يؤدي تعرض الجسم للاصطدام بأي شيء صلب إلى الإصابة بالكدمات، كما أن كثيراً من الأشخاص يشكون من ظهور الكدمات على أجسامهم دون التعرض لأي صدمات، وهو ما يثير كثيراً من التساؤلات. ويعرف الأطباء الكدمة بأنها تغير في لون البشرة، بسبب وجود تجمع دموي من خلايا الدم التالفة، والتي تكون في أعماق الجلد، وتتعدد أسباب الإصابة بها. تتحطم الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد بسبب التعرض للاصطدام بشيء صلب، وبالتالي تتسرب كمية من الدم إلى الأنسجة الواقعة تحته. ويتنوع حجم الكدمة، حيث تبدأ صغيرة في حجم لدغة البعوضة، وربما كانت كبيرة إلى حد ما، وتكون ذات لون أزرق في البداية، ثم بنفسجي ثم أخضر، ومع اقتراب الشفاء تتحول إلى اللون الأصفر. وتعتبر في الغالب الكدمات بسيطة، حيث يرجع الجلد إلى لونه الطبيعي بعد فترة قصيرة، إلا أن هناك بعض الحالات التي تعتبر خطيرة، والتي يتأخر الشفاء فيها، وكذلك عندما تسبب ألماً شديداً، أو تتسبب في فقد الوعي، وهنا تجب مراجعة الطبيب على الفور. ونتناول في هذا الموضوع مشكلة الكدمات بكل أحجامها وأنواعها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى حدوثها، وكذلك أعراضها وطرق الوقاية منها، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة، والأبحاث التي تناولت هذه الحالة. السقوط والكسر ونشر موقع «هيلث لين» عن تعدد أسباب وعوامل الإصابة بالكدمات، وربما تختلف بحسب نوع الجلد وسن المصاب والأمراض التي يعانيها، وأيضاً الأدوية التي يتناولها، وتعتبر الساقان والذراعان أكثر المناطق المعرضة للإصابة. وتظهر الكدمات نتيجة وجود نزيف تحت الجلد، والذي يحدث بسبب نقص الصفائح الدموية، أو خلل في وظيفتها. وترجع الإصابة بها إلى الاعتداء على الشخص، وهو الأمر الذي يتسبب في نزيف الأوردة، ومن ذلك أيضاً سقوط شيء ما من ارتفاع على المنطقة المصابة، كما أن التعرض إلى كسر في العظام أو التواء المفاصل كالتواء الكاحل يؤدي للإصابة بها. تكون في بعض الأحيان بسبب أمراض الدم أو جلطات دموية، وكذلك الإصابة بأمراض الكبد، وتعد الكدمات المرتفعة والصلبة والمتعددة، والتي تكون الإصابة بها دون سبب واضح أو مباشر دليلاً على الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية. دليل على المرض يمكن أن تكون الكدمة علامة على مشكلة صحية خطيرة، ومن ذلك التهاب الشغاف، وفي حالة كانت الكدمة حول سرة البطن فربما كانت دليلاً على نزيف داخل البطن، وإذا كانت خلف الأذن فمن الممكن أن تكون علامة على كسر في الجمجمة. ويعد سوء التغذية أحد أسباب الإصابة بالكدمات، وكذلك تعرض البشرة بشكل مباشر ومستمر لأشعة الشمس فوق البنفسجية، ومن الممكن أن يكون للعامل الوراثي دور في بعض الحالات، كما أنها أحد الآثار الجانبية لأدوية السيولة، بخاصة مع تناول الأطعمة التي تزيد من الحساسية كالسمك وشرب الزنجبيل. الحالة النفسية تظهر الكدمات في بعض الحالات دون سبب عضوي، والتي ترتبط بالحالة النفسية للمصاب وإصابته بالتوتر، وتعتبر منتشرة بين النساء، وربما ظهرت بشكل كبير مع اقتراب فترة الحيض لديهن. ويعاني المسنون الكدمات المفاجئة، ويكون سببها مشكلة في جدار الشعيرات الدموية، أو نتيجة نقص فيتامين «سي»، كما أن الجلد يصبح رقيقاً، وبالتالي فإن الأنسجة التي تدعم الأوعية الدموية تكون أكثر هشاشة. ويعد أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بالكدمات من يمارسون تمارين رياضية عنيفة كألعاب القتال الكاراتيه والكونغفو، وكذلك حمل الأثقال. البداية بالأحمر ويوضح موقع «ميديكال نيوز توداي» أن الكدمات يصاحبها في بعض الأحيان لين للمنطقة غير الملونة، ومع مرور الوقت فإن شكل الكدمة يتغير، ولذلك فإنه بمجرد النظر إليها يعرف عمرها. ويكون لون الكدمة في البداية أحمر، لأنها تعكس لون الدم الذي يوجد بالجلد، وبعد يوم أو يومين يتحول الأحمر إلى أزرق أو بنفسجي، وفي بعض الحالات خلال عدة ساعات، ثم بعد اليوم السادس يصبح اللون أخضر. ويتحول لونها إلى الأصفر البني في اليوم الثامن أو التاسع، وتعتبر هذه مرحلة ما قبل الشفاء، وتختفي الكدمة بصفة عامة خلال فترة تتراوح بين 2 إلى 3 أسابيع، ومن ثم يعود للجلد شكله الطبيعي. وتتسبب الكدمات خلال الأيام الأولى من الإصابة بها في الإحساس بالألم الذي يتضاءل، وبصفة عامة فإن ألم الكدمة ربما يختلف من شخص لآخر، وكذلك بحسب حدتها، فمن الممكن أن يكون الشعور بالألم متأخراً، وربما كان بسيطاً، ويمكن أن تتسبب الكدمات التي تصيب الرأس أو العينين في الشعور بالقلق والتوتر. تصلب الكدمة يمكن أن يتصلب مكان الكدمة في بعض الأحيان بدلاً من اختفائها، وربما زاد حجمها كذلك، مع استمرار الشعور بالألم. ويعود هذا الأمر إلى سببين، الأول وجود كمية من الدم كبيرة تحت سطح الجلد أو داخل العضلات، ويقوم الجسم بوضع الدم في جدار خارجي بدلاً من التخلص منه، وهو ما يعرف بالتورم الدموي، ومن الممكن أن يلجأ المصاب في هذه الحالة إلى الطبيب بهدف تفريغ المنطقة من التورم الدموي. ويعتبر السبب الثاني تجميع الجسم للكالسيوم في منطقة الإصابة، وبالتالي يحدث تصلب بمنطقة، ويطلق على هذه الحالة التعظم المنتبذ، وهي حالة قليلة الانتشار، ويتم تشخيصها بالأشعة السينية. استشارة طبية ويقول موقع «دراجوس» إنه يجب الانتباه إلى أن هناك بعض الكدمات التي تحتاج إلى استشارة الطبيب، ومن ذلك إذا صاحبها انتفاخ وتورم، أو إذا اشتكى المصاب من ألم شديد، بخاصة بالنسبة للمرضى الذين يتناولون مميعات دموية. وتعتبر من الحالات التي تحتاج إلى استشارة طبية من يعانون تكرار ظهور الكدمات دون وجود سبب مباشر لهذه الحالة، وأيضاً عندما تسبب ألماً شديداً، وإذا كانت تحت أصابع القدمين أو اليدين. وينبغي كذلك في الحالات التي لا تتحسن خلال أسبوعين، أو التي لا تشفى بصورة نهائية في غضون شهر استشارة الطبيب. أشعة سينية تشمل إجراءات تشخيص الكدمات عمل أشعة سينية على مكان الكدمة، بهدف التأكد أنه لا توجد أي كسور بالعظام، وبخاصة إذا صاحبها ألم حاد وتورم. يتم إجراء تحليل صورة دم كاملة عند تكرار ظهور الكدمات دون معرفة سبب محدد لها، وذلك حتى نتأكد من وجود أي اضطرابات نزفية، ومن خلال هذا التحليل يعرف الطبيب عدد كرات الدم والصفائح الدموية، كما يمكن أن يساعد على تحديد العلاج المناسب. وتختفي كل الكدمات تلقائياً، إلا أن هناك بعض الحالات التي يتكرر معها ظهور الكدمات، ويجب في هذه الحالة علاج السبب حتى لا تعاود الظهور مرة أخرى. وينبغي الاهتمام بالعلاج حتى لا يتعرض المصاب لأي مضاعفات، والتي تشمل ارتفاع درجة الحرارة، وحدوث نزيف من أماكن أخرى في الجسم. إجراءات منزلية يمكن أن يكتفي المصاب بالكدمة ببعض الإجراءات المنزلية البسيطة لعلاجها، والتي تشمل إراحة المنطقة المصابة، ووضع كمادات ثلج عليها، مع مراعاة أن تكون ملفوفة في منشفة وألا تترك أكثر من 20 دقيقة على الجسم، ومن الممكن أن يكرر هذا الإجراء عدة مرات ليوم أو يومين، أو بحسب الحالة. وينصح بعمل الكمادات الدافئة بعد فترة من الإصابة، لأن الحرارة تساهم في عودة سريان الدماء بشكل طبيعي، وتقليل كمية الدم المحبوسة تحت الجلد، مما يؤدي إلى تخفيف التورم والانتفاخ. ويتم الضغط على المنطقة المصابة باستخدام ضمادة مرنة، وذلك إذا كان هناك تورم، وليس ضرورياً شدها بشكل زائد، وفي حالة الجلد التالف ليس هناك حاجة للضمادة، ويمكن تناول بعض المسكنات في حالة الشعور بالألم. حمية غذائية ينصح بعض الأطباء باتباع حمية غذائية لعلاج الكدمات، حيث يمكن أن تسرع في مرحلة الشفاء، وتشمل هذه الحمية تناول الحمضيات، كالبرتقال والليمون، وذلك لأنها تحتوي على الفلافونويدات وهي تسرع من عملية الشفاء. وتتضمن هذه الحمية كذلك الأطعمة الغنية بالزنك، كالسبانخ والبقوليات، وبصفة عامة فإن هذا العنصر يجدد الأنسجة التالفة ويساعد على تسريع شفاء الجروح والكدمات. وتساعد كذلك البروتينات على تقوية الشعيرات الدموية وتخفف من حدة النزيف، وتتوافر البروتينات في الأسماك والدواجن بأنواعها واللحوم الحمراء. وينبغي على من يتناول مميعات دموية الالتزام بالجرعة الموصوفة، كما ينبغي بصفة عامة اتباع العادات الغذائية السليمة، كالحرص على توافر الفيتامينات والمعادن في الوجبات الغذائية. جل الصبار أظهرت دراسة أمريكية طبية حديثة أن جل الصبار يلعب دوراً مهماً في تخفيف الانتفاخ والتورم الذي يحدث نتيجة الإصابة بالكدمات. ويمكن أن يستخدمه المصاب من خلال وضعه بشكل مباشر على مكان الإصابة، مع ضرورة أن يتأكد أن الجل طبيعي وطازج. وأشارت مجموعة أخرى من الدراسات إلى أن الكريمات الموضعية التي تحتوي على فيتامين «ك» تساعد في منع تخثر الدم تحت الجلد في المنطقة المصابة بالكدمة، كما تخفف الورم الذي تسببت فيه، كذلك يساعد فيتامين «سي» في تسريع الشفاء من هذه الحالة. ويمكن تجنب الإصابة بالكدمات، وذلك باتباع بعض الإجراءات، منها ارتداء ملابس حماية أثناء أداء التمارين الرياضية، وخاصة رياضة الالتحام والعنف. كما يجب التأكد من أن الأرضية التي يتحرك عليها جافة، وأن المفروشات على الأرض لا تتسبب في الانزلاق، وبخاصة لدى المسنين، مع وضع الأثاث بعيداً عن الممرات الرئيسية بالبيت، والمداخل والمخارج، ويمكن توفير إنارة خافتة في الليل تساعد على وضوح الرؤية عند الحاجة للذهاب إلى الحمام.
مشاركة :