دعت وزارة الخارجية الروسية، أمس، تركيا للكف عن إصدار بيانات استفزازية حول الأحداث الجارية في سوريا، وسط تصاعد حدة التوتر بشأن الأوضاع في محافظة إدلب. وأضافت الوزارة، أنها «تشعر بالارتباك» من التصريحات، التي أدلى بها زعيم الحزب القومي، شريك حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحكم، والتي حاول فيها تحميل روسيا والحكومة السورية مسؤولية مقتل جنود أتراك في سوريا. يأتي ذلك، فيما حمّل محللون غربيون أنقرة مسؤولية انهيار الاتفاق الخاص بإقامة منطقة لـ«خفض التصعيد» في محافظة إدلب السورية، بفعل تقاعسها عن محاربة الإرهابيين المتحصنين هناك. وأكد المحلل السياسي البريطاني دافيد جاردنر، أن النظام التركي «الذي صار على مسار تصادمي مع روسيا» بوضوح في سوريا، فشل في كبح جماح المتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة الإرهابي، الذين يسيطرون على مناطق في إدلب، ويصل عددهم إلى نحو 20 ألف إرهابي. وأوضح جاردنر، أن تركيا والميليشيات السورية التي تعمل لحسابها، متورطةً في محاولات «تغيير الوضع الديموغرافي في سوريا، وهو ما يرقى إلى مرتبة التطهير العرقي والطائفي» في آن واحد. وقال: «إن نظام رجب طيب أردوغان يخطط لتوطين ملايين من اللاجئين في هذه المنطقة، بمساعدة مالية أوروبية، بهدف تغيير الخريطة الديموغرافية على الجانب السوري من الحدود»، مشيراً إلى أن أنقرة قد تسعى في نهاية المطاف إلى «طرد الأكراد السوريين من ديارهم، وهو ما يخلق موجة جديدة من اللاجئين». وفي مقال، نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، نقل جاردنر، عن باحثين غربيين متخصصين في الشأن السوري، قولهم: «إن أردوغان يسعى إلى إنشاء منطقة عازلة غير كردية، على طول الحدود المشتركة مع جارته الجنوبية». وأعلنت تركيا وروسيا، مراراً التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المحافظة، في إطار جهودهما لوضع حد للمعارك في إدلب، ولكن من دون جدوى. ومن جانبه، شدد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، على أن تركيا لم تبذل أي جهد لـ«تحييد الإرهابيين في إدلب»، مؤكداً أن هذا الوضع «مرفوض». وحملت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، تركيا مسؤولية «الأزمة في إدلب»، مشيرةً إلى أن أنقرة لم تف بالتزاماتها، من حيث الفصل بين مقاتلي المعارضة المعتدلة والمجموعات المتطرفة. وفي حين تؤدي أزمة إدلب إلى توتير العلاقة بين تركيا وروسيا، فإن الولايات المتحدة أبدت دعماً للسلطات التركية. ومن جانبها، واصلت أنقرة إصدار التهديدات، وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس: «سيتم استخدام القوة في إدلب، ضد من لا يحترمون وقف إطلاق النار». وأضاف: «سنرسل وحدات إضافية لإرساء وقف إطلاق النار». ويأتي هذا التهديد، بعد مقتل أكثر من عشرة جنود أتراك في قصف نفذته القوات السورية في محافظة إدلب، المعقل الأخير للفصائل التي تقاتل الجيش السوري. وفي غضون ذلك، حذرت منظمات إنسانية من «أسوأ كارثة إنسانية» منذ بدء النزاع في سوريا قبل نحو تسع سنوات، في حال استمر التصعيد العسكري في شمال غرب البلاد.
مشاركة :