زيد بن ثابت..تظل سيرة صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ومنهم زيد بن ثابت نموذجا يحتذى به على مر العصور والقرون واختلاف الأزمان؛ لما لهم من منزلة عظيمة وحقوق على الأمة الإسلامية كثيرة أبرزها المعرفة بسيرتهم. 1- زيد بن ثابت هو صحابي جليل وهو أحد كتبة الوحي الكرام. 2- هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة ، من الانصار. 3- أسلم الصحابي الجليل زيد بن ثابت – رضي الله عنه – عندما قدم الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة المنورة مهاجرًا، وقد أسلم مع عائلته وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد دعا له عند إسلامه. 4- كان الصحابي الجليل زيد بن ثابت واحدًا من أعلم صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم –؛ لهذا لم تكن المهام التي كان الرسول يوكله بها مهام عادية أو سهلة بل كانت تحتاج إلى دقة عالية جدًا وعقل يقظ، لأن أي خطأ في التنفيذ يؤدي إلى عواقب كبيرة. 5- والمهمة الصعبة والدقيقة هي مهمة كتابة الوحي؛ فكلما نزل الوحي على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أرسل في طلب زيد بن ثاب ليكتب ويدون ما نزل من القرآن الكريم، وهي مهمة حساسة جدًا وخطيرة، إذ أن مدون القرآن الكريم ليس بالإنسان العادي بل هو إنسان ذو ميزات غير عادية، لهذا اختار الرسول زيدًا لهذا الأمر. 6- مما يدل على تفوق زيد ونبوغه في تعلم لغة اليهود في أربعة عشر يومًا - نصف شهر- وتعلمه للغة السريانية في سبعة عشر يومًا، وتعلم هاتان اللغتان بناء على أوامر الرسول – صلى الله عليه وسلم -، لأنه كان محتاجًا إلى من يفهم هاتين اللغتين لأغراض كتابة الرسائل والمراسلات. 7- بعد وفاة الرسول اجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة منهما، فقد قال الأنصار للمهاجرين رجل منا ورجل منكم، ولكن زيد بن ثابت كاتب الوحي قال رأيًا سديدًا جعل الناس جميعًا ترضى بحكمه، قال :((إن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره، وإني أرى أن يكون الإمام من المهاجرين ونحن نكون أيضا أنصاره)). 8- اشتهر زيد بن ثابت في المدينة المنورة وفي مجتمع الصحابة بعلمه وفضله؛ لهذا فقد وكّله الصديق بجمع القرآن الكريم في كتاب واحد، وهذه من أخطر المهمات التي تولاها هذا الصحابي و كان – رضي الله عنه – قادرًا على حمل هذه الامانة الثقيلة فأداها أحسن تأدية. 9- أما في عهد عثمان بن عفان ونظرًا لدخول غير العرب في الإسلام، فقرر هذا الخليفة الراشدي ان يوحد المصحف الشريف، فأمر الصحابي سعيد بن العاص ان يمل على زيد، وزيد يكتب ما يسمعه، إذ أنّ الصحابي سعيد بن العاص – رضي الله عنه – كانت لهجته قريبة جدًا من لهجة الرسول – صلى الله عليه وسلم -. 10- توفي زيد بن ثابت – رضي الله عنه – سنة 45 من الهجرة، وحزن الصحابة عليه حزنًا شديدًا نظرًا لفقدانهم واحدًا من أبرز ما انتج جيل الصحابة الكرام من الناس. أول داعية في الإسلام مصعب بن عمير ابن أغنى أغنياء مكة، ولد وكبر في خير كثير، كان مدللًا عند أمه وأبيه كثيرًا، يصفه المؤرخون فيقولون: " كان أعطرَ أهل مكة"، وحديثَ أهلها وشبابها وحِسانها، لقبه المسلمون "بمصعب الخير". إسلام مصعب بن عمير كان مصعب بن عمير يستمع إلى ما يرويه أهل مكة حول ما يدعو إليه محمد - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بأن الله أرسله مبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى عبادة الله الواحد الأحد، وقد سمع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- يجتمع مع أصحابه بعيدًا عن أهل قريش في دار الأرقم بن الأرقم فلم يطل به الأمر حتى ذهب إليهم فسمع الرسول - صلى الله عليه وسلم- يقرأ القرآن فانسابت الآيات إلى سمعه وفؤاده وأيقن أنه الدين الحق فأسلم على يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم-. بقي أمر إسلامه سرًا عن أهل قريش وعن أمه "خُنَاسُ بنت مالك"، حتى رآه "عثمان بن طلحة" يدخل دار الأرقم ويصلي كصلاة محمد -عليه الصلاة والسلام-، فأسرع إلى أم مصعب يخبرها بخبر إسلامه فطار صوابها وأمرته بالعودة إلى دينه فلم يستجب لها، ووقف أمامها وأمام أشراف أهل مكة يتلو قرآن الله تعالى فَهمّت أمه لتسكته بلطمة قاسيةٍ إلّا أنّ يدها وقلبها لم يطاوعاها، فأخذته إلى ركن قصيٍّ، وحبسته فيه، ومنعت عنه الطعام والشراب، وظل حبيسًا حتى سمع بخبر الهجرة إلى الحبشة فاحتال على أمه وحراسه وهرب وهاجر إلى الحبشة مع المهاجرين. أول داعية في الإسلام مصعب بن عمير سفير الرسول إلى المدينة بالرغم من صغر سنّه وحداثة عقله إلّا أنه أظهر من الحكمة ورجاحة العقل ما يفوق ضِعْفَ سنِّه وعمره، ومن التصميم وقوة العزيمة ما يغير سير الزمان، فاختاره الرسول - صلى الله عليه وسلم- لأعظم مهمة في ذلك الوقت: أن يكون سفيرَ الرسول إلى المدينة المنورة يُفَقِّهُ الأنصار الذين بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم- عند العقبة، ويدعو من لم يسلم إلى الإسلام، ويُعِدَ المدينة إلى يوم الهجرة العظيم. مضى مصعب إلى المدينة المنورة حاملًا على كاهله مصير الإسلام في المدينة، وعندما وصل إليها لم يكن فيها سوى اثني عشر مسلمًا، هم الذين بايعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم- من قبل، وما لبث أن يمكث فيها بضعة أشهر حتى استجاب أهل المدينة له. وفي موسم الحج الثاني أرسل مسلمو المدينة وفدًا يمثلهم وينوب عنهم أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم- وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنًا ومؤمنةً بقيادة أول سفيرٍ في الإسلام مصعب بن عمير. بداية الدَّعوة إلى الله كان من عادة النَّبي - صلى الله عليه وسلم- في المواسم والحجّ واجتماع العرب في أسواقهم كسوق عُكاظ، ومجنة، وذي المجاز أن يحضر هذه التَجمّعات ويعرض نفسه على القبائل والأفراد، داعيًا إياهم إلى عبادة المنَّان وترك عبادة الأوثان؛ فكان من أسرع وأوّل المؤمنين به وبدعوته من غير أهل مكّة خمسة رجالٍ غالبيتهم من يثرب وهم: سويد بن الصَّامت، وإياس بن معاذ، وأسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقطبة بن عامر، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله، وكان ذلك في السَّنة الحادية عشرة للنُبوّة. في السَّنة التَّالية وفي موسم الحج وفد على النَّبي صلى الله عليه وسلم من يثرب عشرة رجالٍ من الخزرج واثنين من الأوس؛ فاجتمع بهم النّبي صلى الله عليه وسلم وعلَّمهم الإسلام، وبايعوه وسُميّت تلك البيعة ببيعة العقبة الأولى. أول داعية في الإسلام بعدما بايع الرِّجال النّبي -صلى الله عليه وسلم- طلبوا إليه أنْ يبعث معهم من يعلّمهم أمور دينهم ويفقههم فيه، ويقرأ عليهم القرآن الكريم؛ فبعث معهم مُصعب بن عمير رضي الله عنه فكان أوّل داعيةٍ للإسلام. وعندما وصل مُصعب بن عُمير يثرب نزل على أبي أمامة أسعد بن زرارة -رضي الله عنه-؛ فعملا معًا على نشر الإسلام الذي انتشر بسرعةٍ بين أهل يثرب خاصةً مع إعلان زعمائها لإسلامهم وعلى رأسهم رئيس الأوس سعد بن معاذ وابن عمه أسيد بن حضير - رضي الله عنهما-، وبإسلامهما أسلم جميع الرِّجال والنِّساء ما عدا رجلًا اسمه الأصيرم فقد تأخر في إسلامه إلى يوم أُحُد. عاد مصعب بن عُمير إلى مكّة يحمل البشائر بنجاح مهمّته في الدَّعوة إلى دِين الله تعالى قبل حُلول موسم الحج.
مشاركة :