حذّر الرئيس حسن روحاني، من «انهيار» إذا تم تعطيل الانتخابات البرلمانية، المقررة في غضون 10 أيام، وقد بدأت أمس حملة الدعاية التي تستمر أسبوعاً للانتخابات، التي منع مجلس صيانة الدستور الآلاف من الترشح لها، ما يجعل النتيجة معروفة سلفاً لصالح التيار المتشدد. وفي خطاب، ألقاه أمام الآلاف في ساحة «آزادي»، وسط العاصمة طهران، حذّر روحاني من حالة عدم استقرار، إذا تم إجراء الانتخابات بطريقة «أحادية». ونبّه إلى مغبة حصول «ثورة» وشيكة، إذا لم يستطع الإيرانيون أن يصوتوا في انتخابات «سليمة وحرة»، مذكراً بأن الشاه السابق تم إسقاطه بعد أن سد طريق الاختيار أمام الناس. وأثنى روحاني، على ما يسمى «الثورة الإسلامية»، قائلاً: إن آخر ملوك إيران، محمد رضا بهلوي، كان «شخصاً فاسداً»، وأضاف: «ما كان للثورة أن تحصل في إيران، لو لم يكن ثمة فساد، ولو أن النظام المطاح به وقتئذ منح الناس الحق في أن يختاروا». وفي تصريحات، اعتبرها مراقبون تلميحاً، أضاف روحاني أن الثورة اندلعت، لأن الانتخابات لم تكن خياراً قائماً أمام الناس، و«حينما أغلق هذا الطريق، اضطر الناس إلى الخروج حتى يفتحوا المسار». ودخل روحاني في خلاف عميق مع الجناح الأكثر تشدداً في إيران، بشأن الانتخابات المرتقبة في 21 فبراير، وذلك بسبب منع أبرز الإصلاحيين، من تقديم ترشحهم وخوض غمار المنافسة. وحتى الإصلاحيون الذين دأبوا على المشاركة في انتخابات إيران، تراجعوا عن مواقفهم، أو أنهم فضلوا المقاطعة، بسبب مضايقات المتشددين. وتكشف تحذيرات روحاني من التحكم في الانتخابات، طابعاً صورياً للعملية الانتخابية في البلاد، على اعتبار أن رئيس الجمهورية نفسه يبادر إلى التحذير والمطالبة بالشفافية مثل أي مراقب مستقل، وليس روحاني السياسي الوحيد الذي حذر المؤسسة الحاكمة في البلاد، فقبل أسبوع فقط، نبّه المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي الربيعي، وهو مسؤول راكم تجربة مهمة في الاستخبارات، إلى أن الذهاب إلى الانتخابات هو الحل الوحيد، الذي يجنب إيران خطر الانهيار. وبدأت أمس، حملة الدعاية التي تستمر أسبوعاً للانتخابات البرلمانية، وتعتبر هذه الانتخابات اختباراً لشعبية المؤسسة الدينية، في وقت تدنت فيه العلاقات مع واشنطن إلى أسوأ مستوياتها، منذ قيام الثورة عام 1979. وقد رفض مجلس صيانة الدستور المكلف باعتماد المرشحين لخوض الانتخابات، حوالي 6850 مرشحاً من المعتدلين أو المحافظين لصالح المتشددين، وذلك من بين 14 ألفاً، تقدموا بطلبات لخوض الانتخابات التي تُجري يوم 21 فبراير الجاري، كما تم منع حوالي ثلث النواب من ترشيح أنفسهم مرة أخرى. وقال التلفزيون الإيراني: «بدأ اليوم الخميس المرشحون، البالغ عددهم 7150 مرشحاً، لخوض الانتخابات النيابية حملات الدعاية». وانتقد روحاني شطب المرشحين، لكنه طالب مثل المرشد علي خامنئي، بالإقبال على التصويت، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات بسبب النزاع المتعلق ببرنامجها النووي، وأيّد خامنئي صاحب القول الفصل في نظام الحكم الديني في إيران، مجلس صيانة الدستور، وقال: إن البرلمان المقبل ليس به مكان للخائفين من رفع أصواتهم ضد الأعداء الخارجيين. وكانت التوترات مع الولايات المتحدة اشتدت منذ 2018، عندما انسحب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي، المبرم عام 2015 مع القوى الكبرى، وأعاد فرض العقوبات المعوقة. ولن يكون للانتخابات تأثير كبير على السياسة الخارجية، أو على السياسة النووية في إيران، حيث إن الكلمة فيها لخامنئي، ومن المُرجح في ضوء استبعاد الشخصيات المعتدلة، وشخصيات محافظة بارزة أن يهيمن المتشددون الموالون لخامنئي على البرلمان. وقال ساسة مؤيدون للإصلاح في يناير: إنهم ليس لهم مرشحون للمنافسة على 230 مقعداً، من بين مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعداً، وأضافوا أن مطالب الإيرانيين بانتخابات «حرة ونزيهة» لم تُلب بسبب شطب عدد كبير من المرشحين. وقد استند مجلس صيانة الدستور، إلى أسباب مختلفة في رفض طلبات الترشيح مثل «الفساد والبُعد عن الإيمان»، ويبلغ عدد من يحق لهم من الإيرانيين الإدلاء بأصواتهم، حوالي 58 مليوناً، من بين السكان البالغ عددهم 83 مليون نسمة. وفي حين أن أنصار المؤسسة الحاكمة، سيصوتون لصالح المرشحين المتشددين، يواجه المعتدلون صعوبة في حشد أنصارهم، الذين أصابتهم خيبة الأمل، لإخفاق روحاني في التخفيف من حدة القيود الاجتماعية والسياسية. وقد تم حل أو حظر أحزاب بارزة مؤيِدة للإصلاح منذ الانتخابات الرئاسية في 2009، والتي أُعيد فيها انتخاب الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد، وزعم منافسوه أن الانتخابات تعرضت للتزوير. وفي طهران، التي يمثلها 30 مقعداً في البرلمان، يأتي على رأس المرشحين المتشددين محمد باقر قاليباف، رئيس بلدية العاصمة السابق، الذي كان في وقت من الأوقات قائداً للحرس الثوري.
مشاركة :