متلازمة «برادر فيلي».. مشاكل بدنية وعقلية وسلوكية

  • 2/9/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعد متلازمة برادر فيلي أحد الاضطرابات الوراثية، والتي تتسبب في الكثير من المشاكل الجسمانية والعقلية والسلوكية.ومن الأعراض الأساسية لهذه المتلازمة شعور المصاب بالجوع الدائم، وغالباً ما يبدأ في عمر سنتين، حيث تكون لديه رغبة دائمة في الأكل، لأنه لا يشعر بالشبع أو الامتلاء، ويفقد القدرة على السيطرة على وزنه، وتعتبر أغلب المضاعفات المرتبطة بهذه المتلازمة تتعلق بالسمنة.تشمل الأعراض كذلك نقص التوتر العضلي وقصر القامة، ومشاكل سلوكية وصعوبات في عملية الإدراك، واضطراباً في النمو الجنسي.ويساعد التشخيص المبكر في السيطرة على أعراض هذه المتلازمة، ويحبذ أن يكون التعامل مع المصاب من خلال فريق من المتخصصين في مختلف المجالات، وذلك بهدف إدارة الأعراض وتقليل خطر المضاعفات، وتحسين نوعية حياة المصاب.ونتناول في هذا الموضوع متلازمة برادر فيلي بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى حدوثها، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، ونقدم طرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة والحديثة. الكروموسوم 15 نشر موقع «المكتبة الطبية الأمريكية» أن متلازمة برادر فيلي تعتبر أحد الاضطرابات الوراثية المعقدة، وبالرغم من أنه لم يستطع الأطباء والباحثون تحديد الأسباب الدقيقة المسؤولة عن هذا المرض، إلا أن المشكلة في الغالب ترجع إلى الجينات التي توجد في منطقة «الكروموسوم15».ويلاحظ أن جميع الجينات تكون على شكل أزواج، وذلك ما عدا الجينات التي تتصل بالسمات الجنسية، وهي نسختان إحداهما من الأب والأخرى من الأم، وعندما تكون إحدى النسخ نشطة فإن الأخرى ستكون كذلك نشطة.وتحدث هذه المتلازمة عندما لا تظهر بعض جينات الأب، وذلك نتيجة أنه لا توجد جينات له في الكروموسوم15، وذلك في معظم المصابين، حوالي 70% من الحالات، أو لأن الطفل ورث نسختي الكروموسوم15 من الأم، وذلك في حوالي 25% من المصابين، وكذلك بسبب وجود بعض الأخطاء أو العيوب في جينات الأب. وظائف الدماغ يؤدي خلل كروموسوم15 إلى أن تتعطل وظائف الدماغ الطبيعية في منطقة ما تحت المهاد، وهي التي تتحكم في إفراز الهرمونات.ويمكن أن يحدث تداخل في منطقة تحت المهاد، والتي تعمل بشكل خاطئ مع العمليات التي تتسبب في مشاكل في الجوع والنمو، وأيضاً درجة حرارة الجسم والنوم والحالة المزاجية والتطور الجنسي.وتحدث هذه المتلازمة في أغلب الحالات نتيجة مشكلة جينية عشوائية خلال عملية التخصيب، وتعد الحالات التي تورث من الآباء قليلة للغاية، ولا يجب توافر تاريخ عائلي للإصابة بها. المرحلة الأولى ويقول موقع «نورد» الأمريكي أن أعراض متلازمة برادر فيلي تختلف من مريض لآخر، وتتغير بصورة بطيئة خلال الانتقال من مرحلة الطفولة إلى البلوغ والمراهقة.وتشمل الأعراض خلال المرحلة الأولى، والمقصود بها الفئة العمرية دون عمر سنتين، والتي تظهر عقب الولادة.ويعتبر ضعف توتر العضلات، وهو ما يعرف بنقص التوتر العضلي، إحدى العلامات الرئيسية لهذه المتلازمة خلال الطفولة المبكرة.ويمكن أن يستند الطفل على المرفقين أو الركبتين، وذلك من خلال مدهما بحرية بدلاً من أن يثبتهما، وعند حمل الطفل يشعر من يحمله بالليونة وكأنه يحمل دمية من القماش، فيظل مرتخياً أغلب الأحيان.وتكون ملامح وجه الطفل المصاب مميزة، فيولد بعينين لوزيتين، ويكون حجم الرأس صغيراً في منطقة الصدغين، ويميل الفم للأسفل، مع شفاه علوية رفيعة.ويتسبب ضعف العضلات في صعوبة إتمام الطفل لعملية الرضاعة الطبيعية، وهو ما تترتب عليه مشاكل في التغذية، وبالتالي يؤدي إلى فشل النمو. ويمكن أن يظهر الطفل وكأنه مرهق بصورة غير طبيعية، وتكون استجابته مع البيئة المحيطة به من أصوات أو إضاءة ضعيفة، ولا يستيقظ من نومه بسهولة، ويكون صراخه ضعيفاً. بعد سنتين تظهر مجموعة من الأعراض الأخرى في المرحلة العمرية بعد سنتين، والتي تستمر مدى الحياة، وتحتاج إلى علاج بشكل حذر.ويعد اشتهاء الطعام بشكل مستمر من الأعراض البارزة، وهو السبب وراء زيادة الوزن بشكل سريع، ويتسبب الشعور بالجوع إلى زيادة معدل تناول الطعام واستهلاك كميات كبيرة.ويمكن أن يتطور الأمر لدى البعض إلى سلوكيات غير طبيعية، كأن يكتنز الطعام أو يتناول طعاماً مجمداً، أو من الفضلات.وتتأخر كذلك عملية البلوغ أو لا تكتمل لدى بعض المصابين، وتصاب أغلب الحالات بالعقم، وبالنسبة للمصابات اللاتي لا يتلقين علاجاً فإن الحيض يتأخر لديهن إلى عمر الثلاثين، أو لا يحضن مطلقاً، وبالنسبة للرجال فمن الممكن ألا ينمو لهم كثير من الشعر في الوجه، أو لا تصبح أصواتهم غليظة بشكل كامل. ويتأثر نمو الطفل وتطوره الجسدي، وذلك بسبب نقص إنتاج هرمون النمو، فيصبح الطفل قصير القامة، وله كتلة عضلية منخفضة مع ارتفاع نسبة الدهون بالجسم، ويعاني صعوبة عند الجلوس أو المشي أو الكلام. إعاقة ذهنية يمكن أن تتسبب متلازمة برادر فيلي في مشكلات بالغدد الصماء، كقصور الغدة الدرقية أو قصور الكظر المركزي، وهو ما يمنع الجسم أن يستجيب بصورة مناسبة عند الإجهاد أو الإصابة بالعدوى. ويعاني المصاب إعاقة ذهنية خفيفة إلى معتدلة، فمثلاً لا يقدر على اكتساب الكثير من المهارات المعرفية، كالتفكير وحل المشكلات والاستدلال، وحتى من لا يعانون إعاقة ذهنية واضحة فإنهم يجدون صعوبة في التعلم.ويمكن أن يعاني المصاب بمتلازمة برادر فيلي اضطرابات في النوم، وذلك بالنسبة للأطفال والبالغين، كاضطراب نظام النوم الطبيعي، أو ما يعرف بانقطاع النفس النومي، وربما تسببت هذه الاضطرابات في النعاس المفرط خلال النهار.وتعد من الأعراض التي تظهر كذلك على الأطفال والبالغين بعض المشكلات السلوكية، كأن يتصرف بغضب أو عناد، أو يميلون إلى السيطرة والتلاعب، وربما تساورهم نوبات من الغضب، وبخاصة لو حرموا من الطعام، ومن الممكن ألا يتحملوا أي تغيير يحدث على روتين حياتهم، أو يصابوا بسلوكيات وسواس قهري، واضطرابات نفسية أخرى كالقلق. نهم الطعام تتسبب متلازمة برادر فيلي في العديد من المضاعفات، فيعاني المصاب انخفاض الكتلة العضلية، بالإضافة إلى الإحساس المستمر والدائم بالجوع، وربما يعاني تراجع النشاط البدني. ويؤدي اجتماع كل هذه العوامل إلى أن يتعرض المريض للإصابة بالسمنة، والمشاكل التي تصاحبها، كداء السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم ونسبة الكوليسترول، وزيادة خطورة الإصابة بأمراض القلب، وأمراض الكبد وحصوات المرارة.ويعاني المصاب بعض المضاعفات التي ترتبط بنقص إنتاج الهرمونات، كهشاشة العظام، وذلك بسبب انخفاض هرمون النمو والهرمونات الجنسية، كما تصاب النساء بالعقم. وتعد من المضاعفات كذلك الإصابة باضطراب نهم الطعام، والتي تؤدي إلى تضخم المعدة بصورة غير طبيعية، وهذا الاضطراب ربما سبب الاختناق، ومن النادر أن يتقيأ المصاب بهذا الاضطراب. وتتأثر نوعية الحياة التي يحياها المصاب نتيجة مشاكله السلوكية، كالأداء الوظيفي والتعليمي والمشاركة المجتمعية ونحو ذلك. مجموعة أخصائيين يبدأ الاشتباه بالإصابة بمتلازمة برادر فيلي عند ظهور الأعراض السابق ذكرها، ويكون تشخيص المرض النهائي من خلال اختبار الدم، ومن الممكن أن يحدد فحص الجينات مدى تشوهات الكروموسومات التي تدل على الإصابة بهذه المتلازمة. ويحسن التشخيص والعلاج المبكران في الغالب من نوعية الحياة للمصابين بهذه المتلازمة، ويمكن أن يشمل الفريق المعالج مجموعة من الأخصائيين أحدهم للغدد الصماء وأخصائي سلوك وآخر للتغذية وللعلاج الطبيعي والصحة النفسية وطب الوراثيات.ويحتاج أغلب المصابين إلى مجموعة من الإجراءات، وذلك على الرغم من اختلاف الأعراض، ونشمل هذه الإجراءات التغذية الجيدة للرضيع، حيث يوصي الطبيب بأحد أنواع الألبان الصناعية ذات السعرات الحرارية المرتفعة، وطرق التغذية التي تساعد الطفل على اكتساب الوزن مع مراقبة نموه. هرمون النمو يساعد علاج هرمون النمو البشري على تحسين توتر العضلات ودهون الدم المنخفضة، وفي العادة يتم إجراء بحث عملية النوم قبل استخدام علاج هرمون النمو. ويمكن لأخصائي التغذية أن يفيد في وضع نظام غذائي صحي بسعرات حرارية منخفضة، وذلك حتى يساعد على إدارة وزن الطفل، ومن الممكن أن يتطلب هذا النظام تناول فيتامينات أو معادن مكملة، لضمان الحصول على تغذية متوازنة، كما يساعد على تحسين الوظائف البدنية زيادة النشاط البدني والتمرينات.يحتاج المصابون بمتلازمة برادر فيلي من البالغين إلى رعاية متخصصة، ويعيش معظمهم في منشآت للرعاية الداخلية، والتي تساعد على وضع أنظمة غذائية صحية والتمتع بالحفلات الترفيهية. خطة الوجبات ينصح الأطباء الآباء بالالتزام بخطة الوجبات الموضوعة بالنسبة للأطعمة التي يتناولها الطفل المصاب متلازمة برادر فيلي.وتعتبر الوجبات ذات السعرات الحرارية المنخفضة ضرورية للمحافظة على وزن الطفل وعدم إصابته بمرض السمنة.ويعد من الإجراءات المفيدة تحديد أوقات للوجبات ونوع الطعام، واستخدام صحون صغيرة ومقادير بسيطة من الوجبات.ويساعد على الوقاية من حالة النهم المضرة تجنب الوجبات الخفيفة ذات السعرات الحرارية المرتفعة، ويجب تخزين الطعام بعيداً عن الطفل، مع غلق الثلاجة وأماكن التخزين بشكل جيد.ويفيد الاهتمام بالنشاط الرياضي والبدني في المساعدة على إدارة الوزن وتحسين الأداء الجسماني، ومن المهم إيجاد نظام محدد يشمل أوقات الرعاية الطبية المنتظمة، وذلك لفحص المشكلات والمضاعفات التي ترتبط بمتلازمة برادر فيلي.

مشاركة :