القدس 7 فبراير 2020 (شينخوا) عندما كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن خطته الجديدة لإحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين منتصف الأسبوع الماضي، تواجد عدد قليل من الضيوف في القاعة بشكل يشير لتطور جديد في الشرق الأوسط. وأثناء خطابه في البيت الأبيض، توقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأعلن وجود سفراء من سلطنة عمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة في القاعة، مضيفا وهو يصفق بحرارة: "يا لها من علامة تدل على الحاضر". وشهدت السنوات الأخيرة تحسنا وتقاربا في العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج إلى حد كبير. إذ ترددت وفود إسرائيلية رياضية أو سياسية مرارا على تلك الدول. فيما بين زيارة نتنياهو إلى مسقط في الخامس والعشرين من أكتوبر من العام 2018 إلى حضور سفراء الدول الخليجية الثلاث إعلان خطة ترامب للسلام في 28 يناير 2020، كانت هناك مؤشرات جادة على التقارب. ففي الأسبوع الماضي، أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي، أنه بات بإمكان الإسرائيليين السفر بشكل قانوني إلى المملكة العربية السعودية لأغراض دينية وتجارية. في وقت لازال القانون الإسرائيلي يعتبر المملكة دولة معادية يُمنع الإسرائيليون من السفر إليها. الإعلان الإسرائيلي قوبل برد فعل سعودي، إذ نفى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الأمر. وقال الوزير السعودي لشبكة ((سي إن إن)) "ليس لدينا علاقات مع إسرائيل ولا يمكن لحاملي جوازات السفر الإسرائيلية زيارة المملكة في الوقت الحالي". وتابع الأمير فيصل بن فرحان : إنه "بمجرد التوصل إلى اتفاق سلام ... أعتقد أن اندماج إسرائيل في السياق الإقليمي مطروح إلى حد كبير". لذلك يظل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني العقبة الرئيسية أمام تطبيع العلاقات والطريقة التي تسير بها الأمور. وبالنسبة لدول الخليج لايمكنها التطبيع، طالما لم يحل النزاع بعد. وقال الدكتور إيان بلاك، زميل بحث زائر في مركز الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد: "إن القضية الفلسطينية التي لم تحل بعد تظل عقبة أمام قدرة حكومات الخليج على المضي قدماً في علاقاتها المعلنة مع إسرائيل". وأضاف بلاك :"أصبحت العلاقات ظاهرة للعيان بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، لكنهم لا يستطيعون التقدم أكثر". وساهم الفزع المتزايد لدول الخليج من إيران إلى حد كبير في التحول التدريجي في العلاقات مع إسرائيل. وقال بلاك لوكالة أنباء ((شينخوا)) "هناك شعور بتهديد استراتيجي مشترك يأتي من إيران ... حيث أن البصمة الإيرانية في الشرق الأوسط آخذة في الازدياد في السنوات الأخيرة، وهناك اهتمام مشترك بمواجهته". وفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس يوناتان فريمان، "كلما انفصلوا عن إيران، كلما اقتربوا من إسرائيل". وشارك نتنياهو في حدث غير مسبوق العام الماضي في مؤتمر عقد في بولندا بمشاركة مسؤولين من دول الخليج. وتمحور المؤتمر، الذي ترأسته الولايات المتحدة، حول مكافحة التهديدات الإيرانية في المنطقة. والجمع الغريب بين الطرفين لديه مصلحة اقتصادية متبادلة حيث تخشى اقتصادات دول الخليج الغنية التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على صادراتها النفطية من عدم قدرتها الاعتماد عليها وحدها في المستقبل. كما أن وضع إسرائيل كدولة رائدة في التكنولوجيا المتقدمة والابتكار رفع من مكانتها في الخليج، بحسب الخبراء. وقال فريمان ل(شينخوا) "إنهم يركزون أكثر فأكثر على تحقيق مستقبل لا يعتمد على النفط بقدر ما هي الحال عليه الآن. هناك تركيز أكبر على الطاقة المتجددة والتقنيات الحديثة التي لن تستخدم النفط. لقد وجدوا أن إسرائيل أظهرت للعالم كيفية المضي قدما من الناحية التكنولوجية والاقتصادية دون الاعتماد على الموارد الطبيعية". وكانت إسرائيل قد أعلنت أنها ستشارك في معرض "إكسبو العالمي 2020"، الذي تستضيفه دبي في خطوة تعتبر حدثا تاريخيا. ورغم أن بيانات التجارة الخارجية العامة لا تظهر أي سجل للعلاقات الإسرائيلية بالخليج، لكن التحليلات التي أجرتها العديد من وسائل الإعلام، قدرت قيمة التجارة بين إسرائيل والخليج بملايين الدولارات. في حين تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية أيضا عن رحلات جوية منتظمة وغير تجارية بين إسرائيل وأحد بلدان الخليج، التي لم تأت على ذكره. وشارك رياضيون إسرائيليون في مسابقات رياضية مختلفة في دول الخليج، في حين تم عزف النشيد الوطني الإسرائيلي في قطر، بعد فوز لاعب الجمباز الإسرائيلي أليكس شاتيلوف بميدالية ذهبية في كأس العالم للجمباز، التي أقيمت في مارس 2019 في الدوحة. ودفع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني البعيد عن حل منظور في الأفق، اللاعبين في المنطقة إلى وضعه جانبا في سعيهم لتحقيق أهداف أخرى، على حد قول الخبراء. وقال فريمان "بات الصراع أقل أهمية. كثيرون في الخليج يقولون إنهم لا يريدون انتظار حل الصراع ولكنهم يريدون حلولاً يمكن لإسرائيل أن توفرها لهم في التحديات التي تواجههم مثل إيران ومجال الطاقة والنفط". وما زال الرأي العام في دول الخليج موال للفلسطينيين إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بالصراع مع إسرائيل. وقال بلاك "القضية الفلسطينية لا تزال قضية مثيرة للعواطف، وتتجاهلها حكومات الخليج." وأعلن وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع طارئ السبت الماضي في القاهرة، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رفض خطة ترامب لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باعتبار "أنها لا تلبي الحد الأدني من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني وتخالف مرجعيات عملية السلام".
مشاركة :