ليست كل الطرق تؤدي إلى صدر المجلس

  • 2/15/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الكتابة عن الجوانب السلبية في المجتمع تتطلب من الحذر أوفره، ليس لأن الأمر مسؤولية اجتماعية وطنية فحسب إذا جاز القول، بل عطفا على أهمية حضور الشفافية في كل التفاصيل، مما يحول المسألة إلى مهمة صعبة، ويبقى المؤكد في كل الأحوال أن المجتمع السعودي عاش بعاداته وتقاليده الأصيلة محافظا وما زال، غير أنه مثل غيره من المجتمعات عرضة للتغير، وبالتالي يكون من غير المستغرب أن تهتز الأعراف والتقاليد، وقد زادت القارات تقاربا وتواصلا بفضل التقنية، وتلاشت الحواجز الجغرافية في خطى المدنية المعاصرة المدججة بوسائل الاتصال المفتوحة على كل شيء، الناقلة لكل شيء، هذا بشكل عام. والخلاصة أنه يعبر اليوم من خلال المجتمع على يد بعض أفراده سلوكيات وعادات تخالف المألوف، وتمددها - أي هذه السلوكيات والعادات - في الأصل ضد المجتمع نفسه الذي يبدو أنه في حالة استسلام أو لم يفطن بعد أو غير ذلك. الشاهد أن المراقب لن يتعب في رصد تجاوزات البعض على سبيل المثال في المناسبات الاجتماعية أو العامة، الجميع في سباق لصدر المجلس والكل يرى الأحقية والأهلية، والتاريخ ربما لا يقول بذلك، فالناس منازل وللتاريخ محطات. بعض صغار السن في وقتنا الحاضر لا يعنيهم كبير السن إطلاقا ولا كبير الوجاهة، الاحترام يتناقص وحمى متابعة الفلاشات عالية السخونة، في كثير من المجالس العامة يتحدث الناس، ولا أعمم، عن أصولهم وفق تقديراتهم وحساباتهم، كثيرون يقدمون أنفسهم في خانة الأكثر تميزا في التركيبة الاجتماعية والأنقى سيرة، كأنهم رموز تاريخية من كبيرهم إلى الصغير، والمصيبة في استعراض البطولات المقيدة في دفاتر الجدات. المعلوم أن لصدور المجالس أهلها وللوجاهة أهلها، ومجالاتها معلومة، ولكبير السن مقامه وللضيف قدره، فهل يجوز للمجتمع تمرير تجاوزات اللاهثين خلف الظهور لتذويب القيم الأصيلة إلى جنب مغالطة التاريخ؟ ختاما، المجتمع خصيم نفسه، له أن يستعيد توازنه وله خيار القبول بالاختلال، التصفيق الصامت للمتعدين على التقاليد والأعراف لا يعني سوى أن المجتمع بدأ عمليا مرحلة أكل نفسه. أنتهي هنا، وبكم يتجدد اللقاء.

مشاركة :