مصرف لبنان يخفض أسعار الفائدة

  • 2/14/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بقيت الأنظار مشدودةً في لبنان، على بدء حكومة الرئيس حسان دياب محاولات تفكيك «القنبلة الموقوتة» المالية - الاقتصادية وضبْط «انفجارها» بما يسبّب أقلّ الأضرار، وسط اعتبار الأوساط المطلعة أن التعاطي مع استحقاق سندات «اليوروبوندز» في مارس المقبل (1.2 مليار دولار) لجهة سداده أو عدمه سيشكّل المؤشر الأول لمجمل المسار الذي سيُعتمد في مقاربة مجمل معضلة الدين العام لجهة إعادة هيكلته أو جدولته وما سيتطلّبه ذلك من إجراءات بينها الـ HAIR CUT وغيرها.وعَكَس تريُّث الحكومة أمس، بحسْم خيارها بشأن استحقاق مارس بعد اجتماعٍ مالي عُقد في قصر بعبدا بحضور الرئيس ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ودياب وحاكم «المركزي» رياض سلامة والوزراء المعنيين، تَهَيُّب السلطة اتخاذ قرارٍ سيرتّب في أي من اتجاهاته تداعياتٍ سواء مالية على صعيد استنزاق ما تبقى من احتياطات مصرف لبنان بحال السداد، أو مالية - سياسية بحال التأجيل أو التخلّف عير المنظّم والذي تصاعدتْ إشاراتٌ لعدم ارتياح خليجي إزاءه لأنه سيُفسِّر من ضمن مسار إضافي للإمعان بعزْل لبنان عن الخارج تحت عنوان «الحلول بالقدرات الذاتية» بما يعني انزلاقاً نحو «الاقتصاد المقاوم».وقد أرجأ مجلس الوزراء، غداة طلب لبنان رسمياً من صندوق النقد الدولي المشورة والمساعدة التقنية لتحديد موقف الحكومة من مسألة التخلّف عن سداد الدين وإعادة هيكلته، اتخاذ قرار في شأن استحقاق «اليوروبوندز» وأحال الأمر على لجنة ستُشكل بعد الاستعانة بخبراء من صندوق النقد وخبراء دوليين، مع تفويضٍ لافت من عون لدياب، التفاوض استناداً الى المادة 52 من الدستور بما اعتُبر أنه يمهّد لإشراك البرلمان أيضاً بأي خيار في هذا الشأن، من ضمن إصرار الحكومة و»حزب الله» على غطاءٍ وطني.وفي السياق، قال وزير المالية غازي وزني، إنه جرى بحث العديد من الخيارات بشأن التعامل مع السندات الدولية. وأضاف: «كل خيار تمت دراسته بعمق من ناحية الدفع أو عدم الدفع». وأضاف أن الحكومة ستصدر تعميماً خلال أيام بخصوص تنظيم القيود غير الرسمية على حركة رؤوس الأموال المفروضة من البنوك التجارية، وذلك من أجل «التعاطي الواضح بين العملاء والمصارف» وحماية المودعين. وقال إن البنوك لن يكون بإمكانها بعد ذلك التعامل مع المودعين بطريقة غير قانونية وغير واضحة.من جانبه، حدد تعميم جديد من مصرف لبنان المركزي، أمس، سقفاً لسعر الفائدة عند أربعة في المئة للودائع الدولارية وعند 7.5 في المئة لودائع الليرة اللبنانية. ويحدد التعميم، سقفاً عند اثنين في المئة على الودائع الدولارية لأجل شهر، وأربعة في المئة على ودائع عام أو أكثر. ويعد هذا الخفض الثاني من نوعه في أسعار الفائدة خلال شهرين.وكان المصرف المركزي حدد في ديسمبر، العائد السنوي للودائع بالليرة اللبنانية بنسبة 8,5 في المئة مقابل 5 في المئة للودائع بالدولار.وقال مصدر مصرفي، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ«فرانس برس»، «هذا الاجراء هو جزء من خطة انقاذ اكثر شمولاً».ويسري سعر الفائدة على الودائع الجديدة أو المجددة من تاريخ 12 فبراير الجاري. وفي لندن، قال محللون لدى «كابيتال إيكونوميكس»، إنه قد يتعين على حائزي السندات اللبنانية شطب 70 في المئة من استثماراتهم، وخفض قيمة العملة للنصف، بموجب خطة إنقاذ من صندوق النقد.وسيلتهم ذلك رؤوس أموال البنوك، وستصل كلفة إعادة رسملة البنوك إلى نحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقد تفيد مساعدة فنية من صندوق النقد في الحد من الضغوط.وستكون هناك حاجة أيضاً إلى تقليص الإنفاق الحكومي بين ثلاثة وأربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع تصاعد عبء الديون. وسيتركز التقشف في كبح الزيادة في رواتب القطاع العام وإصلاح شركة الكهرباء.ويقل سعر الصرف في السوق السوداء، نحو 30 في المئة عن سعر الصرف الرسمي، لكن أحدث مراجعة من صندوق النقد للبنان قدرت أن قيمة العملة مغالى فيها بنسبة 50 في المئة.وكتب جيسون توفي، من «كابيتال إيكونوميكس» في مذكرة: «نعتقد أن العملة قد تهبط 50 في المئة مقابل الدولار... وفي الوقت نفسه، من المرجح أن يسقط الاقتصاد في ركود أعمق. ويشكل عام، نتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي خمسة في المئة هذا العام. توقعاتنا في أدنى نقطة من نطاق إجماع التوقعات».في سياق آخر، وللمرة الأولى منذ 14 فبراير 2005 تكتسبُ ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، اليوم، أبعاداً غير مسبوقة في الشكل والمضمون، بما يَعْكِسُ «قوسَ» التحولاتِ الكبرى المتدرّجة التي قَضَمَتْ الواقعَ اللبناني على متنِ عمليةِ تدجينٍ ممنْهجٍ، للوقائع الداخلية، كما متغيّراتٍ خارجية وفّرت أقلّه حتى الساعة «بيئةً حاضنةً» للمسار الكاسِر للتوازنات الذي تُوِّج قبل ثلاثة أيام باكتمال النصاب الدستوري للحكومة الجديدة التي وُلدت من لون واحد وبرافعةِ الأكثريتيْن المسيحية والشيعية.فبعد 15 عاماً على الجريمة التي «لم يجفّ دمها» بعد وما زالت تنتظر صدور الأحكام فيها عن المحكمة الدولية الخاصة بحق أربعة مُتَّهَمين من «حزب الله»، يكاد شكل الذكرى التي يحييها «تيار المستقبل» بقيادة الرئيس سعد الحريري أن يضاهي في أهميتِه مضمونَ كلمته التي سترسم معالِم تعاطيه مع المرحلة المقبلة التي جاءت «على أنقاض» تسويةٍ كانت أفضتْ العام 2016 إلى وصول عون إلى رئاسة الجمهورية وعودة الحريري إلى رئاسة الوزراء. وفيما يثبّت الاهتمامُ الكبير الذي ما زالت هذه المحطة تكتسبه، أن «زلزال» 14 فبراير لم يكن حَدَثاً موْضعياً بقدر ما شكّل شرارةً متقدّمة لحرب النفوذ التي عادت وأشعلتْ المنطقة ولا تزال ولمعركة تقويض التوازنات في لبنان وإدخال «تعديلات جينية» على نظام الطائف، فإنّ أوساطاً واسعة الإطلاع تتوقّف عبر «الراي» عند انتقال هذه الذكرى للمرة الأولى من رحاب المشهدية الشعبية الوطنية، كما بقي الحال لسنواتٍ في «ساحة الشهداء»، ثم لسنوات أخرى في «البيال»، إلى دارة الحريري (بيت الوسط) الذي سيستضيف المناصرين والوفود الشعبية والحزبية التي كان يجمعها «رابط» 14 مارس.وفي موازاة جغرافيا الذكرى، فإن الأنظار تتّجه إلى مسألتيْن بالغتيْ الأهمية: الأولى طبيعة الحضور الحزبي والسياسي، ولا سيما على صعيدِ القوى المسيحية وتحديداً «القوات اللبنانية»، في ظلّ وجود الحريري للمرة الأولى في منطقة غير مألوفة بدا فيها وكأنه يفتقد «الجناح» المسيحي لمسيرته.والمسألة الثانية، كلمة الحريري التي بات محسوماً أنها ستُكَرِّسُ «الطلاق» مع عهد عون وفريقه (التيار الوطني الحر) عبر مواقف عالية السقف تعكس تراجُع زعيم «المستقبل» لمقاعد ما قبل تسوية 2016 وتنطوي على مراجعة للأعوام الثلاثة الماضية.وترى هذه الأوساط، أنه رغم الحضور الحزبي لكل مكوّنات ما كان يُعرف بتحالف 14 مارس، وخصوصاً أيضاً الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يقوده وليد جنبلاط، إلا أن ذلك لن يعكس اتجاهاً لإحياء هذا الإطار السياسي «جبْهوياً»، في ظلّ الحسابات التي قد لا تكون متطابقة حيال التصويب على «العهد» من ضمن محاولة الدفْع نحو تغييره، وإن كانت هذه المكوّنات تتلاقى على معارضة الحكومة الجديدة التي يشكّل تكوينها سابقةً ليس من حيث كونها من لون واحد (حكومة 2011 كانت كذلك) بل لأنها المرة الأولى يكون فيها وجود 14 مارس خارج الحُكم وهي فاقدة بالكامل لزمام السلطة التي يقبض «حزب الله» وحلفاؤه عليها اليوم بكل مستوياتها في تطوُّر بالغ التعبير عن التحوّل غير العادي في المشهد اللبناني.

مشاركة :