بيروت: «الشرق الأوسط» لم تتمكن القوى الكردية المعارضة في سوريا من توحيد موقفها بشأن المشاركة في مؤتمر «جنيف 2». وفي حين يستعد حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» (بي واي دي) الموالي لحزب العمال الكردستاني للمشاركة في المؤتمر المزمع عقده الشهر المقبل في إطار وفد «هيئة التنسيق الوطنية» التي ينضوي تحت لوائها، يؤكد «المجلس الوطني الكردي» التزامه بالقرار الذي سيتخذه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» باعتباره جزءا منه. وعلى الرغم من اتفاق أكراد «هيئة التنسيق» و«الائتلاف» على ضرورة «الاعتراف بحقوق الشعب الكردي وتثبيتها دستوريا»، فإن هذا الاتفاق لم يحل دون عزمهما التوجه إلى جنيف بوفدين منفصلين. ويكمن الخلاف الرئيس بين الجهتين في محاولة «الاتحاد الديمقراطي» السيطرة على قرار الأكراد السوريين «والتحكم بمصيرهم السياسي»، وفق ما يؤكده عضو المجلس الوطني الكردي صبحي داود لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن «المجلس الوطني الكردي لن يشارك في (جنيف 2) إلا ضمن وفد الائتلاف المعارض». ويشير داود إلى أن «مسألة الاعتراف بحقوق الشعب الكردي والحصول على ضمانات في المستقبل ستطرح من قبل المجلس على طاولة المفاوضات». ويلفت إلى أنهم «متفقون على هذا الأمر مع حزب الاتحاد الديمقراطي»، لكن في الوقت ذاته يؤكد أن «هذا الحزب يمتلك ذراعا عسكرية في المناطق الكردية ويسيطر على معظم المدن، مما يجعله يشعر بفائض القوة والرغبة في الهيمنة على القرار الكردي». ويقاتل الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي ضمن وحدات «حماية الشعب الكردي» في مدينتي الحسكة والقامشلي، حيث تدور معارك شرسة بينها وبين عناصر إسلامية تابعة لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة». في المقابل، ينفي رئيس الاتحاد الديمقراطي صالح المسلم، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تكون الهيمنة السياسية وراء القتال الذي يخوضه عناصر حزبه في المناطق الكردية»، مشيرا إلى أن «قواته تتصدى للمجموعات التكفيرية التي تسعى إلى فرض رؤيتها الضيقة للدين على مختلف المكونات السورية». ولفت المسلم إلى أن «الاتحاد سيشارك في (جنيف 2) ضمن وفد هيئة التنسيق الوطنية التي نمثل جزءا رئيسا منها»، مشددا على «ضرورة المطالبة بالحقوق الديمقراطية للشعب الكردي عبر تحقيق الفيدرالية الديمقراطية وإدارة المناطق الكردية بتوافق مكوناتها». واعتبر مسلم أن «الاعتراف الدستوري بحقوق الأكراد يجب أن يتزامن مع إدارة فيدرالية تحقق اللامركزية من دون أن يعني ذلك رسم حدود تفصلنا عن شركائنا في الوطن». وفي حين يؤيد المسلم «هيئة التنسيق الوطنية» لناحية عدم اشتراط تنحي الرئيس السوري بشار الأسد للذهاب إلى «جنيف 2»، يؤكد أن «بقاء الأسد يجب أن يتلازم مع نزع صلاحياته». وبينما يفصل المسلم بين التقدم الميداني الذي تحرزه قواته في المناطق ذات الغالبية الكردية وآخرها السيطرة على معبر اليعربية الحدودي بين سوريا والعراق، وبين المسار السياسي الذي يسبق عقد مؤتمر «جنيف 2»، يؤكد الناشط الكردي ميرال بروردا، لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام السوري يسهل تقدم حزب الاتحاد الديمقراطي على الأرض كي يضمن وجوده في (جنيف 2) كأحد الأطراف الداعمين له ضمن هيئة التنسيق الوطنية». ويوضح بروردا أن «التمدد الإسلامي لـ(داعش) و(النصرة) في المناطق الكردية خلق بيئة حاضنة لحزب الاتحاد الديمقراطي وجعله القوة الوحيدة التي تمثل الأكراد». وتحكم قوات «حماية الشعب الكردي» التي يشكل عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي النسبة الأكبر فيها سيطرتها على المنطقة التي تمتد من نهر دجلة على الحدود العراقية - السورية، مرورا بالمالكية والقحطانية وعامودا والدرباسية، وصولا إلى مدينة رأس العين. وفي حين ينعدم وجود كتائب «الجيش الحر» في هذه المناطق بعد انضمام معظمها إلى التشكيلات الإسلامية المتطرفة، تسيطر هذه الأخيرة على المنطقة الممتدة من البوكمال بمحاذاة نهر الفرات، مرورا بالرقة، وصولا إلى تل أبيض، إضافة إلى سيطرتها على أجزاء كبيرة من منطقة «جنوب الرد» و«حقول تشرين» النفطية.
مشاركة :