صادف يوم الجمعة الفائت الموافق 14 فبراير 2020، مرور 75 عاماً على اللقاء التاريخي الذي جمع مؤسس البلاد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على متن البارجة الأميركية (كوينسي) في البحر الأحمر يوم 14 فبراير عام 1945 الموافق الأول من ربيع أول عام 1364هـ، ولم يكن اللقاء يتعلق باكتشافات النفط وتجارته والتي بدأت بإطلاق شحنة الزيت الأولى التي حملتها الناقلة «سكوفيلد» في مايو 1939 والتي كانت حدثاً بالغ الأهمية والتي دفعت لهذا اللقاء التاريخي الذي يمثل العصب في بناء وتشكيل أسس العلاقات السياسية والعسكرية وبالأخص الاقتصادية بعد أن ازدهرت صناعة النفط بالمملكة، وبدأ العالم أكثر تعطشاً لمصادر الطاقة الهائلة التي وهبها الله المملكة العربية السعودية من ثروات النفط الخام الذي تنامت اكتشافاته في مواقع مختلفة من المنطقة الشرقية لتتجه بوصلة الاقتصاد العالمي والحضارة العالمية جمعاء قصراً صوب المملكة حيث قطرات غيث وقود النهضة الصناعية في العالم التي أسسها هذا اللقاء. وهناك رابط كبير بين هذا اللقاء التاريخي بين المؤسس والرئيس الأميركي روزفلت، وبين آخر لقاء جمع بين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب في قمة العشرين الأخير باليابان حينما تحدث ترمب وأمام رؤساء دول العالم الأقوى اقتصاداً بأن السعودية بعلاقتها التاريخية مع أميركا تثبت قوة إدارتها لمواردها النفطية وحسن قيادتها لسوق الطاقة العالمي، وقال مخاطباً سمو ولي العهد «لقد قمت بعمل عظيم ومن الرائع أن أكون مع الرجل الذي فعل لبلاده الكثير في سنوات عدة، إنها ثورة إيجابية وأردت فقط أن أشكرك بالنيابة عن الكثير من الأشخاص وأريد أيضاً أن أهنئك لما قمت به من عمل مذهل». ولم تأتِ هذه الإشادة لسموه وللمملكة إلا بقوة المنجزات التنموية الهائلة والحراك الاستثماري الصناعي السعودي والأجنبي الضخم الذي تعيشه المملكة في كافة أرجائها والتي شهدها عن كثب الرئيس الأميركي في زيارته الأخيرة للمملكة، ملفتاً فخامته لقوة الوعود الضخمة التي تعهد بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في غربلة منظومة الحياة الحضارية والاقتصادية بالمملكة والذهاب بالعلاقات السعودية الأميركية لحقبة جديدة من التلاقي في وجهات النظر القويمة وتعزيز أطر التحالفات السعودية الأميركية في أهم قطاعات الطاقة والصناعة إجمالاً. ويستعيد هذا اللقاء بين سمو ولي العهد والرئيس الأميركي كل التحولات التاريخية العظيمة التي شكلت علامة فارقة في خارطة اقتصاد السعودية والعالم ككل والتي كانت نواتها الأولى لقاء المؤسس الملك عبدالعزيز بالرئيس الأميركي روزفلت والتي دشنت عهداً جديداً في تأسيس وتعزيز العلاقات القوية بين البلدين وشعبيهما حيث أسهمت المملكة بالنقلة الصناعية التي عاشتها الولايات المتحدة وكانت المملكة الأمينة على إمدادات الطاقة للعالم أجمع بما فيها الولايات المتحدة والتي بدورها قد أسهمت في اكتشافات النفط في المملكة وكان الملك عبدالعزيز يؤمن إيماناً راسخاً بوجود الموارد الطبيعية في الجزيرة العربية وكان يدعو للتنقيب وبدء الاستثمار بعد توقيعه اتفاقية الامتياز التي أبرمها مع شركة إيسترن آند جنرال في عام 1923. وقد أضاف اعتراف المجتمع الدولي بالمملكة العربية السعودية في السنة الأخيرة للحرب العالمية الثانية كمورد رئيس للزيت بعداً جديداً إلى مكانتها الرفيعة في المجتمع الدولي ومع بدء جهود البناء أصبح زيت المملكة الوقود الرئيس للانتعاش الأوروبي حتى أن حكومة الولايات المتحدة سارعت إلى زيادة حضورها الدبلوماسي في المملكة. وأطلق التاريخ العريق بين البلدين شركة أرامكو السعودية التي تعود بداياتها العام 1933م عندما أُبرمت اتفاقية الامتياز بين المملكة العربية السعودية وشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال). حينها، تم إنشاء شركة تابعة لها سميت بكاليفورنيا أرابيان ستاندارد أويل كومباني (كاسوك) لإدارة هذه الاتفاقية. وبدأ العمل على الفور. فبعد مسح صحارى المملكة لتحديد مواقع النفط، بدأت أعمال حفر الآبار في عام 1935م. وبعد سنوات من الجهد المضني دون أي نجاح يذكر، قرر المسؤولون التنفيذيون في سوكال في عام 1937م الاستعانة بمشورة كبير الجيولوجيين ماكس ستاينكي، الذي أشار عليهم من واقع خبرته الطويلة في العمل الميداني بأن يستمروا في أعمال الحفر. بمناسبة مرور 75 عاماً على لقاء المؤسس الملك عبدالعزيز بالرئيس الأميركي روزفلت وأخيرًا تحقق النجاح حيث شهد العام 1938م إرساء أولى لبنات ازدهار مستقبل المملكة ونجاح جهود أرامكو السعودية وذلك بالتزامن مع باكورة إنتاج النفط بكميات تجارية من بئر الدمام رقم 7 التي أطلق عليها اسم «بئر الخير حيث بدأ ذلك الموقع على الفور في إنتاج أكثر من 1,500 برميل من النفط الخام في اليوم، وفي 1944 تم تغيير اسم شركة «كاسوك» إلى شركة الزيت العربية الأميركية، وفي العام 1948 اشترت شركة ستاندرد أويل كومباني أوف نيو جيرسي، التي أصبحت فيما بعد تسمى شركة إكسون، حصة نسبتها 30 % في الشركة واشترت شركة سوكوني فاكيوم أويل كومباني، التي أصبحت فيما بعد تسمى شركة موبيل، حصة نسبتها 10 % للمساعدة في توفير منافذ تسويقية ورأس مال لاحتياطيات المملكة من الموارد الهيدروكربونية. وفي عام 1952 انتقل مقر الشركة الرئيس من مدينة نيويورك إلى الظهران، وفي عام 1973 استحوذت المملكة على حصة أولية بلغت نسبتها 25 % ثم زادت إلى 60 % في عام 1974 وواصلت الشركة النمو لتصبح في عام 1976 أكبر منتج للنفط على مستوى العالم من حيث الكميات المنتجة في عام واحد. وخلال الفترة بين عامي 1980 و1981 رفعت الحكومة حصة مشاركتها في حقوق الشركة في امتياز النفط الخام وفي إنتاجها ومرافقها الإنتاجية إلى 100 %، وفي فترة الثمانينات رفعت الشركة إنتاجها، بالإضافة إلى أنها وسعت بنيتها التحتية من خلال بناء خط الأنابيب شرق-غرب الممتد بطول 1,200 كلم والمخصص لنقل النفط الخام من مدينة الظهران إلى مدينة ينبع المطلة على البحر الأحمر، وخلال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، أسست الشركة مشاريع مشتركة للتكرير والتسويق في عدد من المناطق الجغرافية الاستراتيجية حول العالم من أجل توسيع قاعدتها السوقية وعروض منتجاتها. وفي عام 1988 تأسست شركة الزيت العربية السعودية والتي تعرف أيضاً باسم أرامكو السعودية بتاريخ 13/11/1988 لتؤول إليها حقوق وامتياز شركة الزيت العربية الأميركية. منذ أواخر أربعينيات القرن العشرين، توالت نجاحات الشركة وترسخت قدراتها حتى تمكنت من تحقيق رقم قياسي في إنتاج النفط، رافعةً طوال مسيرتها مكانة المملكة في قطاع الطاقة. وبعد تسميتها بأرامكو (شركة الزيت العربية الأميركية)، بلغ إنتاج النفط الخام 500 ألف برميل في اليوم في عام 1949م. ومع التزايد السريع في إنتاج النفط، أصبح من الضروري على الشركة توسيع نطاق أعمالها في قطاع التوزيع أيضًا. ففي عام 1950م، أنجزت الشركة خط الأنابيب عبر البلاد العربية «التابلاين» الذي يبلغ طوله 1,212 كلم والذي يعد الأطول في العالم. ربط خط التابلاين المنطقة الشرقية في المملكة بالبحر الأبيض المتوسط ما أسهم في اختزال زمن وتكلفة تصدير النفط إلى أوروبا بشكل كبير. وبعد عامين من التنقيب في مياه الخليج العربي الضحلة، اكتشفت الشركة حقل السفانية في عام 1951م والذي يعد أكبر حقل نفط بحري على مستوى العالم. وفي عام 1958م، تجاوز إنتاج شركة أرامكو من النفط الخام مليون برميل في سنة تقويمية واحدة. (كوينسي) الانطلاقة لترسيخ العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية ودفعت العلاقات القوية المتنامية السعودية الأميركية لضخ بلايين البراميل وبحلول عام 1962م، حققت الشركة إنجازًا مهمًا آخر، حيث بلغ الإنتاج التراكمي للنفط الخام 5 بلايين برميل. وبحلول عام 1981م، وللمرة الأولى تجاوز شحن النفط الخام والمنتجات البترولية من الفرضة البحرية في رأس تنورة بليون برميل سنويًا. وطوال سبعينيات القرن العشرين، لم تنحصر جهود الشركة في إثبات مكانتها كقوة اقتصادية للمملكة فحسب، بل تضمنت أيضًا احتضانها للتراث السعودي. وفي عام 1973م، اشترت الحكومة السعودية حصة قدرها 25 % في أرامكو وزادت هذه الحصة لتصل إلى 60 % في العام التالي. وفي عام 1980م، امتلكت الحكومة السعودية شركة أرامكو بأكملها لتنشئ بعد ثمانية أعوام شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) رسميًا، لتكون شركة جديدة تتولى جميع مسؤوليات شركة أرامكو بقيادة معالي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، الذي أصبح أول رئيس سعودي للشركة في عام 1984م، ثم أول رئيس لأرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين في عام 1988م. وفي العام التالي، بدأت أرامكو السعودية تحولها من شركة منتجة للنفط ومصدرة له إلى شركة بترول متكاملة بالتزامن مع تأسيس شركة ستار إنتربرايزز في عام 1989م، وهي مشروع مشترك مع شركة تكساكو في الولايات المتحدة الأميركية والتي تحولت لاحقًا لتصبح شركة موتيفا التي بدأت كشراكة بين شركتي تكساكو وشل ومن ثم استحوذت عليها أرامكو السعودية بالكامل في عام 2017 لتصبح المالك الوحيد لأكبر مصفاة لتكرير النفط الخام في موقع واحد في أميركا الشمالية في بورت آرثر، بولاية تكساس. واضطلعت شركة أرامكو بتأصيل قوة علاقاتها واستثماراتها في الولايات المتحدة حيث تؤدي الشركات التابعة لأرامكو السعودية في أميركا دوراً محورياً في سوق الطاقة الحيوية في المنطقة وتقوم معًا بدور المورد الرئيس للنفط الخام إلى الولايات المتحدة التي خصت أرامكو بخدمات تسويقية وخدمات إدارة أعمال وغيرها من أعمال المساندة للشركة وشركائها على حد سواء، في وقت توفر الشركات التابعة لأرامكو السعودية في الأميركتين السلع والخدمات وتقدم التحليلات الاقتصادية والسياسية، وتتولى ترتيب أعمال التخزين والنقل والتسليم للنفط الخام الذي تبيعه أرامكو السعودية أو الشركة السعودية للتكرير للمصافي في الولايات المتحدة الأميركية. لقاء الزعيمين عزز تنفيذ إنشاء خط الأنابيب عبر البلاد العربية 1945 جهود أميركية وتاريخ من اكتشافات النفط حيث تفخر أرامكو باكتشاف حقل السفانية معمل معاجلة الجازولين في مصفاة رأس تنورة العام 1948م
مشاركة :