قال الرئيس الصيني شي جينبينج يجب تجنب تسريح العاملين على نطاق واسع في الوقت الذي عادت فيه الصين رسميا إلى العمل يوم الإثنين. لكن أي آمال في عودة اقتصادها المتضرر إلى الحياة بسرعة خابت، لأن الشركات مددت الإجازات أو ترتيبات العمل من المنزل لاحتواء انتشار فيروس كورونا القاتل. وفقا لتلفزيون الصين المركزي، أدلى شي بهذا التعليق أثناء ظهوره العلني الأول المتعلق بالفيروس خارج حدود قاعات اجتماعات الحكومة والحزب الشيوعي الصيني، منذ اندلاع المرض في منتصف كانون الثاني (يناير). نشرت وسائل الإعلام الحكومية صورا لشي وهو يرتدي قناعا جراحيا خلال فحص درجة حرارته أثناء جولة في منطقة سكنية شرقي بكين "لتفقد وإرشاد" أعمال مكافحة الوباء. كان الظهور العام لشي، القليل نسبيا خلال الأسابيع الأخيرة، مقتصرا كليا تقريبا على الاجتماعات الحكومية الرسمية والاستقبالات الرسمية للشخصيات الأجنبية المهمة الزائرة. في أماكن أخرى في بكين، عاد العاملون ذوو الياقات البيضاء إلى مباني المكاتب، في حين شجعت السلطات في شنغهاي الناس على مواصلة العمل من المنزل. في المناطق التي لم تمدد موعد العاشر من شباط (فبراير) الذي تم تحديده تاريخا للعودة إلى العمل، ظل كثير من المصانع والشركات مغلقة بسبب نقص القوى العاملة. قال أحد العاملين في مصنع لمكونات الإلكترونيات في سوزهو، بالقرب من شنغهاي، طلب عدم ذكر اسمه: "معظم عمال مصنعنا من مقاطعة خنان. لم يعودوا بعد". قالت السلطات إنها لا تزال تراجع طلب "فوكسكون"، التي تصنع أجهزة آيفون لشركة أبل، لإعادة تشغيل الإنتاج في شينزن، بالقرب من هونج كونج، وفي تشنجتشو، وهي مدينة في مقاطعة خنان على بعد 500 كيلو متر من ووهان، مركز تفشي المرض. شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة الأخرى، مثل "بايت دانس" و"تينسينت" و"علي بابا"، مددت سياسات العمل من المنزل أسبوعا آخر على الأقل. في حين أن بعض شركات صناعة السيارات العالمية، بما في ذلك "فورد" و"ديملر" و"تيسلا"، استأنفت يوم الإثنين، إلا أن عددا من الشركات المصنعة كانت تتبع نهجا حذرا لزيادة الإنتاج في أكبر سوق للسيارات في العالم، حيث تواجه انخفاض المبيعات بعد عقود من النمو المتواصل. قال متحدث باسم "بي إم دبليو" إن الشركة تخطط لإعادة تشغيل المصانع في 17 شباط (فبراير)، اعتمادا على كيفية تطور الوباء. من جانبها، كانت "فولكسفاجن" تفتح مصانعها المشتركة مع "فاو" واحدا تلو آخر هذا الأسبوع، بينما تستمر في إغلاق أغلب مصانعها التي تعمل مع شريكها الصيني الآخر "سايك" حتى الأسبوع المقبل. ويضغط مجلس الدولة الصيني لإعادة ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى العمل وتجنب إطالة أمد الإغلاق، الذي بدأ قبل أكثر من ثلاثة أسابيع. عدد الإصابات بفيروس كورونا في الصين الآن يقارب خمسة أضعاف الإصابات التي خلفها فيروس سارز في 2002-2003، ما أدى إلى انخفاض النمو الاقتصادي الفصلي نقطتين مئويتين. ويتوقع عديد من الاقتصاديين أن يكون لفيروس كورونا تأثير أكبر في النمو من تأثير سارز. تباينت الأسواق يوم الإثنين فارتفع مؤشر سي إس آي 300 الصيني 0.3 في المائة، ومؤشر هانج سنج في هونج كونج 0.6 في المائة. وانخفض مؤشر توبكس في طوكيو 0.72 في المائة، بينما انخفض "إس آند بي/آي إس إكس 200" في سيدني 0.14 في المائة. الدولار الأسترالي الذي يرى المستثمرون أنه مؤشر لاقتصاد الصين، ارتفع 0.5 في المائة إلى 0.67 دولار تقريبا. لكنه لا يزال منخفضا 4.6 في المائة منذ بداية العام حتى الآن، وبقي قريبا من أدنى مستوياته منذ عقد. قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الإثنين إن التضخم في أسعار المستهلكين لشهر كانون الثاني (يناير) ارتفع 5.4 في المائة على أساس سنوي، وهو أعلى مما توقعه معظم الاقتصاديين، ويعزى ذلك جزئيا إلى تخزين السلع مع زيادة وتيرة الوباء في منتصف كانون الثاني (يناير). في مذكرة بحثية، قال اقتصاديون في "باركليز" إنهم يتوقعون "(ضغطا) تصاعديا مستداما على معدل التضخم الرئيسي من المواد الغذائية والرعاية الصحية، خاصة إذا استمر تفشي المرض لفترة أطول وأدى إلى تعطيل الإنتاج بشكل أشد مما كان متوقعا". الاستجابة الفاترة من الأسواق لإعادة فتح مواقع العمل في الصين جاءت في الوقت الذي استمر فيه كثير من الحكومات المحلية في تقييد حركة العاملين. في شينزن، قال مسؤولون من وزارة الصناعة المحلية إنهم يراجعون إجراءات "فوكسكون" لإعادة تشغيل الإنتاج. قالت الوزارة إن على المصنع فحص درجات حرارة العمال مرتين في اليوم على الأقل، والتعقيم يوميا واتخاذ التدابير الأخرى للوقاية من الوباء. طلبت شركة فوكسكون من العمال في مصنعها في مدينة تشنجتشو انتظار رسالة من الموارد البشرية قبل العودة إلى العمل، وفقا لما جاء في رسالة اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز". مدينة تشونجشان الصناعية الجنوبية، بالقرب من ماكاو، عززت إجراءات الحجر الصحي الخاصة بها يوم السبت من خلال السماح لفرد واحد فقط من كل عائلة بمغادرة المنزل لشراء المستلزمات كل يومين. وسمح لبعض المصانع بالعودة إلى العمل في المدينة شريطة أن تغلق مناطق عملها وتحد من الاتصال بالخارج. مدن كبرى أخرى، بما في ذلك ونتشو وهانجتشو وشيان اتخذت تدابير مماثلة. سمحت تشونجتشينج للعاملين المحليين بالعودة إلى مكاتبهم، لكنها طلبت ممن هم في الخارج البقاء في الحجر الصحي. حتى في المصانع القادرة على استئناف العمل، فإن الطبيعة المعقدة والمشتتة جغرافيا لسلاسل التوريد تعني أنها ستواجه صعوبات في الحصول على المواد الخام والمكونات التي تحتاج إليها. تستضيف مقاطعة هوبي، حيث يوجد ما يصل إلى 59 مليون شخص في الحجر الصحي، كثيرا من الإنتاج البصري والليزر في الصين. وقد أثار إغلاقها، الذي قد يستمر لأسابيع أو حتى أشهر، مشكلات لشركات صناعة السيارات والمصانع التي تنتج الأجهزة الطبية والطائرات وأدوات الآلات وغيرها من السلع. المدارس في جميع أنحاء الصين لا تزال مغلقة. أخرت جميع المقاطعات تقريبا استئناف الدراسة حتى 16 شباط (فبراير) على أقرب تقدير.
مشاركة :