بكين 12 فبراير 2020 (شينخوا) جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اجتماع لمجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء رفض خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، فيما أكدت الأمم المتحدة التزامها بحل الدولتين وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة. وقال عباس إن الرفض الواسع لهذه الخطة التي وصفها بأنها "اقتراح إسرائيلي-أمريكي" يأتي بسبب ما تضمنته من خطوات أحادية الجانب وبسبب "مخالفتها الصريحة للشرعية الدولية، ولأنها ألغت مطالب الشعب الفلسطيني في حقه المشروع في نيل حريته واستقلاله في دولته، وشرّعت ما هو غير قانوني من استيطان ومصادرة الأراضي وضم للأراضي الفلسطينية". وأضاف "هذه الخطة لن تجلب السلام أو الاستقرار إلى المنطقة. وبالتالي، لن نقبلها وسنواجه تنفيذها على الأرض"، مؤكدا في الوقت نفسه أنه مستعد لبدء مفاوضات مع إسرائيل إذا وجد شريكا حقيقيا، تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) وعلى أساس المعايير المتفق عليها دوليا. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في 28 يناير عن خطته المثيرة للجدل للسلام في الشرق الأوسط لحل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتعترف الخطة بالقدس كـ"عاصمة غير مقسمة " لإسرائيل، فيما تزعم أن العاصمة الفلسطينية ستضم مناطق من القدس الشرقية. وتسمح الخطة التي وصفها عباس في وقت سابق بأنها "صفعة القرن" لإسرائيل بالسيادة على مناطق معينة في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن، مما أدى إلى المزيد من التوترات في المنطقة. ومن جانبه، حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الثلاثاء القادة الإسرائيليين والفلسطينيين على إظهار الإرادة السياسية لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط. وأكد أن هذا الوضع الهش يؤكد فقط أهمية الحاجة إلى تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الممتد، حيث يظل هذا الأمر ضروريا بالنسبة للسلام المستدام في المنطقة. وقال لمجلس الأمن الدولي الذي اجتمع لبحث خطة السلام الأمريكية للشرق الأوسط، "هذا وقت للحوار والمصالحة والمنطق" داعيا الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين إلى إظهار الإرادة اللازمة للنهوض بهدف تحقيق سلام عادل ودائم يجب على المجتمع الدولي أن يدعمه. وفي كلمته أمام المجلس، دعا المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف إلى التفكير في سبل لإعادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات. وقال إن المطلوب الآن هو قيادة سياسية وتفكير جاد فيما ينبغي القيام به لإعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات، آملا أن ينضم المجلس لدعوة الأمين العام إلى إيجاد حل تفاوضي للصراع والمشاركة البناءة بين الطرفين. وشدد المسؤول الأممي أن السلام الدائم والشامل هو هدف يتحقق فقط عبر تحقيق رؤية حل دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن على حدود 1967 مع القدس عاصمة للدولتين. وقال إن الأمم المتحدة ملتزمة بشكل كامل بالسلام العادل والشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس الإطار متعدد الأطراف المشترك المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي. وبدوره، أوضح تشانغ جون، المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة، أن الصين تؤمن دوما بأن قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والتوافقات الدولية، مثل حل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام، تمثل أساسا مهما لتسوية القضية الفلسطينية ويجب الالتزام بها. وأكد تشانغ أن القضية الفلسطينية يمكن تسويتها فقط عبر الوسائل السياسية، وأن أي مقترح ينبغي أن يرتكز على الاهتمام بوجهات نظر وآراء الأطراف الرئيسية، بشكل خاص الجانب الفلسطيني، إضافة إلى أصوات الدول والمنظمات الإقليمية. كما ذكر مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن الولايات المتحدة لن تتمكن من تحقيق حل عادل في الشرق الأوسط بدون موافقة الجانب الفلسطيني. وبينما أشار إلى ضرورة تسوية القضية الفلسطينية، أكد قناعة بلاده بأن ذلك يتطلب جهودا منسقة للمجتمع الدولي من أجل صياغة حل عادل وثابت. وشدد المندوب الدائم المساعد لتونس لدى الأمم المتحدة طارق الأدب على ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن الدولي مسؤوليته في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وتسوية النزاعات، وأن يعمل على دفع عملية السلام على أساس المرجعيات المتفق عليها دوليا بما يكفل للشعب الفلسطيني استعادة حقوقه المشروعة وانهاء التوتر وضمان الأمن والسلام لكافة شعوب المنطقة. وعقد اجتماع مجلس الأمن الدولي بطلب من تونس وإندونيسيا بعد أن كشف ترامب في 28 يناير عن خطة سلام مثيرة للجدل في الشرق الأوسط، تدعو إلى حل الدولتين مع الاعتراف بالقدس كـ"عاصمة غير مقسمة" لإسرائيل. وقوبلت الخطة في التو برفض من فلسطين والعالم العربي ودول أخرى في جميع أنحاء العالم. وقبل الاجتماع، قالت الدول الأوروبية الأربع الأعضاء في مجلس الأمن الدولي -- بلجيكا وإستونيا وفرنسا وألمانيا --إلى جانب بولندا، التي انتهت توا عضويتها في المجلس، في بيان مشترك، إن خطة السلام الأمريكية للشرق الأوسط تحيد عن المعايير المتفق عليها دوليا فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. ولفت وزير الخارجية والدفاع البلجيكي فيليب جوفين الذي كان يحيط به ممثلو الدول الأربع الأخرى، إلى أن الدول الخمس أعربت عن استعدادها للعمل من أجل استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين لحل جميع قضايا الوضع النهائي، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالحدود ووضع القدس والأمن ومسألة اللاجئين، بهدف بناء سلام عادل ودائم. وفي وقت سابق، أعرب الاتحاد الأفريقي يوم الأحد عن رفضه لخطة السلام الأمريكية التي أُعلنت مؤخرا وأثارت توترات متزايدة بين فلسطين وإسرائيل خلال جلسة افتتاح القمة الثالثة والثلاثين للاتحاد الأفريقي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد إن الخطة الأمريكية وضعت دون تشاور مع الفلسطينيين وتنتهك قرارات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وتدوس على حقوق الشعب الفلسطيني، مضيفا أنها ستفاقم من حدة التوترات في المنطقة وما وراءها.
مشاركة :