أكدت خدمة البث الموسيقي سبوتيفاي أن البودكاست أصبح العنصر الأكثر أهمية، حيث حوّل المشتركين المجانيين إلى دافعين، واستطاعت بفضله إضافة 10 ملايين مشترك، وذلك في بيان الإعلان عن نتائجها للربع الأخير للعام 2019. وقالت سبوتيفاي عبر مدونتها الرسمية، إن 14 في المئة من مستخدميها النشطين البالغين 271 مليونا، استمعوا إلى البودكاست خلال الربع الأخير، ما رفع عدد ساعات الاستماع بمعدل 2000 في المئة سنويا وذلك بفضل اهتمام سبوتيفاي بشكل أكبر بالبودكاست وحتى إنشاء قسم خاص به في تطبيقها. وتوفر المدونة الصوتية “بودكاست” العديد من المزايا لمستخدمي الوسائط الرقمية، مثل الاستماع في أي وقت والتحميل السهل والسريع للملفات الصوتية صغيرة الحجم، والنشر والتحديث. وتشمل تسجيلات صوتية، وفيديو، يمكن تخزينها بسهولة بأجهزة الكمبيوتر الآلية والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. وتتنوع أشكال ومواضيع تلك التسجيلات، وتتميز بمدتها القصيرة، وأصبحت تعرف انتشارا كبيرا بالدول الغربية بداية، قبل أن تنتشر بباقي دول العالم، وهي تطرح كبديل للبرامج والفقرات الإذاعية والتلفزيونية، بحكم سهولة الاستماع أو مشاهدتها، واعتماد أساليب جديدة لعرض المعلومات والأفكار والمواقف. ويبدو أن قطاع البودكاست يشكل ثورة حقيقية في عالم الإنترنت، ويستقطب أنظار شركات خدمات البث الرقمي، ويشير اهتمام سبوتيفاي المتزايد بالبودكاست إلى أنها تخطط للاستحواذ على هذا القطاع مع تدفق المال إلى صناعة البودكاست، لتعويض خسائرها التشغيلية التي تكبدتها مؤخرا رغم نموها. وواجهت الشركة خسائر تشغيلية كبيرة خلال الربع الأخير من سنة 2019، حيث خسرت حوالي 85 مليون دولار، وأرجعت السبب في تراجع أرباحها وتحولها للخسارة، إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية لخدمتها، وفي نفس الوقت أكدت أن البودكاست يحظى باهتمام متزايد من قبل مستخدميها. أمام قطاع البودكاست مجال واسع للتطور في المنطقة العربية، لكن المؤسسات لا تحسن استغلال هذه الفرصة ويرى أندرياس فلومير، من مجلة “تي ثري أن” أن الاستخدام المتزايد للبودكاست يعدّ نوعا من تأثير نتفليكس، حيث اعتاد المستخدم على مشاهدة محتويات الميديا في الوقت والكيفية، التي يريدها، ولم يعد مرتبطا بالتلفزيون أو الراديو. وهناك سبب آخر لشهرة البودكاست يتمثل في العروض الخاصة، التي تلبي اهتمامات الكثير من المستخدمين، على اختلاف تخصصاتهم وميولهم واهتماماتهم. وتحاول سبوتيفاي استغلال توجه مستخدمي الإنترنت نحو البودكاست بكل الوسائل المتاحة، وأخذ المبادرة من الشركات الأخرى لتكون السباقة في هذا القطاع، وبدأت منذ العام الماضي بإبرام صفقات استحواذ على شركتي بودكاست وتسهيل إنتاج البرامج الصوتية. ورغم أن الإحصائيات ضعيفة ومتواضعة حول البودكاست، لكن سبوتيفاي ستطور هذا الأمر بشكل ملحوظ لأنها عصب فعالية الإعلانات. وهي بصدد إعادة كسب الأرباح من البودكاست عن طريق الإعلانات. وتعمل حاليا على تقنية خاصة بها تدعى (Streaming Ad Insertion (SAI، ستوفر من خلالها للمعلنين وأصحاب البرامج إحصائيات مفصلة حول الجمهور للاستفادة المثلى منه. وتخطط سبوتيفاي لعرض الإعلانات ضمن حلقات البودكاست عبر إدراج مقاطع صوتية مسجلة مسبقا بصوت صاحب البرنامج ضمن أماكن معينة في الحلقات. وسيمكن لسبوتيفاي عرض عدد مرات الاستماع للإعلانات وتكرارها لكل مستخدم وعدد المستخدمين الذين وصل إليهم. كما يوفر معلومات عن الجمهور مثل العمر والجنس وسلوك الاستماع وحتى الجهاز المستخدم وبعد رفع المقاطع الإعلانية وتحديد اللحظات المتاح إدراج الإعلانات فيها، فإن سبوتيفاي ستحدد أفضل مكان لكل إعلان ولكل مستخدم بشكل منفصل حسب خصائصه. ومع هذا الشكل الجديد من الإعلانات سيتم التخلي عن الإعلانات التقليدية التي تسجّل كأنها جزء من الحلقة وتعرض على كافة المستخدمين. وتقول سبوتيفاي أن المستخدم لن يشعر بالإعلان وسيبدو كأنه حديث طبيعي لصاحب البرنامج. والبداية في هذا الأسلوب الإعلاني سيكون مع برامج سبوتيفاي الحصرية، قبل أن يتاح لاحقا للمزيد من البرامج. ويقول متخصصون أن أمام سبوتيفاي فرصة كبيرة في المنطقة العربية، حيث ازدادت شهرة البودكاست وصُنَّاعه بشكل كبير، لكن كما هو الحال بالنسبة إلى المحتوى العربي في المجالات الأخرى على الإنترنت، يبقى البودكاست صناعة متواضعة بحاجة إلى محتوى عربي وأكثر تنوعا. وخلص المشاركون في منتدى بودكاست الشرق الأوسط، الذي أقيم في دبي في أكتوبر الماضي، أن أمام قطاع البودكاست مجالا كبيرا للتطور كسوق عمل في المنطقة العربية، لكن المؤسسات لا تحسن استغلال هذه الفرصة في الوقت الحالي. ويرى البعض أن المؤسسات العربية المنتجة للبودكاست وغيرها من البرامج المنتجة بجهود وتجارب فردية، لا تقدم المحتوى العربي الغني والمتنوع الكافي، فمعظمها تأخذ قالب المقابلة. لأن إنتاجه غير مكلف وأكثر شهرة، لكنه في الواقع لا يساهم في تطوير ومساعدة صانع البودكاست في أن يكون مبدعا. فكلما ازداد المحتوى وتنوّع، ازداد اهتمام التطبيقات والمنصات وازدادت مساعدتها لصناع المحتوى في إيصاله إلى المستخدمين المهتمين بالإنتاج العربي. وتنتشر في المنطقة العربية ثلاثة أنواع رئيسية من فئات البودكاست الصاعدة وهي شبكات البودكاست، والبودكاست المستقلة، وبودكاست الوسائط التقليدية (المطبوعات، والتلفزيون، والراديو). وتعتبر شبكات البودكاست هي الأكثر شعبية. وتتكون الشبكة من مجموعة من البرامج تُعرض في مكان واحد وتتناول مواضيع مختلفة وتبث في حلقات. وهي مشابهة لنتفليكس لكن للمحتوى الصوتي. ومنصات البودكاست الرئيسية في المنطقة هي “أبل أي تونز” و”كاستبوكس” و”ساونكلاود”. ومؤخرا بدأت صحف ووكالات أنباء عالمية وعربية كبرى بالدخول في مجال البودكاست، بهدف مواكبة تغيرات المشهد الإعلامي، فهو يوفر للناشرين فرصة لتقديم محتوى حصري ومشاركة الجماهير بشكل أفضل بفضل متابعة جمهور أكثر قيمة وعلاقة بالمحتوى مقارنة بالقنوات الأخرى. وتنشر العديد من وسائل الإعلام تقارير إخبارية صوتية موجزة، ليتناسب مع مزاج المستخدمين، ومنها صحيفة نيويورك تايمز التي تقدم بودكاست “ديلي”، وصحيفة فيلادلفيا انكوايرر، تقدم روابط للمتابعين ليستمعوا إلى أخبارها على الإنترنت، عبر منصات سبوتيفاي وغوغل بلاي بودكاستس وأبل بودكاست وأي هارت راديو. وتقدم هذه الصحف موجزا لأخبارها والتطورات السريعة للأحداث، إضافة إلى المنوعات وحالة الطقس.
مشاركة :