قبل 15 شهرا وقف خبير أوروبي يدعى الدكتور يورغ شوبرت مستغربا من الأطروحات الكثيرة التي قدمها السعوديون عن البطالة والبحث عن وظائف خلال منتدى جدة الاقتصادي 2014م، فاجأ الجميع وهو يقول عبر إحدى الجلسات العلمية: صدقوني لا توجد عندكم بطالة ولا تحتاجون هذا الجهد الكبير من الكلام والخطط والدراسات، الحل بسيط جدا وهو إحلال ما يقارب من مليوني سعودي بدلا عن ربع العمالة الأجنبية الموجودة في المملكة والتي تبلغ 8 ملايين شخص. هكذا قالها الرجل بعفوية ودون تعقيدات أو دراسات.. لكنه أصاب عين الحقيقة وحدد الداء والدواء ببساطة متناهية، وأمسك مباشرة بالمشرط ليجري جراحة عاجلة بدلا من المسكنات والعلاج الطويل والممل أحيانا، فالواقع يقول إن هناك سعوديين يبحثون عن وظائف لكن لا توجد بطالة بالمعنى الحقيقي في السعودية. ليس الدكتور يورغ فقط.. بل أكدها الاقتصادي المخضرم الشيخ صالح كامل في أكثر من مناسبة وأكد أن الكلام عن البطالة محفوف بكثير من الأوهام، فالوظائف متوفرة رغم بحث بعض السعوديين عن عمل، والمشكلة تتمثل في أحيان كثيرة في عدم وجود شباب مؤهل يحمل الشعلة ويدفع أصحاب الأعمال للاستغناء عن العمالة الأجنبية وتوطين الوظائف.. إذن المشكلة في التأهيل والثقافة والوعي. من هنا أجزم أن قضية التأهيل وتجهيز الشباب لسوق العمل هي أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي في الفترة المقبلة، وهي الأزمة الحقيقة التي أعطت شعورا بوجود بطالة وهمية.. في حين يقول الواقع إن العدد الرسمي للمتعطلين عن العمل لا يزيد على 650 ألف شخص، وهو عدد يمكن استبداله بسهولة في وظائف يشغلها أجانب لو كان أبناء الوطن يملك التأهيل المناسب والثقافة والشجاعة التي تجعله يقدم على أي عمل دون خجل أو خوف. إذن توفير الوظائف وحده لا يكفي لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة التي ننشدها.. فالحل الأمثل هو توفير التأهيل والتدريب قبل التوظيف، حيث سيكون الاستثمار في العنصر البشري هو أهم مشاريع الوطن في السنوات القليلة المقبلة، وبعدها تأتي التحديات الأخرى المتمثلة في التعليم والصحة والإسكان وغيرها. ومثلما أكدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأن ثروتنا الحقيقية تتمثل في مواردنا البشرية والمواطن الذي يمثل الرهان الحقيقي للتطور والنمو، ثم تأتي الخطط والاستراتيجيات التي تقوم على ترشيد استقدام العمالة ومواصلة تطوير برامج التعليم العام والفني والمهني وكذلك مخرجات التعليم العالي لتواكب احتياجات السوق.
مشاركة :