تحذير في الكويت من مخطط لإطاحة رئيس الوزراء

  • 2/7/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حذّر مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمّة الكويتي (البرلمان) من أنّ مخطّطا يحاك لإقصاء رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح الذي لم يمض على تشكيل حكومته سوى حوالي خمسين يوما. واتّهم الغانم من سمّاهم بـ“الفاسدين والمفسدين وسرّاق المال العام” بالوقوف وراء مخططّ الإطاحة بالشيخ صباح الخالد الذي خلف على رأس الحكومة الشيخَ جابر المبارك الذي استقال في نوفمبر الماضي بسبب تفجّر خلافات حادّة داخل حكومته إثر تراشق بتهم التورّط في قضايا فساد بين وزيرين شيخين في الحكومة ذاتها. وجاء إسناد منصب رئيس الوزراء إلى الشيخ صباح الخالد تحت عنوان عريض هو محاربة الفساد والعمل على تأمين الاستقرار الحكومي الذي كان دائما عصيّا عن التحقّق بسبب توتّر العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وكثرة الاستجوابات التي يقدّمها نواب مجلس الأمّة للوزراء بدوافع غالبا ما تتجاوز مجرّد ممارسة الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة إلى دوافع حزبية وقبَلية، وأحيانا إلى دوافع شخصية وصراعات على السلطة والنفوذ والمكاسب السياسية والمادّية. ولقي رئيس الوزراء الجديد دعما كبيرا من أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي خاطبه أثناء أدائه وأعضاءَ حكومته القسمَ أمامه بالقول “أنت ثوبك نظيف، فحارب الفساد وحارب المفسدين”. وقال رئيس البرلمان مخاطبا رئيس الوزراء “أوصاك سمو الأمير بمحاربة الفاسدين والمفسدين. وأنا أقول لك أمام الشعب الكويتي إن الأوامر صدرت من الفاسدين والمفسدين وسرّاق المال العام بإقصائك سياسيا وسيُقدّم لك استجواب ليست له علاقة بنهج، وليست له علاقة لا بدستور ولا بقانون.. بل هدفه دفعك لتقديم كتاب عدم تعاون” وأطلق الغانم على ذلك الاستجواب اسما تهكّميا يدل على عبثيته هو “ليش لابس قحفية” (لماذا تلبس طاقية)، ووصف من سيقدمونه بأنّهم “يستجوبون بالتلفون ويسحبون استجواباتهم بالتلفون أيضا، وأنّهم لا يجيدون الكلام ويتم لذلك تقديم ما يطلب منهم مكتوبا سلفا”. كما حذّر من أنّ “هناك من لا يريد استقرار البلد ويعمل على تخريبه”. وشجّع رئيس البرلمان الشيخَ صباح الخالد على الصمود قائلا “أنت قادر على موازنة الأمور ومعك كل الشرفاء. والشعب الكويتي فطن يعرف كيف يميز بين من يمثل الفاسدين وسراق المال العام ومن يقدمون الاستجوابات لأنّ هناك أخطاء”، مؤكّدا أنّ قرار استجواب رئيس الوزراء اُتّخذ بالفعل وبقي فقط تحديد التوقيت المناسب. ولا تخلو الكويت من صراع على السلطة بين أعضاء في الأسرة الحاكمة وتتدّخل فيه قوى سياسية وشخصيات وأصحاب مصالح محسوبون على هذا الطرف أو ذاك. كما أن الفساد كثيرا ما مثّل في البلد الغني بموارد النفط مشكلة ترهق كاهل الدولة وتعيق تنفيذ برامج التنمية بالفعالية المطلوبة. وتقول مصادر سياسية كويتية إنّ إسناد رئاسة الوزراء للشيخ صباح الخالد سبب قلقا لدى عدّة دوائر مستفيدة من مناصبها ومكانتها في الدولة وداخل الأسرة الحاكمة كون الرجل “معروفا بنظافة يده وجديته في العمل ورغبته في الإصلاح”. وأبدى الشيخ صباح الخالد درجة من الجرأة لدى اختيار أعضاء كابينته الوزارية عندما لم يراع بعض التوازنات الحزبية وأقدم على إقصاء الإخوان والسلفيين من الحكومة رغم ما للطرفين من وزن ومن تغلغل في أجهزة الدولة، الأمر الذي قد يتسبّب له في بعض المتاعب ويجعل من حكومته هدفا للنواب المحسوبين على الطرفين. وأعطى هؤلاء “بروفة” أولية للحكومة بشأن قدرتهم على زعزعة استقرارها وذلك من خلال إطاحتهم السريعة بوزيرة فيها بالاستناد إلى استجواب نيابي وصف بالمفتعل والضعيف والمعدّ سلفا قبل أن تمارس الوزيرة مهامها. واضطرت غدير أسيري التي كان الشيخ صباح الخالد قد اختارها لحمل حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية، الأسبوع الماضي، إلى تقديم استقالتها وذلك أياما قبل جلسة برلمانية مخصصة لطرح الثقة عنها بعد مناقشة استجواب لها في البرلمان تقدّم به نائب في مجلس الأمّة اتّهمها فيه بـ“الإخلال بمبدأ التعاون بين السلطات والحنث بالقسم الدستوري”. وجاءت الاستقالة تحت ضغط شديد مارسه على الحكومة الإخوان المسلمون والسلفيون الذين لم يكونوا فقط، في صراع فكري وأيديولوجي مع الوزيرة المحسوبة على التيار الليبرالي، ولكنهم كانوا أيضا في صراع مصلحي معها جسّدوه برفضهم لها منذ إعلان اسمها ضمن تشكيلة حكومة الشيخ صباح الخالد، بعد تعيينها على رأس وزارة تمثّل شريان حياة ومصدر تمويل لتيار الإسلام السياسي الكويتي، حيث تشرف وزارة الشؤون الاجتماعية على ملفّ الجمعيات الخيرية وتتولى تنظيم عملية جمع التبرّعات وهو المجال الذي ينشط فيه السلفيون والإخوان بقوّة لجمع التمويلات اللاّزمة لأنشطتهم ولشبكاتهم الممتدّة داخل الكويت وخارجها. وبدا السبب الذي استند إليه النائب عادل الدمخي لاستجواب أسيري ضعيفا حيث تذرّع بردّها على منتقديها باتهامها لهم بترويج الإشاعات الأمر الذي اعتبره النائب في صحيفة الاستجواب “طعنا في نواب الأمة والتهكم عليهم وعلى قواعدهم الانتخابية”. وتعليقا على الإطاحة بالوزيرة قال الكاتب السياسي الكويتي فيصل الشريفي “ازدادت قناعتي بأن الاستجواب البرلماني لا يخضع لأي معايير موضوعية، وأن الموضوع برمته عرضة للمساومات السياسية، وبقاء الوزير من عدمه يعتمد على الغطاء السياسي والاجتماعي والحزبي داخل المجلس، فمتى ما انكشف هذا الغطاء لا يبقى أمام الوزير المستجوب إلا الخروج بأقل الخسائر”، معتبرا أنّ “حكومة الرئيس الشيخ صباح الخالد اختارت مبدأ السلامة، وضحت بالوزيرة في أول اختبار لها مع المجلس لتفتح الباب على مصراعيه للسادة النواب بالتدخل في كل شاردة وواردة في عمل الحكومة وبذلك أسقطت عنها رداء الهيبة”.

مشاركة :