قمة عادية عقدها زعماء القارة الأفريقية، يومي الأحد والاثنين الماضيين، إذ كانت تنعقد في التاريخ نفسه من كل عام، وفي المكان نفسه أيضاً، وهو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا... بل، حتى كادت تحضرها الوجوه ذاتها. غير أنه، على الرغم من طابع القمة الروتيني ومواضيعها الباهتة والمكرّرة، لم تخلُ هذه القمة «العادية» من ملفات ساخنة ولحظات «استثنائية» أخرّت صدور بيانها الختامي حتى صباح يوم الثلاثاء الماضي، بسبب نقاشات مغلقة استغرقت ساعات طويلة من الليل. ذلك أن الأفارقة يتطلعون للعب أدوار ريادية في محاربة الإرهاب وحل الأزمات التي تعصف بقارتهم، ويستعدون لإطلاق منطقة تجارة حرة طموحة، ويخططون بهدوء لتمويل اتحادهم، والاستغناء عن تسوّل القوى العظمى، ويرقهم مستقبل شبابهم المهوس بالهجرة. تقع مدينة أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، على ارتفاع أكثر من 2500 متر فوق سطح البحر، وبذا فهي العاصمة الأفريقية الأكثر ارتفاعاً، وهو ما يجعل مناطق كثيرة منها تشهد انخفاضاً في معدلات الأكسجين، مثل المنحدر الذي يتوجب الصعود معه وصولاً إلى مقر الاتحاد الأفريقي. ذلك المبنى، الذي صممه وشيده الصينيون ومنحوه هدية لأصدقائهم الأفارقة، بناية رائعة من الزجاج والبلور، تبدو شفافة أكثر من اللازم، حتى إن بعضهم وصفها بأنها أكثر مكان «مُخترق» و«مكشوف» من طرف الصينيين وغيرهم. على الرغم من ذلك فقد كانت غالبية النقاشات تجري وراء أبواب مغلقة، فهذه القمة كانت تنعقد تحت عنوان «إسكات صوت الأسلحة». ودار جزء كبير من النقاش فيها حول الآليات التي سبق وضعها ضمن استراتيجية أفريقية لإنهاء النزاعات والحروب في القارة خلال عام 2020. مع تخصيص مساحة واسعة للملف الليبي والحرب على الإرهاب في الساحل الأفريقي. وإضافةً إلى هذين، حضرت ملفات أخرى تتعلق بإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية المتوقع، منتصف هذا العام، ومتابعة خريطة طريق الإصلاح المؤسسي للاتحاد الأفريقي الذي يشرف عليه الرئيس الرواندي بول كاغامي، والطريق نحو الاستقلال المالي للاتحاد الأفريقي. - ليبيا... ومخاطر الإرهاب عندما كان قادة أفريقيا يتقاطرون على العاصمة الإثيوبية لحضور القمة الـ33 للاتحاد الأفريقي، كانت الهجمات الإرهابية تحصد الأرواح في نقاط متفرقة من القارة. من القرن الأفريقي حيث تنشط «حركة الشباب» الصومالية (القاعدة)، إلى منطقة الساحل حيث ينشط تنظيم «الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى» (داعش)، و«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» (القاعدة)... وصولاً إلى منطقة حوض بحيرة تشاد وشمال نيجيريا حيث تعيث جماعة «بوكو حرام» (داعش) فساداً. وفي غضون ذلك كله تشتعل حروب أخرى طاحنة في ليبيا وأفريقيا الوسطى، وتوترات عرقية متفرقة في القارة. كل هذه البؤر الملتهبة ألقت بظلالها على قمة «إسكات صوت الأسلحة»، وهو هدف طموح ولكن من أجل الوصول إليه قرر الاتحاد الأفريقي أنه لا بد أن يكون «أكثر حيوية وفاعلية في التوسط في نزاعات القارة»، وهو المنتشي بما حققته وساطته، العام الماضي، في الأزمة السودانية. هذه المرة، قرر الاتحاد أن يبدأ من ملف معقد جداً، هو الملف الليبي الذي ظل في الأدراج المنسية للاتحاد الأفريقي لأكثر من تسع سنوات من الصراع، ولكن الأفارقة أفاقوا من غفوتهم، وعزموا على الانخراط في الملف الليبي، معتبرين أنهم «استُبعِدوا منه». إن الموقف الذي أعلن عنه الاتحاد الأفريقي يأتي استجابة لدعوات متكرّرة سبق أن أطلقتها «مجموعة دول الساحل الخمس» (موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو)، التي ترى في تفاقم الوضع الأمني في ليبيا تهديداً حقيقياً لأمنها القومي، وأيضاً لبقائها كدول قادرة على حماية مواطنيها، في ظل انتشار شبكات الإرهاب والتهريب في الصحراء الكبرى، واتخاذها الأراضي الليبية ملجأ لها. ثم إن الموقف الأفريقي يأتي لقطع الطريق أمام تدخلات خارجية في الملف الليبي جاءت لتصبّ الزيت على النار، خصوصاً تركيا، التي بدأت إرسال الأسلحة والجنود والمرتزقة الإرهابيين إلى الأراضي الليبية، لا سيما أن تقارير منظمات دولية تقول إن عدداً من هؤلاء ينتمي إلى تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة» و«داعش». هذه خطوة تشكل تهديداً جاداً للأمن في القارة، ولدولها الهشة وغير المستعدة لسيل جديد من المقاتلين الأجانب المدرّبين على حروب العصابات خدمة لأجندات خارجية. ولذا قال مفوض الاتحاد الأفريقي للسلم والأمن، إسماعيل الشرقي، إن الوضع في ليبيا «يحتاج إلينا.. لنتدخلْ!»، وأوضح الشرقي أن ما يحدث في ليبيا «مشكلة أفريقية ولدينا حساسية قد لا تتوفر لدى آخرين». ولكن الاتحاد الأفريقي في سعيه للعب دور أكبر في الأزمة الليبية، يدرك حجم التحديات التي قد تواجهه. ولقد بذل أخيراً جهوداً معتبرة للعب دور أكبر في المفاوضات الجارية للتوصل إلى تسوية بين أطراف النزاع في ليبيا، وقرّر، قبل أكثر من أسبوع، عقد مؤتمر كبير للمصالحة في ليبيا، وهو مؤتمر حظي بدعم واضح وصريح من طرف الأمم المتحدة، على لسان أمينها العام أنطونيو غوتيريش، الذي حضر القمة الأفريقية كضيف. - «الساحل» المخذُول يجزم قادة دول منطقة الساحل (أي حوض الصحراء الكبرى) بأن الأزمة الأمنية التي تعيشها منطقتهم سببها انهيار الدولة في ليبيا عام 2011، وإهمال المجموعة الدولية نداءاتهم - آنذاك - عندما حذّروا من التدخل العسكري في ليبيا بغياب مخطّط لما سيجري على المديين المتوسط والبعيد. وها هي مالي والنيجر وبوركينا فاسو أصبحت مرتعاً لـ«داعش» و«القاعدة»، بينما تصارع دول الساحل الخمس من أجل مواجهة هذه التنظيمات الإرهابية بدعم وإسناد دولي تقوده فرنسا بأكثر من خمسة آلاف جندي. ولكن الاتحاد الأفريقي، على لسان رئيس مفوضيته، موسى فقي محمد، أعرب عن استيائه من ضعف الدور الأفريقي في محاربة الإرهاب بمنطقة الساحل. وكانت العبارات واللهجة التي خاطب بها الدبلوماسي التشادي القادة الأفارقة حادة وغاضبة، حين تحدث عن «نقص في التضامن» الأفريقي مع دول الساحل التي يضربها الإرهاب. وقال إن بعض هذه الدول أصبحت مهددة بالانهيار، مضيفاً: «إن وجود بؤر للإرهاب في مناطق متعددة من القارة أوضح لنا وللمجموعة الدولية أن القضاء على هذا السرطان لا يزال بعيداً. إنه خطر موجود ومتعاظم ويهدد وجود بعض الدول، ولقد استطاع أن يجد موطئ قدم في عمق القارة، بعيداً عن مناطقه التقليدية، كما تُظهر الجرائم البشعة التي ارتكبتها جماعات إرهابية ضد السكان المدنيين في موزمبيق وتنزانيا، وفي شرق الكونغو». وواصل فقي محمد كلامه بلهجة غاضبة: «في مواجهة هذا العدو الدموي، نعاني من نقص في التضامن الأفريقي، وهو أمر مُحيّر (…)، فباستثناء البلدان المتضرّرة ورواندا ومجموعة (إيكواس)، لا علم لي بدولة أفريقية واحدة، بما فيها دول تمتلك إمكانيات اقتصادية ومالية وصناعية ولوجستية وعسكرية كبيرة... قامت بأي حركة للتضامن مع إخوتنا الذين هم في أمسّ الحاجة لنا». كلمات الدبلوماسي التشادي فتحت باب النقاش على مصراعيه بين القادة الأفارقة. وتشعّب النقاش كثيراً، وطال لعدة ساعات وراء أبواب مغلقة. وكانت الفكرة الغالبة عليه هي جدوى إرسال قوات أفريقية للقتال في منطقة الساحل ضد الجماعات الإرهابية، وهي فكرة مصرية جاءت في مبادرة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حين عبّر عن استعداد بلاده لاستضافة قمة أفريقية يُبحث خلالها إنشاء قوة عسكرية أفريقية لمحاربة الإرهاب في دول الساحل. أما الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيريش، فاعتبر أن «حفظ السلام بشكله التقليدي لم يعد كافياً، وخاصة في المناطق التي لا يوجد فيها سلام لحفظه، على غرار ما يحدث في منطقة الساحل»، وفي إشارة واضحة إلى مهمة حفظ السلام في دولة مالي، وهي واحدة من أخطر مهام السلام الأممية، إذ تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح. ولذا عبّر غوتيريش عن دعمه لوضع «القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل» تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ومنحها تمويلاً أممياً، وهو مطلب قديم ترفعه دول الساحل إلى مجلس الأمن الدولي، ويحظى بدعم فرنسي، ولكنه يقابَل برفض من الولايات المتحدة وبريطانيا. وبين فكرة إرسال قوة أفريقية ودعم القوة العسكرية المشتركة، تاهت النقاشات ولم تفض إلى نتيجة. وعليه قرر المشاركون إرجاء اتخاذ القرار إلى القمة المقبلة، في مايو (أيار) المقبل، بجنوب أفريقيا، التي تسلمت من مصر الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي. ولكن وسط النقاشات أعلن إسماعيل الشرقي، مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، أن رصيد صندوق السلم التابع للاتحاد الأفريقي لتمويل مهام حل النزاعات لا يتجاوز 164 مليون دولار، وهذا مبلغ يرى كثيرون أنه ضعيف جداً بالمقارنة مع حجم الأزمات التي تعصف بالقارة، ويسعى الاتحاد الأفريقي للعب دور ريادي في تسويتها. - الهجرة واللجوء وفي ظل تردّي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، في مناطق واسعة من القارة الأفريقية، ارتفعت مستويات الهجرة واللجوء. وحقاً ركز الاتحاد الأفريقي أنشطته العام الماضي (2019)، تحت شعار «اللاجئون والعائدون والنازحون داخلياً: نحو حلول دائمة للنزوح القسري في أفريقيا». واختار قبل ذلك العاهل المغربي الملك محمد السادس كرائد أفريقيا في مجال الهجرة، وهو الملفّ المعقّد الذي أعدّ عنه العاهل المغربي تقريراً قدمه رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني أمام القمة الأفريقية. وقدّم التقرير الهجرة من منظور أفريقي جديد، وحاول كسر الصورة النمطية. التقرير الذي كان يتحدث عن تفعيل المرصد الأفريقي للهجرة في المغرب، ربط الهجرة بالتغير المناخي أكثر من الفقر، عارضاً مفهوم «الهجرة البيئية» الذي يضرب القارة أكثر من أي منطقة أخرى. وأشار إلى أن من بين 140 مليون مهاجر محتمل بسبب التغير المناخي، ثمة نحو 86 مليون شخص، ينتمون إلى أفريقيا جنوب الصحراء، في «أفق 2050». وبينما وصف التقرير الهجرة بأنها قد تكون «عامل تنمية» بفعل التحويلات المالية، ذكر مستنداً للأرقام أن المهاجر الأفريقي هو أقل مهاجري العالم تحويلات مالية. أيضاً، رغم التركيز الإعلامي الكبير على الهجرة من أفريقيا نحو أوروبا، وما يرافقها من ضجة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، قال التقرير إن «الهجرة العالمية ليست أفريقية»، وبرر ذلك بأن «أقل من 14 في المائة من المهاجرين أفارقة، أي أقل من مهاجر واحد من أصل 5 مهاجرين هو أفريقي». وزاد التقرير في معطياته ليؤكد أن الهجرة الأفريقية «هجرة داخلية»، مضيفاً أن «أقل من 3 في المائة من سكان القارة يهاجرون نحو الخارج»، بل إن هذه الهجرة داخلية مسارها «ليس جنوب - شمال، بل جنوب - جنوب». - إصلاح واستقلال منذ يناير (كانون الثاني) 2017، أعلن الاتحاد الأفريقي عن الشروع التدريجي في تنفيذ مخطط للإصلاح المؤسسي لهيئات الاتحاد، وذلك وفق «أجندة أفريقيا 2063». وسلّمت مهمة قيادة إصلاح وإعادة هيكلة الاتحاد الأفريقي إلى بول كاغامي، رئيس رواندا، مستفيداً من دعم كبير وإجماع داخل أعضاء الاتحاد الأفريقي على ضرورة خضوعه لعملية إصلاح شاملة من أجل تفعيله أكثر. ولكن الجانب الأهم هو تحقيق الاستقلال المادي للاتحاد الأفريقي، ففي عام 2017 الذي بدأت فيه عملية الإصلاح كانت ميزانية الاتحاد الأفريقي 439 مليون دولار، 74 في المائة منها من عند مانحين خارجيين (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين)، بينما توقفت نسبة مساهمات الأعضاء عند 26 في المائة فقط. ولكن كاغامي يعتبر أن الخطوة الأولى نحو الاستقلال المادي هي «الشفافية» و«الحكامة الرشيدة»، خاصة بوجود تقارير كثيرة تتحدث عن عمليات فساد وسوء إدارة داخل الاتحاد الأفريقي. وبينما تبحث الدول الأفريقية عن مصادر للتمويل الذاتي، تتضمن عملية الإصلاح التي سيخضع لها الاتحاد وضع خطة تسيير إداري ومالي أكثر صرامة، تشمل تطبيق عقوبات، بوشر في تطبيقها بتقليص ميزانية الاتحاد الأفريقي هذا العام (2020). وأوضح الرئيس الرواندي في خطابه أمام القادة الأفارقة، خلال جلسة نقاش مخصّصة لإصلاح الاتحاد الأفريقي، أن «خطة إصلاح بنية مفوضية الاتحاد الأفريقي لتحويلها إلى مؤسسة قوية وفعالة حققت تقدماً ملحوظاً». وبالنسبة للميزانية قال إن «شروط الشفافية تتوفر فيها، إذ تتقاسم جميع الدول الأعضاء أعباء هذه الميزانية»، مشيراً إلى أنها قطعت خلال العام الماضي (2019) خطوات مهمة في طريق الإصلاح، خاصة فيما يتعلق بإعادة الهيكلة وفرض مساءلة المفوضية، والحكامة والتناغم بين مختلف الهيئات، وتقسيم العمل ما بين الاتحاد والمجموعات الاقتصادية الإقليمية، بالإضافة إلى قضية الشراكات ووضع آلية جديدة لتمويل الاتحاد. - التجارة الحرة من النقاط الإيجابية لئن كان شبح الإرهاب قد ألقى بظلاله على القمة الأفريقية الـ33. وخيمت عليها هواجس التمويل الذاتي، فإنها في المقابل لم تخلُ من بعض النقاط الإيجابية التي أدخلت السعادة على قلوب القادة الأفارقة. ولعل من أبرز هذه النقاط الخطوات التي قطعها الاتحاد الأفريقي نحو إطلاق مشروع منطقة التجارة الحرة القارية، وهو المشروع الذي وصفه أحد القادة خلال النقاشات المغلقة بأنه «حلم راود الآباء المؤسسين بدأ يتجسد على الواقع». وأردف أن القارة بالفعل بدأت تتجه نحو تحقيق «الاندماج الاقتصادي»، إذ صادقت 28 دولة على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية. وخلال القمة جرى عرض تقرير مفصّل حول التقدم المُحرَز في العمل على إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وأبدى القادة الأفارقة ارتياحهم لهذه الخطوات. ولكنه ارتياح يشوبه كثير من القلق الخفي، فالتحديات كبيرة جداً، والعراقيل لا تزال ماثلة للعيان، وذلك ما عبّر عنه رئيس المفوضية الأفريقي موسى فقي محمد، حين قال إن «نجاح هذا المشروع يبقى مرتبطاً بتطوير العديد من الركائز الأساسية، التي من أهمها وأكثرها تأثيراً في المشروع: البنية التحتية»، مشيراً إلى العجز الكبير في البنية التحتية الأفريقية، قبل أن يقول: «رغم الجهود الكبير التي بُذِلت منذ توقيع الاتفاق، ما زال هناك الكثير الواجب عمله». ومن جهة ثانية، ما زال «بروتوكول حرية تنقل الأشخاص والبضائع»، الذي يُعد ضرورياً لفعالية منطقة التجارة القارية، يحمل فقط تواقيع 33 دولة من أصل 54. بل لم تصادق عليه إلا 4 دول فقط. هذا يعني نواقص جوهرية في الجانب التشريعي الذي يجب أن يسبق إطلاق المنطقة، في مطلع يوليو (تموز) المقبل، وفق ما أعلن على هامش القمة التي أسفرت عن تعيين الجنوب أفريقي امكيلي مينياس، أميناً عاماً لمنطقة التجارة القارية الحرة، لمأمورية تستمر أربع سنوات. وستكون مهمة مينياس الأولى العمل على إطلاق المشروع، وتذليل ما يعترضه من عقبات، وهي مهمة صعبة جداً، بوجود دول غير متحمسة، أبرزها نيجيريا، صاحبة الاقتصاد الأقوى والكثافة السكانية الأكبر في القارة. - الوفاء بالتعهد يتربص بـ «التالية» خلال القمة الأفريقية، سلّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقية إلى نظيره الجنوب أفريقي الذي صعد المنصة ليقول: «سنركز عملنا على حل النزاعات»، إلا أن حل النزاعات لن يكون نزهة ولا مهمة يسيرة. ذلك أن القادة الأفارقة يتذكرون جيداً أنهم بعدما تعهدوا عام 2013 بإنهاء كل الحروب والنزاعات في القارة، صار أسوأ بكثير، مع دخول الجماعات الإرهابية على الخط، وتزايد التدخل الخارجي. القادة بالأمس اعترفوا بفشلهم في الوفاء الذي قطعوه على أنفسهم قبل سبع سنوات، ولكن هذا لم يمنعهم من قطع تعهُّد جديد بإسكات صوت الأسلحة هذا العام. وفي هذا السياق، قال رئيس المفوضية الأفريقية في خطابه أمام القادة: «كيف يمكننا أن ننجح في الوفاء بهذا الوعد، في قارة مرتهنة لظواهر كبيرة مثل الإرهاب والتوتر العرقي؟ ولكننا عندما نتحرك بطريقة جادة وفعالة نحو كل قضية من هذه القضايا، ونبحث عن أسبابها العميقة، مع توفير الوسائل السياسية والعسكرية والدبلوماسية، فإنه سيكون بإمكاننا أن نكسب تحدي إسكات صوت الأسلحة». مع هذا، لا بد من الإقرار بأن غالبية الشعوب الأفريقية كانت تتابع القمة الـ33 بشيء من قلة الاهتمام، وقلة الاكتراث بما يجري تداوله فيها من شعارات، لأنها بالنسبة لهم ستبقى مجرد شعارات.
مشاركة :