دمشق 10 فبراير 2020 (شينخوا) بدأت وتيرة الصراع تتصاعد بشكل كبير بين تركيا وسوريا في محافظة ادلب (شمال غرب سوريا) بالتزامن مع تقدم الجيش السوري السريع في ريفي إدلب وحلب، وسيطرته على عدد من نقاط المراقبة التركية التي أنشأت بموجب اتفاق "سوتشي"، وبدأت كل السيناريوهات تطفو على السطح امام هذا الصراع، فهل يتلاشى مع محاولة روسيا الدخول على خط تسوية الوضع لمنع مزيد من التصعيد بين الجانبين أم يتزايد لعقيد المشهد أكثر ؟. ولم يعد خافيا على أحد أن الجيش السوري المدعوم من روسيا سئم من انتظار تركيا ومماطلتها بالإيفاء بتعهداتها بموجب اتفاق سوتشي الذي تم التوصل اليه في العام 2018 عندما وافقت أنقرة وموسكو على أن تركيا ستنزع سلاح المسلحين المتطرفين في إدلب وتدفعهم إلى التراجع عن الطريق الدولي السريع الذي يربط دمشق في الجنوب بحلب في الشمال. بالنسبة للجيش السوري، فإن الثقة بتركيا ليست مواتية حاليا، لكن روسيا تلعب دورًا متوازنًا من حيث التوصل إلى اتفاقات مع تركيا لنزع فتيل التوتر في تلك المنطقة، ولمنع تصاعد التوتر بين الجانبين. وخلال الشهرين الماضيين، شن الجيش السوري هجومًا واسع النطاق في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، وكذلك في ريف حلب الجنوبي في محاولة لفتح الطريق الدولي. وتمكن الجيش السوري من السيطرة على المناطق واحدة تلو الأخرى، وهو الآن على بعد أقل من اثنين كيلو متر فقط من تأمين الطريق السريع الاستراتيجي، وإعادة فتح الطريق السريع الاستراتيجي بين دمشق وحلب. وفي هذه العملية، حاصر الجيش بعض نقاط المراقبة التركية التي أقيمت في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون لمراقبة تنفيذ اتفاق منطقة خفض التصعيد القصيرة الأجل التي تم الاتفاق عليها أيضًا بين روسيا وتركيا سابقا. ومع ذلك، فإن التقدم العسكري الحالي للجيش السوري أزعج تركيا، والتي اعتبرت أنه بات يشكل تهديدًا لها منذ أسبوع، قائلة إن الجيش السوري يجب أن ينسحب من المناطق التي تقدم إليها بالقرب من النقاط التركية. وخلال الأسبوع الماضي، أرسلت تركيا مئات الآليات العسكرية والقوات إلى محافظة إدلب. ويوم الاثنين، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض إن تركيا أرسلت 6000 جندي و 1400 مركبة عسكرية إلى ريف حلب وإدلب خلال الأيام القليلة الماضية حيث لم تكن تشن هجومًا واسع النطاق ضد الجيش السوري. وقال إن القصف التركي العنيف بدأ ضد مواقع القوات الحكومية في إدلب لإحباط تقدم الجيش السوري، مضيفًا أن القوات السورية أمامها كيلو مترين فقط لاستعادة طريق دمشق - حلب السريع ولكن نقطة تركية في منطقة رشدان بحلب، أعاقت هذا التقدم. وأضاف المرصد السوري إن الجيش السوري قصف مطار تفتناز في إدلب والواقع شمال غرب مدينة سراقب، مما أسفر عن قتل 10 جنود أتراك ومسلحين موالين لتركيا. وقال نشطاء آخرون إن المسلحين المدعومين من قبل تركيا، والذين يقاتلون إلى حد كبير مع تنظيم (جبهة النصرة) المرتبطة بتنظيم القاعدة، تلقوا أمرًا بتعليق الهجوم العسكري ضد الجيش السوري إلى أن تنتهي المباحثات الروسية التركية في أنقرة. في وقت سابق من اليوم، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن وفدًا روسيا عاد إلى تركيا يوم الاثنين لإجراء مزيد من المباحثات حول التوترات المتزايدة في محافظة إدلب، بعد فشل الجولة الأولى الأسبوع الماضي في تحقيق نتائج. قال هيثم حسون، الخبير العسكري السوري، والعميد المتقاعد لوكالة أنباء (شينخوا) إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يختار تصعيد الوضع في إدلب لأن "التقدم العسكري السوري يهدد المصالح التركية في تلك المنطقة حيث يفقد المسلحون الذين تدعمهم تركيا الأرض والنقاط العسكرية التركية التي باتت محاصرة أيضًا". وأضاف حسون إن تركيا تشعر بأنها تخسر في سوريا، مشيرًا إلى أن "الجانب التركي فشل في الوفاء بالتعهدات التي تم التعهد بها في اتفاق سوتشي في العام 2018 ونتيجة لذلك، فإن الجيش السوري يتحرك إلى الأمام لأنه لا يمكن السماح للمسلحين المتطرفين بالسيطرة على الطريق الدولي أو أي جزء آخر من سوريا". وقال إن "القوات التركية في سوريا هي قوات احتلال"، مشيرا إلى أن وجود القوات التركية هو تجاوز للسيادة السورية. وأضاف أن "الفشل التركي في تنفيذ اتفاقية سوتشي جعل هذه الاتفاقية لاغية". من جهته، قال بسام أبو عبد الله، أستاذ محاضر في كلية العلوم السياسية ، وكالة أنباء (شينخوا) إن القوات التركية في سوريا لا تزال تدعم المسلحين المتطرفين وأنها تقوم بذلك في إدلب بشكل خاص على مدار الـ18 شهرًا الماضية. وقال إن نقاط التعزيز والمراقبة التركية تهدف إلى خنق تقدم الجيش السوري، مشيرًا إلى أن جميع الخيارات باتت مطروحة من بينها تصعيد الصراع. من جانبه، اعتبر المحلل السياسي السوري عماد سالم أن استهداف الجيش السوري لقوات تركية دخلت مطار تفتناز شكل "نقطة تحول كبرى في مسار الحرب على سوريا من حيث الزمان والمكان"، لافتا إلى أن الاستهداف السوري للقوات التركية جاء بالتوافق مع روسيا. وتابع سالم يقول إن "تركيا غير قادرة على التصعيد أكثر مع سوريا بمعنى الدخول في حرب مع الجيش السوري ذلك أن المزاج العام في تركيا غير راض عن تدخل أردوغان في سوريا فكيف سيكون الحال لو تزايدت الخسائر البشرية التركية في حرب يعتبرها الأتراك لا ناقة لهم فيها ولا جمل"، مؤكدا أن الرئيس التركي يمر بأزمات داخلية الأمر الذي سيجبره على وقف مغامراته. وبين أن وصول الوفد الروسي لبحث التهدئة يمثل طوق نجاة لخروج أردوغان من عنق الزجاجة الذي وضع نفسه فيه، مقابل نصر معنوي للجيش السوري يسجل له وسيكون مقدمة لمواصلة التضييق على القوات التركية حتى تخرج من الأراضي السورية.
مشاركة :