تجاهل الرئيس السوداني عمر حسن البشير أمس، الاستفتاء غير الرسمي الذي تنظمه قبيلة دينكا نقوك الأفريقية لـ «تقرير مصير» منطقة أبيي المتنازع عليها بين دولتيّ السودان وجنوب السودان ويتوقع أن تعلن نتائجه الخميس المقبل. من جهة أخرى، ربط الرئيس السوداني الإصلاح والتغيير الذي طالب به منشقون عن الحزب الحاكم، بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السنة 2015، وذلك في رد ضمني على المنشقين الذين شرعوا في تأسيس حزب جديد. وقال البشير، في كلمة ألقاها خلال افتتاح دورة جديدة للبرلمان، أنه اتفق مع نظيره الجنوبي سلفاكير ميارديت على إنشاء شرطة ومؤسسات مدنية انتقالية في أبيي، والسعي إلى حل للنزاع حول المنطقة، يكون مرضياً للطرفين. واكد انه «سيواصل التعاون مع الأخ سلفاكير من أجل الوصول إلى حل نهائي لقضية أبيي لكي تتمكن المجتمعات المحلية من العودة إلى حياة طبيعية تزيل الضغائن والمرارات وتمهد لمستقبل تسوده الطمأنينة وروح التعايش السلمي». ودعا حركات التمرد في دارفور إلى الانضمام إلى عملية السلام وفق «وثيقة الدوحة». وقال: «نؤكد استعداد الحكومة للعفو عن حاملي السلاح والتشاور معهم حول ترتيبات انضمامهم للسلام». ووجه البشير دعوةً إلى متمردي «الحركة الشعبية – الشمال» لاستئناف الحوار لإرساء أسس السلام في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق استناداً إلى بروتوكول السلام الخاص بالمنطقتين، مشيراً إلى أن «استدامة السلام تتطلب إرادة سياسية نافذة تحرسها، وقوة أمنية رادعه تحميها». وأكد البشير إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مطلع 2015، داعياً كل القوى السياسية إلى الإعداد الجيّد والمبكر لها، متعهداً أن تجري بنزاهة وشفافية، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستشهد بداية حوار في شأن إدخال تعديلات على قانون الانتخابات. وطرح رؤية فلسفية لمفهوم الإصلاح والتغيير، قائلاً إن «الانتخابات ترمز إما إلى التغيير والتجديد أو التّأكيد والتّأييد للسياسات والتوجهات والأشخاص». وطالب بالمشاركة في ترسيخ مفهوم: «لنقرر ما ينبغي تأكيده وتأييده، وما يلزم تغييره وتجديده». واعتبر ان «الإصلاح حركة يومية دائبة تصحح وتراجع لبلوغ الغايات، ولا تجمد عند نقطة، أو موقف بعينه»، داعياً إلى اعتماد المفهوم المتحرك للإصلاح في منظومة السياسات والمؤسسات والأشخاص والقيادات. إلى ذلك، أعلن الرئيس السوداني توقيف 58 من المتورطين في التظاهرات المناهضة لزيادة أسعار الوقود في أيلول (سبتمبر) الماضي، مؤكداً أنهم «سيمثلون أمام المحاكم لينالوا جزاءهم»، موضحاً أن التحقيقات مستمرة في شأن مقتل العشرات في تلك الأحداث. ورأى أن «متربصين ظنوا أن الإجراءات الاقتصادية فرصة مواتية لإسقاط النظام فسعوا إلى التحريض على التظاهر والعصيان وأطلقوا مجموعات إجرامية خرّبت ودمرت ونهبت وقتلت»، مُعترفاً بـ «آثار مرة نجمت عن الأحداث». وأضاف أنه «بعد انجلاء المحنة وعودة الأمور إلى طبيعتها كأقوى ما يكون»، سيُفسح في المجال أمام إعادة النظر في الإجراءات الاستثنائية التي اُتخذت إبان الأحداث ضد أشخاص ومؤسسات وإعلامية «تجاوزت قواعد المهنية والموضوعية»، في إشارة إلى إقفال صحف وإغلاق مكتبي قناتين فضائيتين في الخرطوم. وتواصلت في أبيي لليوم الثاني على التوالي أمس، عملية الاقتراع في الاستفتاء الذي تقيمه قبيلة «دينكا نقوك» بمشاركة أكثر من 100 ألف مواطن سُجلوا للتصويت على خياري البقاء في السودان أو الانضمام إلى جنوب السودان. وشهدت مراكز الاقتراع مشاركةً واسعة من أبناء الدينكا، في حين رفضت قبيلة المسيرية العربية المقيمة في المنطقة الاستفتاء. وهددت القبيلة باجتياح المنطقة إذا أقدمت الدينكا على ضم أبيي إلى جنوب السودان.
مشاركة :