في أواخر العام الماضي أثارت مشاهد حراس أمن أساءوا معاملة طالبي لجوء في أحد المراكز شمال ألمانيا سخط الرأي العام الألماني. فهل ما زال الحال على ما هو عليه أم أن الوضع تغير؟ منذ أن يجتاز المرء المدخل الرئيسي لمركز اللاجئين فيبرباخ في ولاية شمال الراين وستفاليا يظهر له أن الوضع لم يعد كما في السابق. منظمة الصليب الأحمر الألماني باتت تشرف على هذا المركز بدلاً من الشركة الأوروبية الخاصة Home Care، كما تفصح عن ذلك لائحة مثبتة على الباب الرئيسي للملجأ. فتح الباب لنا حارس ملتح من إحدى الشركات الأمنية الخاصة، وحسب هيربيرت مولتهاوب الذي أصبح يشرف على إدارة مركز إيواء اللاجئين فإن عناصر الأمن الجدد خضعوا لمراقبة دقيقة قبل أن تسند لهم هذه المهمة، كما أن أجهزة الاستخبارات الداخلية قامت بتحريات للتأكد من خلو سجلهم من جرائم جنائية أو انتمائهم لأي تنظيمات يمينية، كما كان حال بعض حراس الأمن في السابق، حسب هيربيرت مولتهاوب. مدير جديد لطي صفحة الماضي ورغم أن هيربيرت مولتهاوب كان متقاعدا عن العمل حين كُلّف في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم من قبل الحكومة المحلية للإشراف على تسيير الملجأ، إلا أنه يصف عمله الجديد بارتياح وابتسامة كبيرة تعلو محياه بالقول: عندي الآن أفضل وظيفة يمكن أن أتصورها. غير أن الوظيفة المسندة له ليست بالسهلة. فصورة سياسة اللجوء بألمانيا وأيضاً ملجأ برباخ الذي كان في السابق ثكنة عسكرية، تزعزعت في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، لما ظهر إلى العلن أن اللاجئين في هذا المأوى المكتظ يتعرضون للضرب وسوء المعاملة بشكل ممنهج ومنذ فترة طويلة. وكان يتم سجن بعض اللاجئين في غرفة تسمى بغرفة المشاكل ويتعرضون للضرب والاهانة من قبل موظفي الملجأ الذي كان يشهد فراغا قانونيا. آنذاك، كان عدد اللاجئين فيه يصل إلى حوالي 800 شخص، يعيشون في ظروف صحية كارثية. وبعد كشف الحقيقة للعلن أصيب عموم البلد بصدمة كبيرة، وفي هذا السياق يقول ممثل عن منظمة الصليب الأحمر الألمانية:إمكانية حدوث مثل هذا الشيء في ألمانيا، شيء لا يمكن تصوره بالنسبة لي. لقد صدمت. ضرب وسوء معاملة ممنهج اللاجئون الذين يأتون إلى هذا الملجأ سعداء لمجرد أنهم وصلوا إلى مكان آمن، وتقول امرأة من سوريا أن يتم الإساءة للناس هنا أمر لا أستطيع أن أتخيله. لقد تم استقبالنا هنا بود. السيدة لا تريد أن تكشف عن اسمها خوفاً على زوجها وابنها، اللذين اضطرا إلى البقاء في سوريا، أما هي فهربت مع ابنها وابنتها من دمشق وتقول: دفعنا 8 آلاف يورو لكل فرد للمهربين، واضطررنا لبيع منزلنا. هربت السيدة مع ابنتها من الحرب والفقر، وهي سعيدة لمجرد أنها أصبحت في مكان آمن. هي تشتكي فقط من المراحيض القذرة. غير أن المشرفين الجدد على الملجأ قاموا بالعديد من الإجراءات لتحسين الوضع. وبدأت عملية تنظيف وتلميع الممرات الطويلة لهذه الثكنة العسكرية القديمة، كما تم ترميم الحمامات، وتركيب عازلات الصوت، وأجهزة الإنذار في حال نشوب حريق. ولم يعد يسمح أن يتجاوز عدد القاطنين في الملجأ 500 شخص، بدلا عن ثمانمائة شخص يشرف على حمايتهم أربعة إلى ستة من حراس الأمن. مساعدات مالية جديدة منذ كارثة العام الماضي تدفقت المساعدات المالية بسخاء على الملجأ، فحكومة الولاية أدركت أنه لا يمكن أن تستمر الأوضاع بالشكل السابق، ما جعلها تسهّل عملية حصول الملجأ على مساعدات مالية من جميع جهات البلاد بحيث يمكن للاجئين أن يشعروا أنهم في أفضل حال. علاوة على ذلك، باتت السلطات المختصة أكثر صرامة في مراقبة الملجأ وتقوم بإرسال مفتشين بشكل مفاجئ ، وأيضا في أيام الأحد حسب هيربيرت مولتهاوب. كما تم اصلاح وتجهيز رياض الأطفال، التي يلتقي فيها أبناء اللاجئين من أنحاء العالم للعب والرسم والقيام بالحرف اليدوية. ولا يزال معظم هؤلاء اللاجئين من كوسوفو، رغم من أن فرص الاعتراف بهم كلاجئين ضئيلة على حد قول مولتهاوب. وتبقى فرص اعتراف السلطات الألمانية بطلبات اللجوء للسوريين أعلى بكثير. السلطة القضائية التي دخلت على الخط أوكلت مهمة التحقيق لأكثر من عشرة موظفين ، ووجهت النيابة العامة للمتورطين تهمة الاعتقال القسري، والاعتداء. وتشمل التحقيقات التي لا تزال جارية أكثر من 50 مشتبها بهم . أما المدير الحالي للملجأ هيربيرت مولتهاوب فإستراتيجيته هي: الانفتاح ووضع حد للانتهاكات .
مشاركة :