حسني وتم إخباره بأنهم إخوان... سيشعر أنه نام قرن كامل...!!!! لحداثة الخطاب وتطورة بسرعات مذهلة.هذا إلى جانب رجال الأعمال الإخوان الناجحين... يعتبر تجديد خطاب ودعاية إخوانية على مستوى الاقتصاد..لاعبي كرة قدم إخوان ناجحين... يعتبر تجديد خطاب ودعاية إخوانية على مستوى الرياضة.. وانتشار الإخوان في الجهاز الإداري والمجالس النيابية والمحلية.. تجديد خطاب ودعاية إخوانية على مستوى الإدارة.ماذا عنا نحن كمصر ودينها الإسلامي الوسطي..للأسف ...نفس الخطاب منذ الستينات بنفس الشخوص مع تغير الأسماء بنفس طريقة الخطاب بنفس الهيئة والمضمون..لا كوادر شبابية لمخاطبة الشباب... لا قنوات فضائية بها ما يناسب المرحلة من دعاة... لا كوادر أزهرية وسطية نيابية ولا كوادر منهم في مجالات الرياضة ولا الأعمال ولا ولا ولا..والجامع الأزهر و بعض المنابر وإذاعة القرآن الكريم بنفس هيئتهم وطريقتهم منذ الستينات.. وفقط.السؤال الملح هنا: من الذي طور وجدد الخطاب الديني الإخواني؟؟هل المرشد في كل مرحلة... أم مجموعة دعاة إخوان؟.بالطبع لا هذا ولا هؤلاء... فلا الإخوان ولا مرشدهم يستطيعون وضع خطط الانتشار في مجتمع... ولا كانوا يعلمون احتياجات الألفية الحالية ليجهزوا لها الدعاة الشباب المتنورين..ولا كانوا يعلمون أن الخطة هي إخمال الطبقة الدنيا والوسطى بشيوخ الفضائيات... ولا يدركون أنها مرحلة جذب الشباب ليجهزوا لهم ما يناسبهم من مستقطبين.كل ما كان يفعله قادة الإخوان في كل مرحلة الثمانينات.والتسعينات والألفية الحديثة هو انتقاء العناصر الجيدة وإرسالها للخارج لتدربها الإدارة الصهيونية في صربيا وأمريكا وتركيا وويلز وغيرها أكاديميا شكلا ومضمونا بما يتناسب مع متطلبات المرحلة والخطة الموضوعة فيعود لنا كادر إخواني ديني أكاديمي على أعلى مستوى.لو ترك الأمر لكبار الدعاة الإخوان... هل كانوا استطاعوا تجديد خطابهم أو إخراج تلك النماذج من الدعاة المناسبة للمرحلة؟؟ والله ولا بعد ألف سنة.مايفعله الرئيس السيسي حاليا بأكاديمية التطوير التي تحدث عنها الأعداء قاموا به منذ الستينات..يُرسل الأزهر مجموعة الدعاة المنتقين للإدارة لتدريبهم أكاديميا بما يتناسب مع متطلبات المرحلة.من 73... العدو طور وجدد نفسه مخابراتيا وعسكريا ودينيا ودعم الإخوان لهذه المرحلة..ونحن تطورنا مخابراتيا وعسكريا... وتركنا الجانب الديني لرجال الدين بدون تدريب وتطوير أكاديمي.إن تجديد الخطاب الديني مسئولية مشتركة بين الأزهر وإدارة الدولة والمجتمع والفرد..الرئيس السيسي جدد الخطاب الديني. فالمتعارف عليه لدى أغلب شعوب العالم في الفترة الأخيرة أن القائد العربي المسلم فاشل ضعيف خانع كاذب الوعود. وأثبت للجميع أنه ناجح قوي صاحب قرارة صادق الوعد. اللاعب محمد صلاح جدد الخطاب الديني وقدم للإسلام ما لم تقدمه الأمة الإسلامية بأكملها على مدار عقود. أثبت للجميع على غير ما لديهم من مفاهيم أن المسلم بشوش الوجه متقن لعمله ذكي متواضع محب كريم ودود. الدكتور مجدي يعقوب... شارك في تجديد الخطاب الديني. إصراره على التواجد في مصر، نفى عن مسلميها اضطهاد المسيحيين. وبعلاجة لقلوب البشر من كل بقاع الأرض، نشر معاني الرحمة والتي تدعوا لها جميع الرسالات، وأزال جبلا من الكراهية والتفرقة وضعها المتنطعون في قلوب بعض المسلمين جهلا تجاه إخوانهم المسيحيين. على الجميع تحمل مسئولياته في تجديد الخطاب الديني.. على الأزهر بالتعاون مع الأجهزة الأمنية نزع اللقب الأزهري عن كل إخواني أو متشدد داخل المؤسسة. وعليه إبعاد كل ما لا يتناسب مع العصر عن مناهجه. وإخراج أزاهرة أقوياء دينيا باختبارات صارمة. وعلى الإدارة أن تعد أكاديميات على أعلى المستويات العلمية، ومحاضرين من داخل المطبخ السياسي والعسكري والاقتصادي والدبلوماسي ولديهم خلفية دينية قوية حتى لا يتعارض ما يقدمونه مع مخزون الدارس الديني. وعلى المجتمع أن يقدم نموذجا أخلاقيا يناسب ما لديه من تاريخ عريق وتدين فطري، ليكون على قدر تطور مصر الحديثة..وعلى الفرد أن يتقن عمله ويُحكّم الأخلاق في تعاملاته... ويتق الله والوطن في تصرفاته. فذلك هو التجديد. ولأن الشيء بالشيء يُذكر يتضح أن الأزهر الشريف عليه "الربع" في تجديد الخطاب الديني بينما الدولة والمجتمع والفرد عليهم "ثلاث أرباع" التجديد.وللنخبة المزيفة اقول: اتقوا الله وابتعدوا عن ثوابت الدين ولا تفتوا في الاسلام بجهل حتى لا يقصمكم الله ..والله ستحاسبون على ما ادعيتم امام الله يوم القيامة. العلم يوجد الحلول حين تحتار العقول..اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
مشاركة :