اتهم المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الأربعاء أنقرة بعدم احترام الاتفاقات الروسية-التركية حول وقف إطلاق النار في سوريا وبأنها لا تفعل شيئاً من أجل "تحييد الإرهابيين" في منطقة إدلب. ومتحدثاً عن اتفاقات سوتشي التي تم التوصل إليها في تشرين الأول/أكتوبر، أوضح بيسكوف أن تركيا "ملزمة بتحييد المجموعات الإرهابية" لكن "كل تلك المجموعات تهاجم القوات السورية وتقوم بأعمال عدوانية ضد المنشآت العسكرية الروسية". وأضاف "ذلك غير مقبول ويناقض اتفاقات سوتشي"، معتبراً في الوقت نفسه أن القوات السورية تضرب "إرهابيين وليس مدنيين". وارتفعت النبرة الأربعاء بين أنقرة وموسكو، في أعقاب أيام شهدت مواجهات دامية بين القوات السورية والتركية في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، أسفرت عن مقتل 14 عسكرياً تركياً بقصف لقوات النظام السوري المدعوم من روسيا. وتخضع المنطقة نظرياً لاتفاق "خفض تصعيد" اتفقت عليه أنقرة وموسكو، لكن تركيا عززت وجودها العسكري فيها بشكل كبير، بينما سجل النظام وموسكو انتصارات كبيرة في الأسابيع الأخيرة ضد مجموعات معارضة وجهادية تسيطر على إدلب. وفي موقف قل مثيله، انتقد إردوغان روسيا بشكل مباشر الأربعاء، بقوله إن "النظام والقوات الروسية التي تدعمه تهاجم المدنيين باستمرار وترتكب مجازر"، مندداً في خطاب من أنقرة "بعدم احترام التعهدات". وينص اتفاق بين أنقرة وموسكو أبرم في سوتشي على وقف الأعمال العدائية في إدلب، لكن جرى خرقه أكثر من مرة قبل أن ينهار بالكامل. وعلى الصعيد الإنساني، فر نحو 700 ألف شخص من إدلب جراء العملية العسكرية التي أطلقها النظام السوري في كانون الأول/ديسمبر. وقتل منذ بدء النزاع السوري في 2011 أكثر من 380 ألف شخص ونزح الملايين. دمشق تصف إردوغان بأنه "منفصل عن الواقع" وصفت دمشق الأربعاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه شخص "منفصل عن الواقع" بعد تهديده باستهداف القوات السورية في "كل مكان"، وفق ما نقل الإعلام الرسمي عن مصدر في الخارجية. وقال مصدر في وزارة الخارجية السورية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، "يخرج علينا رأس النظام التركي بتصريحات جوفاء فارغة وممجوجة لا تصدر إلا عن شخص منفصل عن الواقع (...) ولا تنم إلا عن جهل ليهدد بضرب جنود الجيش العربي السوري بعد أن تلقى ضربات موجعة لجيشه من جهة ولإرهابييه من جهة أخرى". وتشهد محافظة إدلب في شمال غرب سوريا منذ عشرة أيام توتراً ميدانياً قلّ مثيله بين أنقرة ودمشق تخللته مواجهات أوقعت قتلى بين الطرفين، آخرها الإثنين. ويأتي ذلك بالتزامن مع هجوم لقوات النظام بدعم روسي مستمر منذ كانون الأول/ديسمبر في مناطق في إدلب وجوارها تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة أقل نفوذاً. وأرسلت تركيا مؤخراً تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة تتألف من مئات الآليات العسكرية، دخل القسم الأكبر منها بعد تبادل لإطلاق النار قبل أسبوع بين القوات التركية والسورية خلف قتلى من الطرفين. وتكرر التوتر الإثنين، إذ أعلنت أنقرة عن استهداف قوات النظام السوري مواقعها في إدلب. وقتل في الحادثتين، وفق ما أعلن أردوغان الأربعاء، 14 تركياً وأصيب 45 آخرون بجروح. وصعد أردوغان من نبرة تهديداته لدمشق. وقال الأربعاء في كلمة أمام كتلة حزبه الحاكم العدالة والتنمية في البرلمان في انقرة "سنضرب قوات النظام في كل مكان اعتباراً من الآن بغض النظر عن اتفاقية سوتشي، في حال إلحاق أدنى أذى بجنودنا ونقاط المراقبة التابعة لنا أو في أي مكان آخر". ومحافظة إدلب والأجزاء المحاذية لها مشمولة باتفاق روسي تركي جرى التوصل إليه في سوتشي في العام 2018، ونص على فتح طريقين دوليين يمران في المنطقة، بينهما طريق حلب - دمشق، وعلى إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل. إلا أن هيئة تحرير الشام لم تنسحب من المنطقة المحددة فيما استأنفت دمشق هجماتها على مراحل. وتنتشر تركيا، بموجب الاتفاق، في 12 نقطة مراقبة في المنطقة باتت ثلاث منها على الأقل محاصرة من قبل قوات النظام السوري. والثلاثاء، جرى إسقاط مروحية سورية قرب منطقة تتمركز فيها القوات التركية. إلا أن أنقرة لم تعلن مسؤوليتها عن الحادث، فيما قالت وسائل اعلام تركية إن المروحية سقطت بنيران الفصائل المعارضة.
مشاركة :