المزارعة كريمة النجار، على نفسها، كثيراً من المال، الذي تحتاجه لشراء الأعلاف الجاهزة، اللازمة لغذاء الماشية التي تربيها بمساعدة أسرتها، بعد ان أقامت مشروعها الخاص بذلك. فقد أقدمت "النجار" على إنشاء مشروع "الشعير المستنبت"، الذي يقوم على مبدأ "الزراعة المائية" قبل عدّة أشهر، بهدف توفير أعلاف بكميات أكبر وقيمة غذائية عالية. وعلى مساحة أرضية صغيرة، تقع غربي محافظة خانيونس جنوبي القطاع، تنشغل السيدة يومياً برفقة زوجها، في متابعة إنتاج المشروع، الذي تميز باستخدامه حاوية الإنتاج التي تم تصميمها من قِبل مهندسين مختصين، لتساعد في تسريع عملية النمو وتوّفر كميات أكثر بجودة أفضل. ويأتي مشروعها، ضمن مشروع "بناء صمود الرجال والنساء الأشد احتياجا في قطاع غزة"، الذي ينفذه مركز العمل التنموي معاً (غير حكومي)، بالشراكة مع مؤسسة "أوكسفام"، وبإشراف وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، وتمويلٍ من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. وتقول النجار لمراسل الأناضول، إن تلك التقنية التي تعتمد على المياه فقط، يمكن أن تنتج الشعير بشكل مضاعف لحوالي عشرة مرات، مع الحفاظ على القيم الغذائية. حيث أن التحاليل المخبرية، بيّنت أنّ نسبة البروتين في الشعير المستنبت تساوي 16 بالمئة، وهي ذات النسبة الموجودة في المكملات الغذائية مرتفعة الثمن، وفقاً لحديث السيدة. من جهته، يبيّن الزوج حسام النجار، أنّ مراحل الاستنبات تبدأ بتجفيف الشعير وتنقيته من الشوائب، وبعدها يتم وضعه بإناء مليء بالكلور لمدة 12 ساعة، وثم ينتقل للمرحلة التي تتمثل بالإنبات المباشر. وتستغرق العملية من الوقت حوالي 14 يوماً في فصل الشتاء، و7 أيام فقط بفصل الصيف، وذلك تِبعاً لدرجة الحرارة والرطوبة في الجو التي تشكل عاملاً مهماً في تحسين جودة الإنتاج. ** مشروع أسري وتتم تلك العملية داخل حاويةٍ صغيرة مكونة من عدة طبقات، ومُصنعة من الحديد والبلاط ومغطاة بأقمشة مبللة بالمياه، لتساعد على توفير الجو المناسب لعملية الإنبات. وتُوضع حبات الشعير داخل أوعية بلاستيكية خاصّة، وكل طبقة من طبقات الحاوية تضم شعيراً بأعمارٍ مختلفة، وفقاً لحديث النجار. ويتابع الزوج: "تلك التجربة مهمة على الصعيدين المادي والغذائي، فمن ناحية تعمل على توفير كميات كبيرة من الشعير مقابل مبالغ بسيطة، ومن الأخرى تعمل على توفير طعام للمواشي بقيم غذائية عالية، تساهم في تحسين جودة اللحوم، ورفع مستوى إنتاج الحليب وجودته". وينوه إلى أنّ كل أفراد أسرته بما فيهم زوجته، يتناوبون على الاهتمام بالمشروع، الذي شكل واحداً من المشاريع الريادية في القطاع. ويقول إن مشروعهم "يتجاوز التفاصيل المُكلفة، التي كانت تُتبع لاستنبات الشعير، حيث أنّ الأمر كان يحتاج لغرفة كبيرة وإضاءة ومعدات باهظة الثمن". ** تاريخ تجربة وأهميتها وبدأت تجربة العمل بالشعير المستنبت في العالم بشكلٍ عام سنة 1930، حيث بدأ مجموعة من العلماء بتجريب زراعة النباتات دون تربة، بالاعتماد على الغذائية الذائبة في الماء، وخلال تجاربهم وجدوا أنّ التربة غير ضرورية إلا لتثبيت جذور النباتات. وأشارت عدد من المراجع العملية إلى أنّ استنبات الشعير بصفة خاصة هو عملية نقع، حيث يتم تنبيت البذور داخل غرف محكمة الغلق لها جو يماثل الجو الطبيعي لزراعة الشعير كونه نبات شتوي. وذلك من خلال التحكم في درجة حرارة المكان ودرجة الرطوبة والإضاءة، ما يؤدي إلى تحرر الإنزيمات ونبت الجنين ومضاعفة الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية. وتحتاج النبتة الواحدة من الشعير المستنبت إلى عدة أيام، لتكون عناصرها الغذائية الكاملة قد توافرت بصورتها العظمي، حيث تصير جاهزة لتكون مصدراً حيويا وطازجا للبروتين والإنزيمات والفيتامينات، كونها طعام بسيط سهل الهضم يحتوي على قيمة بيولوجية عالية. وأهمية التجارب المتنوعة التي شهدتها الساحة الفلسطينية، تنبع من كون قطاع المواشي في الضفة الغربية وقطاع غزّة، صار مهدداً بالتراجع خلال السنوات الماضية، بسبب التوسع العمراني، الذي ينتج عنه تقليص مساحة الأراضي المزروعة والأراضي. ولتعويض ذلك التراجع، يلجأ مربو المواشي لاستيراد الأعلاف الجاهزة، التي لا تحمل غالباً الخصائص الغذائية الطبيعية، إضافة لأنها مرتفعة الثمن، واللجوء لخيار الشعير المستنبت يمكن أن يحل تلك المشكلة، كون أسعارها منخفضة وتوفيره محلياً سهل، وفقاً لحديث النجار. ووفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء يبلغ استهلاك السوق الفلسطينية من أنواع الأعلاف المختلفة حسب إحصائيات 2015-2016 ما معدله 945.298 ألف طن، يغطي إنتاج مصانع الأعلاف الفلسطينية 40% من هذه الاحتياجات، والباقي يتم توفيره من الخارج. ** تحسين الأمن الغذائي ويشير النجار إلى أنّه عمل على نقل تجربته لعدد من المزارعين في منطقته خلال الفترة الماضية، حيث أنّ كثيراً منهم صار مقبلاً على إنتاج الشعير بكميات أكبر، كونهم وجدوا فيه الميزات الكبيرة، التي تساهم في رفع مستوى إنتاجهم وبالتالي زيادة أرباحهم وتعزيز صمودهم، لاسيما في ظل ما يواجهونه من تحديات وعقبات. ويحلم الرجل الثلاثيني، بأن يكون قادراً في المستقبل القريب على توسيع المشروع الأسري، من خلال زيادة أعداد رؤوس الأغنام لديهم، وتوسيع مكان الحاوية، لتكون قادرة على إنتاج كميات أكبر، تُمكنه من تحقيق الربح والفائدة العالية، التي يمكن أن تساهم في تحسين وضعهم المعيشي. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :