الأردن: زعامة «الأعيان» تثير جدل الهوية والملكة رانيا تشكو من التيار «اليميني»

  • 10/29/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أثارت الإطاحة المفاجئة برئيس مجلس الأعيان الأردني (مجلس الملك) طاهر المصري قبل أيام، وإسناد زعامة البوابة الثانية للبرلمان إلى رئيس الوزراء السابق عبد الرؤوف الروابدة، مجدداً جدل الهوية في بلد يُعتبر المكوّن الفلسطيني فيه الأكبر بعد المكوّن الأصلي الذي تمثله العشائر الأردنية، وذلك بعد قراءة حساسة تبنتها أوساط سياسية اعتبرت أن قرار الإطاحة كان له بعد إقليمي. واللافت أن هذه القراءة التي تثير الحساسيات في عمان عززتها تصريحات نادرة ساهمت في صب الزيت على النار، أدلى بها المصري نفسه الذي يتحدر من أصول فلسطينية، إلى إحدى وكالات الأنباء الأميركية أمس، إذ بادر إلى ربط استبعاده بأبعاد متعلقة بـ «الأصول والمنابت». وقال في تصريحات أثارت عاصفة من التعليقات والمواقف السياسية الصاخبة في البلاد، إن خروجه من المنصب الرفيع «يمثل استبعاداً له ولتيار إصلاحي عمل طوال الوقت على ترميم العلاقة بين النواب والأعيان». وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أصدر في 25 الشهر الجاري مرسوماً يقضي بإعفاء المصري من منصبه، وتعيين الروابدة، أول رئيس حكومة في عهده، بدلاً منه. وقال المصري: «قد يكون بعض المكوّن الفلسطيني موجوداً داخل مجلس الأعيان الآن، لكن هذا المكون ليس له أي تمثيل على الأرض، والأمثلة كثيرة». وكانت «الحياة» نشرت معلومات مؤكدة في وقت سابق أشارت إلى أن تياراً قوياً داخل صنع القرار سعى طيلة الفترة الماضية إلى إطاحة المصري بعدما وجّه الأخير جملة انتقادات لأداء الحكومات ولخريطة الإصلاح التي أعلنها الجانب الرسمي. والمفارقة أن المصري الذي أشار صراحة إلى «الأصول والمنابت»، كان عمل وزيراً للخارجية في حكومات سابقة، وتولى رئاسة الحكومة عام 1991، ورئاسة البرلمان عام 1993، وظل مقرباً من القصر الملكي لسنوات. ومع ذلك، فإن ثمة تياراً «يمينياً» على الأرض يُعرف بمواقفه المتطرفة طالما حذر من «عمليات تجنيس الفلسطينيين المستمرة»، وهي عملية ليس لها سند حقيقي. ويرى هذا التيار الذي يضم عدداً كبيراً من المتقاعدين العسكريين (السكان الأصليون)، أن مسمى الأردنيين يجب أن ينحصر بمن «يحملون أرقاماً وطنية قبل قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية». في المقابل، ثمة تيار آخر يتسم بـ «التطرف» أيضاً وتمثله شريحة نافذة ومؤثرة من ذوي الأصول الفلسطينية، يحمل نظرة «شوفينية» لكل ما هو أردني. ويقضي قرار فك الارتباط الذي صدر بناء على طلب منظمة التحرير الفلسطينية بإجماع عربي في حزيران (يوليو) عام 1988، باعتبار كل من هو موجود داخل الضفة عند صدور القرار حاملاً للجنسية الفلسطينية، وكل من كان خارجها عند صدور القرار، أردنياً. وينظر بعض النخب السياسية والأمنية في الأردن منذ أحداث أيلول (سبتمبر) عام 1970، بريبة إلى الديموغرافيا الفلسطينية. وقبل فك الارتباط، أجرت دائرة المخابرات العامة إحصاء لأعداد الأردنيين من أصل فلسطيني خارج الضفة، وكانت نسبتهم 48 في المئة. وبعد تطبيق القرار، ظلت هذه النسبة تنخفض حتى وصلت في آخر إحصاء إلى 43 في المئة فقط. وعكست تلك الإحصاءات ما يسميه الوحدويون من كلا الطرفين، وهم كثر، «وهماً» لخطر ديموغرافي، فبعد وحدة الضفتين بعامين، كان عدد سكان الضفة الشرقية من دون الفلسطينيين نحو 440 ألف نسمة، وكان عدد الفلسطينيين في المملكة الأردنية في ذلك الوقت تحديداً نحو 890 ألف نسمة، أي ما يعادل ضعف السكان الأصليين. والمفارقة، أن التفوّق الديموغرافي الفلسطيني لم يؤد في حينه إلى خوف الشرق الأردنيين على هويتهم الوطنية، بل إن العكس حصل، وهو خوف الفلسطينيين على هويتهم المهددة من المشروع الصهيوني. ويبدو أن عودة جدل الهوية في الأردن لم يقتصر على تصريحات المصري، إذ أطلقت زوجة العاهل الأردني، الملكة رانيا العبد الله التي تتحدر من أصول فلسطينية أمس، تصريحات جريئة بثتها قناة «العربية» الفضائية، انتقدت فيها للمرة الأولى بشكل مبطن تياراً «يمينياً»، طالما وجه إليها وإلى عائلتها اتهامات بالفساد، فقط لأنها تتحدر من مدينة نابلس الفلسطينية. وقالت الملكة إن هناك إشاعات «مست نزاهتي، والمبادئ التي تربيت عليها، وأقرب الناس إلي، وهم أهلي». ويرى التيار «اليميني» أن الملكة رانيا تخالف الدستور «الذي حصر التدخل في الشأن العام بشخص الملك فقط». لكن جرأة النقد عند هذا التيار، دفعت تيارات أخرى إلى القول إن التركيز على نقد الملكة تحديداً «ليس سوى انعكاس لرؤية عنصرية شوفينية».

مشاركة :