فتح انتعاش الاقتصاد الأميركي المتواصل منذ أكثر من عشر سنوات، وانخفاض معدل البطالة لأدنى مستوياته في نصف قرن، شهية الأميركيين لاستخدام حدود الاقتراض الممنوحة لهم على بطاقات الائتمان، ليصل حجم الديون عليها إلى أعلى مستوياته، منذ ظهور أول بطاقة ائتمان قبل 70 سنة. وفي بياناتٍ صدرت الثلاثاء الماضي، قال بنك الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك: إن الأرصدة المدينة على بطاقات ائتمان الأميركيين، ارتفعت في الربع الأخير من العام المنتهي بمبلغ 46 مليار دولار، لتصل إلى 930 مليار دولار، متجاوزةً أعلى مستوى تم الوصول إليه من قبل، والذي تم تسجيله عشية الأزمة المالية العالمية في 2008. وفي الوقت الذي سجل فيه متوسط أجور الأميركيين ارتفاعاً للمرة الأولى في عقود، كان واضحاً أن بعض فئات المجتمع الأميركي، تعاني من ارتفاع مديونيتها، حيث ارتفعت خلال الربع الأخير من العام الماضي نسبة ما يطلق عليه «التعثر الخطر»، أو ما تأخر سداده من ديون على البطاقات عن موعده أكثر من ثلاثة أشهر، في الفئة العمرية من 18 إلى 29 عاماً إلى 9.36%، بعد أن كانت 8.91% خلال الربع السابق، بينما كان المتوسط على مستوى الأميركيين من جميع الفئات العمرية في حدود 5.32%. وفي الوقت الذي تعد فيه تلك الفئة العمرية، التي تشمل من يبدؤون حياتهم العملية، هي الأكثر استخداماً للحدود الائتمانية المتاحة لها، وبالتالي الأكثر عرضة للدخول في حالات التعثر الخطر، أملاً في السداد مع الترقي في السلم الوظيفي، اعتبر المحللون الاقتصاديون أن ارتفاع نسب التعثر عموماً، نتيجة طبيعية لتسهيل البنوك عملية إصدار بطاقات الائتمان وتقديم القروض، بعد ضغوط كبيرة من الإدارة الأميركية الحالية على المشرعين، لتخفيف القيود التي تم فرضها في أعقاب الأزمة المالية العالمية. ولا يكاد يمر أسبوع على المواطن الأميركي، إلا ويصله عرض من أحد البنوك بمنحه بطاقة ائتمان، بغض النظر عن امتلاكه لوظيفه أو بطالته، مع منحه العديد من المزايا، مثل إلغاء المصاريف السنوية، أو إعفائه من الفوائد المطبقة على ما لم يتم سداده من مديونية، لفترات تصل في بعض الأحيان إلى عامين، ومع استقرار معدلات الفائدة عند مستوياتها شديدة الانخفاض الحالية، تتنافس البنوك بشراسة على «اختطاف العملاء» من بعضها بعضاً، بمنحهم امتيازات كبيرة في حالة نقل مديونيهم لدى البنوك الأخرى إليها.
مشاركة :