عبد اللطيف الزبيدي هل اللغة قضية أمن قومي حقاً؟ الجواب مزلزل إذا تجرّأ أحد على حذفها من قائمة أساسيّات الأمن القومي. لكن فخر العربيّ بلغته يفوق ما يفعله في سبيل نشرها والارتقاء وترسيخ دعائمها في حياته اليومية. حتى المؤسسات المتخصصة لا يُرى لها دور على مسرح الحياة العامّة. من رأى علماء اللغة في الفضائيات وعلى صفحات المطبوعات. الذين تجاوزوا الستين، يتذكّرون قديم دروس ال«بي.بي.سي» في الإنجليزية. كذلك كانت إذاعة فرنسا. اليوم الفضائية الفرنسية «تي.في.5» لديها موقع على الشبكة فيه كل المستويات، من المبتدئين فصاعداً. صحيفة «لو فيجارو» الفرنسية تغمرك في موقعها بشتى الأصناف، وبكل ما للغة من أطياف، لكي تجعلك تفتتن بلغة موليير وهوجو. أولئك لا يتوهّمون أن أسرار اللغة تجاوزها الزمن، وكأنها تركات بالية، من القرون الخالية، وأن البقاء لأشباه الجمل العاثرة في التغريدات.أولئك يؤمنون بأن الإعلام مسؤول عن سلامة اللغة وجمالها، وأنه يحمل أمانة نشر بدائع اللغة. أولئك يرون أنفسهم مسؤولين عن نشر بدائع التراكيب، ووسائطنا ترى نفسها مسؤولة عن حشر فظائع الكراكيب. يا للحماقة أن يخيّل إلى البعض أن قمم الأساليب ولىّ زمانها. المناهج هي المتهمة الأولى في هذه القضيّة الحيوية. لو أراد أحد استقصاء ما صدر في فرنسا من كتب في شؤون اللغة الفرنسية، لأعياه الإحصاء. من أطرفها، معذرة، «معجم الشتائم» (ترجمة العنوان حرفيّاً:الكتاب الكبير للكلمات الكبيرة).400 صفحة من السباب. مع ملاحظة ماكرة من الناشر: «عليكم بتجديد مخزونكم من الشتائم، فاللغة الفرنسية لا ينضب لها معين». المكر الأنكى: ملحق خاص بشتائم لغات أخرى «يساعد» السائح في تطبيق:«سُبّ الناس بما يفهمون».قال القلم:أغلب الظن أنه لا يوجد في المكتبة العربية شتائم منتقاة بعناية أدبية تفوق ما أهداه إلى ترسانة العرب الهجائية أبو حيان التوحيدي في كتابه الضخم «الرسالة البغدادية». طال الاستطراد، لكن الغاية هي أن الدول المتقدمة هي الأحرص على شمولية النهوض باللغة ونشرها، بكل ما فيها من غث وسمين، فلكي تكون اللغة لغة بحق، يجب أن تكون عالماً بأسره، بكامله وشامله. لزوم ما يلزم: النتيجة التفكّرية: كيف تفسّر متوازيات الرداءات؟ هبوط مستوى العربية، تصدّعات العلاقة العربية، التبعيّة اللغوية والتبعيّة السياسية...في مثل هذه الأوضاع تفيد المفردات الأخرى. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :