وقد قرأ الشاعر محمد أبو العزايم من شعره: "نوافذُ في جدارِ الليل" لكَ في بَريدِ الغيبِ ثَمَّ رسائلٌ، أصحابُها ترَكوا الحياةَ وناسَها، وكأنّهُم - للآنَ - لَمْ ! يا أيُّها المُمْتَدُّ جُرحُكَ مثلما يمتدُّ ليلُ العاشقينَ، ومثلما يمتدُّ دربُ السائرينَ إلى البلادِ المستحيلةِ ثَمَّ مُغتَسَلٌ طهورٌ باردٌ، فاركُض بِروحكَ واغتسِلْ، ثم التجِئْ لِهواءِ عُزلَتِكَ النَّظيفِ، ولا تُكَلِّمْ غيرَ مَن تَرَكوا رسائلَهمْ ينابيعًا تَفَجَّرُ في جدارِ الليلِ، إنَّ الناسَ هُمْ. واركَنْ إلى مَوتاكَ تلْقَ أياديًا بيضاءَ، إنَّ إشارةً تَكفيكَ، أو إيماءَةً بالرأسِ كي يتمَوسقَ الوجعُ المُعَربِدُ في ضلوعكَ، لستَ أنتَ النّاقصَ التكوينَ، لكنَّ انشغالكَ باكتمالكَ في عيونِ النّاقِصينَ جِنايَةٌ، والشَّكُ جُرمْ ومما قرأ أيضًا من شعره : (1) ونحنُ نستعيدُ ذِكرياتِنا.. عن شَقَّةِ "الميرلاندِ" إذْ كُنا هناكَ طالبَيْنِ استأجراها مَسْكنا دارَ الحديثُ بيننا عن جارِنا .. هذا الذي يَحيا وحيدًا بعدما ماتتْ عيالُهُ - وأعني بالعيالِ أمَّهمْ - كما يُحبُّ أن يقولَ واحدٌ - كالعمِّ " نُصحى" - جاءَ مِن أقصى الجنوبْ هذا الذي قد جاوزَ السبعينَ، لكن عاش منها نصفَ قرنٍ كاملًا يَنْساحُ في شوارعِ المدينةِ الكبيرةِ الأميرةِ الغنيّةِ الفقيرةِ الجميلةِ اللّعوبْ وذابَ فيها مثلما يذوبُ غيرُهُ، ولكنْ فيهِ شيءٌ من طبائعِ الجنوبيينَ يأبي أن يذوبْ. ثم اختتمت الأمسية بالشاعر محمد فتحي، وهو شاعر مصري من مواليد القاهرة حي مدينة نصر في ١٩٨٧، درس في كلية دار العلوم جامعة الفيوم، وله ديوانان تحت الطبع: "الراعي"ـ و"أبناء نوح". ومما قرأ من شعره من قصيدة الكرمة: لي كرمة لم أعتصرها خذها بقلبك واعتصرها لي خطوة سارت بها قدم السماء ولم أسرها لي شمعة إن تفتخر بضيائها لا تحتقرها لي نظرة عن كل آلام ابن آدم لم أدرها ومما قرأ أيضًا : آمنتُ بالإنسان آمن مثلما آمنتُ بي مستبصرًا مستبصرا آمن بدينِ الحبِّ آمنْ قائلًا: جئنا لنؤمنَ لم نَجِئْ لِنُكَفِّرا قل للظلاميين قل لظلامهم: فَجر الضيائيين ضاء مبكرا عهد المحبة أن نحب معاهدا لا أن نعاهد حربة أو خنجرا في بيعة الإنسان أَقسم خافقي ألا يحب مُؤسلما ومنصرا الآن "لا إكراه" آية مؤمن في آية الإيمان أن نتخيرا في مصر يحتضن الهلال صليبه ككنيستين يعانقان الأزهرا.
مشاركة :