محمد زيدان يقرأُ تجربة الشاعر علي عبدالله خليفة الشعرية

  • 2/15/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في دراستهِ النقدية «النص والسياق.. عالم علي عبدالله خليفة الشعري»، الصادرة عن «مركز الكتاب الأكاديمي» بعمّان، يتناول الدكتور محمد زيدان، تجربة الشاعر البحريني علي عبدالله خليفة الشعرية من خلال دراسة وتحليل عدد من الدواوين التي صدرت للشاعر على مدى عقود، وذلك عبر التبحر في «مفاتيح العلاقة الشعرية والنفسية والفلسفية بالبحر، والنخيل، والمرأة، والحضور والغياب، وارتباط هذه التجربة بالموال الشعبي، وغيرها من السياقات الاجتماعية والإبداعية».ويؤكدُ زيدان بأن المكان قام بهمزة الوصل بين الشاعر والنص، في تجربة خليفة، مبيناً بأن «المقام الروحي والزماني الذي يصاحبها -أي يصاحبُ هذه العلاقة بين المكان والنص- جعل الحياة تتيحُ للنص أن يتجلى، والنص يتيح للحياة أن تتنفس، فيما الدلالة تكمنُ جهود الشاعر، الذي كونتهُ شمس الخليج العربي، وأعطتهُ مياهه لونها، وقرب اللؤلؤ بينه وبين أشرعة الماء والأرض والسماء».ويلفتُ زيدان إلى عمق تجربة خليفة وارتباطاتها السياقية، موضحاً بأن «ليس هناك شاعر يمثل السياق أكثر من شاعر عاش حياته مرتبطاً بشاطئ الخليج، وشاطئ لؤلؤه، ذلك الذي أنشأ سياق حياة أهل البحرين، بداية من رحلات الصيد، التي مثلت المعادل الموضوعي لرحلات الحياة المؤسسة لواقع الإنسان في حقبة زمنية مضت، ولكنها تكرت تاريخاً عريقاً، تاريخاً للذات الإنسانية، وتاريخاً للفكر، وانتقال الواقع من طور التقليدية لطور التخضير، والحداثة العربية، تلك التي تقوم على تملي التراث العربي، وانتقال أفكاره، وحالاته، وتقديمها تقديماً إنسانياً، وفنياً راقياً».وقسم زيدان كتابهُ إلى خمسة فصول، يقدمُ الأول، قراءة دلالية في ديوان «لا يشبهُ الشجر»، من خلال التساؤلات في بناء المعنى مؤكداً بأن الشاعر خليفة «يطرح المعنى طرحاً يتساوي مع التشكيل اللغوي للنص مما يجعل الأساليب السردية تقدم دلالاتها بصورة مصفاة إلى درجة كبيرة»، حيثُ استطاع أن يكون نسقاً معنوياً من خلال إضافة كل ما يطرأ على عالمه إلى ذاته التي جعل منها مرآة للكون، إلى جانب كونه اتخذ من اللغة السردية منطلقاً للفكرة الحكائية «التي تهيمن على حركة القصيدة بشكلٍ عام»، هذا إلى جانب امتلك الروح الملحمية الظاهرة في النص الشعري.فيما تناول في الفصل الثاني السياق الفكري وتشكيل النص لدى خليفة، متخذاً من ديوان «وشائج» إنموذجاً للقراءة، إذ يبين بأن «المعنى هو المضمون الفعلي للنص الأدبي، بل هو المكون الخفي للتشكيل سواء في جانبه الظاهر أو جانبه التأويلي»، ومضيفاً بأن تجربة خليفة، تجعلُ القارئ لها أمام حلقة وصل بالمعنى، تربطُ بين التشكيل الخارجي للنص، المتمثل في صياغة الفكرة الجمالية بمفردات لغوية، وبين التشكيل التأويلي، بما يتواءم والحركتين السياقيتين على فكرة التأويل: حركة مفردات الشكل في النص، وحركة تأويل المعنى.أما الفصل الثالث، فيدرسُ زيدان السرد الحكائي في ديوان «أنين الصواري»، مشيراً إلى عالم خليفة الشعري، «هو عالم يحتفي بالحكاية بشكلٍ خاص؛ الحكاية النوعية التي ترتبط ارتباطاً قوياً بالمكان، والمكان هنا هو المكان النوعي /‏ البحر، الذي تشكل مفرداته وجه السرد الشعري في نصوص ديوان (أنين الصواري) حيثُ العنوان هو المفصل الحقيقي لدلالة المعنى من ناحية والتصور النفسي الذي يؤرخ للذات التي يكونها الماء» من ناحيةٍ أخرى، مبيناً بأن البحر في السرد ليس مجرد خلفية حكائية، «إنما هو مجموعة من تكوينات وآفاق حكائية لا أراها إلا أدوات بناء النص»، وأما هذه التكوينات الأساسية، فيصورها زيدان على الشكل التالي: الإنسان والبحر /‏ الفعل الحكائي وقراءة البحر /‏ الفضاء النفسي والبحر /‏ الحلم الحكائي والبحر.وبالانتقال للفصل الرابع، يذهبُ زيدان، لتفصيل ذاكرة الوطن وقراءة الأرض والماء، من خلال ديوان «إضاءة لذاكرة الوطن»، حيثُ يبين بأن «فكرة الحضور والغياب -افترضت- كإحدى الأفكار المؤسسة لذاكرة الراوي عند الشاعر علي عبدالله خليفة»، فيما يذهبُ في الفصل الخامس، لدراسة ما يسميهِ بالتراسل الفكري، متخذاً من ديوان «في وداع السيدة الخضراء»، إنموذجاً للدراسة، إذ يبين بأن «فكرة التراسل فكرة بلاغية صرفة، يعمد الشاعر فيها إلى تحويل المسار في الدلالة تحويلاً جذرياً يعتمد على فكرة المشابهة، وهي الفكرة المحورية في كل البلاغة العربية، كأن نضيف اللمس إلى العين، أو نضيف السمح إلى الحس». كما يمرُ زيدان في هذا الفصل، على تجليات الثقافة الشعبية، في ديوان «قال المعنى» حيثُ للموال في الثقافة الشعبية دور كبير في التأسيس لذاكرة التلقي، ويفصلُ في ارتباطات الموال على الصعيد الخليجي، والعربي بالذاكرة الشعبية.

مشاركة :