عبارة قالها النجم الكبير عادل إمام فى فيلم عمارة يعقوبيان صارخا على ما آل إليه الحال فى قاهرة المعز وفيها معانى جمة فقد قال إمام ( احنا بقينا فى زمن المسخ ) ، هذه العبارة ربما تنطبق على الوضع الحالى والذى أصبح فيه الشىء والعكس ومعه الميكس إن أجزنا استخدام هذا المصطلح الأعجمى المعروف معناه بأنه خليط ، فقد أصبحت مواقفنا ودنيانا خليط فى خليط ، وإذا حاولت ان تتوقف كثيرا عند الفنان اللى فاكر نفسه محصلش وأطلق على نفسه نمبر وأن ولا ندري كيف جاءته الجرأة لكى يقيم نفسه ويفرد لها الوصف والموصوف ، وتتساءل لماذا لم يفعل ايا من عظماء الفن ذلك حينما كانوا فى اوج شهرتهم وتألقهم ولماذا كانت روحهم بسيطة والتواضع هو مايجمل وضعهم واوضاعهم ،فلم يخبرنا عمر الشريف بأنه محصلش وبأنه الالفا ، كما لم يتحدث رجدى اباظة ولا شكرى سرحان واحمد مظهر ورمزى وغيرهم عن كونهم علاقرة ولم يتكرروا . ابتعد قليلا عن المسمى وواصل سيرك وتابع اغانى النمبر هذا واتحداك ان خرجت منها بصفة واحدة جميلة او بشىء ايجابى فآخر هذه الاغانى يحث على الدخول فى المحظور وشرب الممنوعات ، لاتبتعد عن المشهد وادخل فى تفاصيل الخلاف الجارى بين النجم والطيار الشهير وبغض النظر عن من المخطىء ومن المصيب لابد ان تتأكد ان المشهد عبثى مزعج ان لم يكن مقرف ومقزز . ومن نمبر وان الى حالة غريبة من الاسفاف والهبوط الفنى جعلت اسماء غريبة ومعانى اغرب تقفز قفزا الى مايسمى بالتريند وتحتل الصدارة ويصفق لها قطاع عريض من هذا المجتمع المتخبط بين الصواب والخطأ ، من بين المعانى المغناة فى واحدة من اغانى هؤلاء الافذاذ معنى يقول فيه احدهم اذا ماتركته من يحبها فسوف يصبح خمورجيا وحشاشا ، وليس هذا فقط بل انه يصف نفسه ويصفها معه بانهما مقاطيع فيقول احنا الاتنين مقاطيع . تخيلوا اننا اصبحنا نسمع هذه الكلمات بعدما كنا نطرب بعمالقة الفن ام كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب والاطرش ومحمد فوزى ورشدى والعزبى ونجاة وفيروز وغيرهم ممن تربعوا على عرش الطرب الاصيل . لم يصبح زمننا الحالى فقط مسخ كما قال الزعيم عادل امام بل اصبح شرم برم كما ابدع العملاق نجيب الريحانى ، بالفعل صرنا فى مرحلة يصعب وصف رداءتها ويستحيل تصديق وضعها وتفنيد احداثها ، نحن لم يعد الفن عندنا مسخ ولا شرم برم فقط بل أصبح المستمعين والمشاهدين لهم من صفات الكلمات ومن يغنونها نصيب كبير . حتى أسماء المغنيين لا تصدقها اذنك ولاتقنع بها عقليتك وتجعلك تتساءل عن اسباب صعود مثل هذه الاسماء واصحابها الى عالم الفن ؟ وهل هناك ثمة تواطىء من اى نوع جعل هذه الوضعية تفرض فرضا على عالمنا الحالى ؟ هذه الاوضاع مما لاشك فيه يتحمل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعى جزءا كبيرا ان لم يكن عظيما من مسئوليتها ، فغياب كل شىء يحكم التقييم الفنى ويقيد الفوضى السمعية والمرئية وسهولة انتشار أى كلام بمجرد الضغط على زر التواصل الاجتماعى جعل الأوضاع فى حالة من سمك لبن تمر هندى ، واللى يلحق يخطف ويشيل . منظومة الفن تتهاوى وتأخذ معها اشياء كثيرة تبعد الشباب عن الابداع والتميز وتجعلهم يتراقصون مع بنت الجيران ،وحبينى ، وراكب توكتوك وماسك القمر ، والعند من طبعك والصبر لعبتى ، كل هذا العبث ان لم تسارع الجهات المعنية بالحد من استمراره وانتشاره فسيدفع مجتمعنا بكل فئاته ثمنا غاليا قد يماثل ما تدفعه الشعوب وقت الحروب . ولابد ان نتذكر ان زمن انا وحبيبى روحين فى زكيبه كان حالة استثنائية فى زمن عباقرة الفن الاصيل .
مشاركة :