حمد آل خليفة ولى العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الموقر فشمل برعايته الكريمة هذا اليوم الاحتفال الذي اقيم بمركز عيسى الثقافي بتسليم جائزة عيسى لخدمة الانسانية في دورتها الثانية 2013-2015م ، والتي فاز بها الدكتور أشيوتا سامنتا من دولة الهند الصديقة في مجالي الرعاية الاجتماعية والتعليم . فلدى وصول جلالة الملك ، كان في الاستقبال سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس امناء جائزة عيسى لخدمة الانسانية. وفي بداية الاحتفال عزفت الفرقة الموسيقية السلام الملكي ، وبعد تلاوة آي من الذكر الحكيم ، تفضل حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه بالقاء كلمة سامية هذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أصحاب السمو والمعالي والسعادة ، ضيوفنا الكرام ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، نشهد معكم في هذا اليوم نتائج أعمال جائزة عيسي لخدمة الإنسانية في دورتها الثانية، وهي تخطو خطوات واثقة على مختلف الأصعدة ، لتـتميز كجائزة عربية عالمية ، في مجال الخدمة الإنسانية ، تتعدى الحدود المكانية ، دون أي اعتبار عقائدي أو جغرافي أو قومي ، غايتها المثلى الحث على خدمة البشرية ، وهي ذات القيم والمبادئ التي آمن بها صاحب العظمة الوالد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله ، مستلهمة ذلك من تواضعه الجم وقربه الحميم من أبناء شعبه . إن المنجز الإنساني للراحل الكبير، عبّرت عنه روحه السمحة الودود ، التي أكسبت شخصه وبلاده احترام العالم ، فكانت حافزاً لكل إنسان يسعى ويعمل لخدمة بني البشر والتخفيف من معاناة الإنسان أينما كان . وهو أمر طالما ألهم مساعينا ليكون شعب البحرين مثالاً للانسجام والتآخي ، على أساس العلاقات الإنسانية المتينة مع مجتمعه العالمي، ليعيش في أجواء الانفتاح المستنير، من خلال تثبيت دعائم التكاتف والتسامح . معبرين ، بهذه المناسبة التي نعتز بها ، عن تقديرنا وشكرنا لكل الهيئات والأشخاص الذين عملوا ويعملون لخدمة الإنسانية وخيرها . لقد سرّنا أن يتقدم عدد من الأجلاء العاملين في مجال الخدمة الإنسانية ، أفرداً وهيئات من مختلف البلدان ، لنيل هذه الجائزة في دورتها الثانية ، وأن يتولى التحكيم بينهم خبراء اختصاص عالميين ، وأن يفوز بالجائزة أكاديمي عصامي وإنسان متواضع من جمهورية الهند الصديقة ، بنى خدماته الإنسانية المتطورة بكفاح متواصل ، سعى من خلاله إلى إيجاد مبادرات إنسانية فاعلة من أجل عالم خالٍ من الفقر والجوع والجهل ، وعمل على احتضان المعدمين والفقراء ، ليوفر لهم فرص العمل والحياة الأفضل ، حيث أصبح مشروعه واحداً من المشاريع العملاقة ، في شرق الهند يقدم التعليم والسكن المجاني ، بأحدث ما توصل إليه العلم من تقنيات ، ضمن حرم جامعي مستقل، يضم الآلاف من الأطفال والشباب الذين ينتمون لأفقر العائلات ، في إنجاز متفرد لا مثيل له ، يعطي بذلك مثالاً يحتذى في البذل والعطاء ونكران الذات، فتحية تقدير وإعجاب للدكتور أشيتا سامنتا على هذا الإنجاز الرائد. اننا إذ نعرب للدكتور سامنتا عن التهنئة بفوزه المستحق لجائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دورتها الثانية ، يسرنا أن نشكر سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة ، نائب رئيس مجلس الوزراء ، رئيس مجلس أمناء الجائزة على جهوده ، مشيدين بدوره وانجازاته خلال مسيرة عمله، وأثناء قربه من الراحل الكبير. كما نشكر أصحاب المعالي والسعادة أعضاء المجلس ولجنة التحكيم على ما بذلوه جميعهم من جهد ولما تميزت به مداولاتهم ومشاوراتهم من حيطة واحتكام للمعايير الموضوعية والإنصاف والتجرد في اختيار الفائز لهذه الدورة مسترشدين في عملهم بما أكدنا عليه من مبادئ نراها والحمد لله مجسدة في هذا الاختيار الموفق . والله نسأل أن تكون جائزة عيسى لخدمة الإنسانية قيمة مضاعفة وداعمة لصرح العمل الإنساني في مملكة البحرين وفي العالم . كما نأمل أن تصبح الجائزة مرجعاً نستحضر من خلاله مبادئ وأعمال فقيد الوطن والإنسانية والد شعب البحرين العزيز صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح الجنان . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . بعد ذلك القى سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس امناء جائزة عيسى لخدمة الانسانية كلمة هذا نصها : صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى . صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء الموقر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولى العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الموقر . بهدي من الله عز وجل ، بادرتم جلالتكم ، باحداث جائزة رفيعة القدر ، عميقة الدلالة ، تحمل اسم والدكم المغفور له بأذن الله تعالى صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة اكراماً لروحه واستحضاراً لذكرى مولده التي تهل علينا اليوم ، جائزة يكافأ بها أي فرد او مشروع او مؤسسة، تخلص في تقديم خدمة إنسانية ، في مجالات مكافحة الفقر والجوع والعناية بالتعليم والصحة والبيئة ، وتحسين ظروف المعيشة وفي مجمل الاعمال والمبادرات التي تعيد البسمة والامل ، والسعادة والطمأنينة ، لمستحقيها ، في مشارق الأرض ومغاربها . صاحب الجلالة تكمن الرمزية العميقة لهذه الجائزة ، التي تجمعنا الان في كونها تشير الى ما يميز خصال جلالتكم وشعبكم ، كفاعلين دءوبين على خدمة قضايا الإنسانية في مختلف مجالاتها ، تكرسون جهدكم وسعيكم الموصول ، من اجل ان يسود التوافق والتسامح والتآخي بين كافة بني البشر ، حيثما وجدوا. شرفتموني جلالتكم للمرة الثانية ، بترأس مجلس أمناء "جائزة عيسى لخدمة الإنسانية" هي التفاته كريمة معهودة من جلالتكم اعتز بها لعدة أسباب ، في طليعتها أني تشرفت بالقرب من الراحل الكبير وكنت شاهداً طوال سنوات على ما كان يتصف به المغفور له بأذن الله تعالى والدكم القائد الانسان من أخلاق نبيلة وسجايا إنسانية رفيعة ، وتواضع جم تجلت كل تلك المناقب في حبه لعمل الخير ، والرأفة بالضعفاء ، والعطف على المحتاجين . ورغم جسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقه، فانها لم تشغله ابدا عن التفكير المستمر والاهتمام بقضايا شعبه الوفي . كان رحمه الله متصدرا لجموع المحسنين ، سباقا لفاعلي الخير ، بارا بالضعفاء والمعوزين ، عطوفا ومواسيا للمرضى، متابعا ومستفسرا عن أحوال معاناتهم ، فهم الأبناء الطيبون ، وهو الاب الحنون ، يبادلهم المحبة بتلقائية ويقاسمهم المودة بصفاء . و حين ننظر الى اعماله الانسانية ، طيب الله ثراه نرى كيف عبرت عنه روحه السمحة الودود التي اكسبت شخصه وبلاده احترام العالم ، فكانت حافزا لكل انسان يسعى ويعمل لخدمة بني البشر والتخفيف عن معاناة الانسان أينما كان . والتزاما بنص المرسوم الملكي المؤسس للجائزة ، انكبت لجنة التحكيم لتختار من يستحق هذا التكريم ألاستثنائي، معتمدة منهجية دقيقة وأسلوبا تشاوريا شفافا، بالاستماع الى كل رأي حصيف ومفاضلة موضوعية بين الأسماء والمشاريع والمؤسسات . وفي سياق الحرص على النزاهة ، وتوخي العدل والانصاف ، بذلت لجنة التحكيم جهودا متصلة ، فاستطلعت وتحرت بشأن مختلف المبادرات والمشاريع التي تصب في خانة العمل الإنساني ، بمختلف ارجاء العالم ، متوخية استيفاءها للشروط المؤهلة ، حيث انتقل بعض أعضاء اللجنة الى بقاع نائية لمعاينة المشاريع المقترحة والتأكد منها على الطبيعة ، بغية التحقق من جدواها ، قبل اختيارها ومعاينة قيمتها وأهدافها وهل تصل حقا الى الشرائح المستهدفة . ويساور أعضاء اللجنة اطمئنان وقناعة انهم اجتهدوا ، قدر الإمكان ، واعتمدوا اهم المعايير، اخذين بعين الاعتبار الحيثيات السليمة قبل الحكم ، حيث سادت مداولاتهم في كل اطوارها روح التكامل والتشاور ، فوقع اقتراح اللجنة على من توسمت في مشروعه الخير ، ومن تتوفر فيه الشروط المؤهلة للفوز بنيل هذه الجائزة المميزة . ونحمد الله الذي هدانا ووفقنا في تطبيق المعايير المؤسسة للجائزة ، فوقع اتفاقنا بوعي واجماع ، على اختيار الفائز "اشيوتا سامنتا" مدير ومؤسس معهد كالينغا للعلوم الاجتماعية ، بجمهورية الهند الصديقة، الذي تعتبره اللجنة ، قدوة في عمل انساني رائد ومتميز ، يتمثل في انقاذ ألاف الاطفال واليافعين ، بناتا وذكورا ، من كل الاجناس والأديان ، يخرجهم من براثن وآفات الفقر والتشرد والحرمان ، الى افاق الامل والعمل والإنتاج . تؤوي مؤسسته قرابة 25 الف نزيلا معوزا ، وبموازاة ذلك، شيد الدكتور أشيوتا سامنتا صرحا تعليميا هو عبارة عن مدينة جامعية شاسعة ، تستقبل الاف الطلاب ، يتلقون في معاهدها وكلياتها التعليم والتدريب في مختلف التخصصات . صاحب الجلالة لم يكن مجلس الأمناء ليصل الى هذه النتيجة ، لولا متابعتكم واستفساركم عن عمل المجلس والاشواط التي قطعها، بغية تقديم أي مساعدة يتطلبها السير الطبيعي والناجح لاعماله ، معبرين عن الشكر والتقدير لجلالتكم ولكل من ساهم في هذه الجهود الخيرة و بخاصة أصحاب المعالي والسعادة أعضاء مجلس أمناء الجائزة ولجنة التحكيم الدولية. ونتمنى أن تستمر هذه الجائزة منارة إنسانية، دالة على ما يختزنه شعب مملكة البحرين من نزوع متأصل نحو فعل الخير والاسهام ، بكل إمكاناته وطاقته ، بما يسعد الإنسانية ويؤلف بينها ، داعيين الله التوفيق والسداد . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . بعد ذلك شاهد جلالة الملك المفدى حفظه الله والحضور فيلما وثائقيا تناول سيرة الامير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه . ثم القى الدكتور جاك ديوف عضو لجنة التحكيم لجائزة عيسى لخدمة الانسانية للدورة الثانية الامين العام لمنظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (الفاو) كلمة قال فيها : انه لشرف كبير أن نسعد اليوم بترأس جلالتكم حفل تسليم جائزة عيسى لخدمة الانسانية في دورتها الثانية ، وفق توجيهاتكم السديدة والتزاما بنص المرسوم الملكي بانشاء الجائزة عملت لجنة التحكيم طوال السنة والنصف الماضية على دراسة وتتبع وتحليل مختلف المشاريع والاسماء التي عرض عليها لاختيار الشخص او المشروع او المؤسسة الجديرة بهذه الجائزة . انكم بهذه الجائزة الانسانية الفذة تعبرون عن روح الوفاء التي تكنونها ، وشعبكم المعطاء لوالدكم المرحوم صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مشيدين بما قدمه رحمه الله لشعب البحرين الوفي . وتعربون جلالتكم بهذه الجائزة أيضا عما تتحلون به وشعبكم من خصال انسانية قوامها الانفتاح والتسامح والاحتفاء بالانسان دونما اعتبار لجنسه او لعرقه اودينه اوهويته بذلك تساهمون جلالتكم في زرع بذور التفاهم والسلام والخير بين بني البشر . ان هذه الجائزة التي اسستموها يا صاحب الجلالة عام 2009 م بهدف تكريم وتثمين جهود الافراد والهيئات التي تقدم خدمات عالمية ومميزة للبشرية في قطاعات خدمة الانسانية تؤكد اليوم اهدافها النبيلة والسامية في هذا الحفل الذي تشرفونه برعايتكم الكريمة . ويغمر أعضاء لجنة التحكيم شعور عميق بالسعادة والارتياح أن تم اختيار الدكتور أشيوتا سامنتا من دولة الهند الصديقة ليفوز بجائزة عيسى لخدمة الانسانية وذلك لدوره الريادي وتضحياته الهائلة من أجل محاربة الفقر والعوز وتوفير سبل التعليم لمئات الالاف من الاطفال فهنيئا له بهذا التقدير المستحق . وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم بالشكر الجزيل الى سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس امناء الجائزة واصحاب المعالي والسعادة أعضاء المجلس والشكر موصول الى امين عام الجائزة والعاملين في جهاز الامانة العامة على ما تلقيناه منهم من عون وتشجيع وصبر وتفهم . بتلك الروح الانسانية العالية عملنا في لجنة التحكيم على تقصي الفائز بالجائزة آملين ان نكون قد وفقنا في طرح الاختيار . وقد تم عرض فيلما وثائقيا خاصا بحياة ومنجزات الدكتور أشيوتا سامنتا الفائز بالجائزة . بعدها تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه بتسليم الجائزة الى الفائز الدكتور أشيوتا سامنتا من دولة الهند الصديقة في مجالي الرعاية الاجتماعية والتعليم . ثم القى الدكتور أشيوتا سامنتا من دولة الهند الصديقة الفائز بالجائز ة كلمة قال فيها : صاحب الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، معالي رئيس الوزراء، خليفة بن سلمان آل خليفة، فخامة نائب رئيس مجلس الوزراء، محمد بن مبارك آل خليفة، أعضاء مجلس الأمناء الأجلاء، حضرات السيدات والسادة! لقد كرمني مجلس أمناء جائزة الشيخ عيسى لخدمة الإنسانية تكريماً بالغاً، وشرفني أسمى درجات التشريف، باختياري لنيل جائزة الشيخ عيسى لخدمة الإنسانية المرموقة للدورة 2013-2015، يتملكني الفخر والاعتزاز، وينبض قلبي بعظيم الامتنان لحصولي على هذه الجائزة التي تُعنى بخدمة الإنسانية، ولتلقيها من الأيادي الميمونة لصاحب الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين. أود أن أتوجه بأسمى آيات الشكر للجميع، ولشعب البحرين العظيم الذي لمس كل ما قدمته من تضحيات وقدر ما أنجزته للإرتقاء بحياة الفقراء والمجتمعات المهمشة، وقد رفعت هذه الجائزة معنوياتي، وشجعتني على المضي قدماً، ومن المؤكد أنها ستظل مصدر إلهام لي في كل اللحظات. أنا مدين بهذا التقدير الكبير لهؤلاء الأطفال الصغار في معهد كالينجا للعلوم الاجتماعية، ولحبهم الكبير، الذي لا يعرف حدوداً أو شروط، ولكل من يدعون لي بالخير والتوفيق في كل بقاع الأرض، وفي المقام الأول لله العلي القدير، الذي يهديني للدرب القويم. يعجز لساني عن وصف الامتنان، وعن شكركم! في طفولتي، كافحت من أجل لقمة العيش، ومازلت أكافح لإطعام الأفواه الجائعة، فالفقر والجوع ما زالا يكتسحان أطفال القبائل، ولابد لي من أن أواصل المشوار والنضال من أجل الوصول إلى كل طفل محروم في العالم، حتى يتم القضاء على الفقر كلياً ومحوه عن سطح الأرض. إن رؤيتي تتمثل بالوصول لمجتمع بشريٍ غنيٍ فكرياً، لا جائع فيه، يتمتع فيه الناس بالسلام والرخاء بغض النظر عن طائفتهم أو عقيدتهم أو جنسهم أو عرقهم أو أيديولوجياتهم. . الفقر يفرض التحديات الهائلة على الأطفال، أبناء الفقراء، ويحول بينهم وبين غاياتهم، ويحرمهم فرص التعلم بل ويؤثر في نموهم العقلي. تؤثر العوامل الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية على تعلم الأطفال بشكل كبير، وبالتالي لا بد من النظر في كافة السبل التي تضمن التعليم للفقراء، لابد التفكير فيها بشكل شمولي، لتمكين الأطفال الفقراء أثناء فترة نموهم. ربما أدرك ما لذي يجدر بنا فعله، لأنني أنا ذاتي نشأت في فقر مدقع.. عانيت الفقر والحرمان، وخبرت غصة الفقير ومكمن ألمه، وترحلت وأنا في العشرين من عمري في الأماكن النائية في بلادي وفي مقاطعة أوديشا التي أعيش فيها، واطلعت عن قرب على فظائع الفقر في المناطق القبلية، وأدركت كيف يقضي الفقر على بواعث الحياة والدوافع الإيجابية لدى المرء. الفقر لا يفتك بالنفوس فقط بل يقضي على العقول، فمن يقع تحت طائلة الفقر والحرمان، تسيطر عليه الخرافات، ويقبل بالعوز والفاقة مصيراً حتمياً، بل أن بعض المحرومين ينتهج نهجاً متطرفاً، ويختار مسار العنف والإرهاب؛ فالفقر، مع غياب التعليم، من الأسباب الرئيسة لجميع الشرور التي تستشري في المجتمعات البشرية. لقد عقدت العزم منذ فترة طويلة على مكافحة الفقر في المجتمعات القبلية الفقيرة في الدولة، مؤمناً بأثر التعليم والتدريب في تغير حياة الملايين، فقد شهدت تحولاً كبيراً في حياتي بسبب ما توفر لي من فرص للتعلم، فأردت أن أمنح فرص متكافئة للأطفال الفقراء للحصول على التعليم والتدريب وعلى المهارات اللازمة لتنمية حياتهم على أكثر من صعيد، وتمكينهم من كسب رزقهم، وكانت أول خطوة لي على مسار الدرب الطويل، في عامي 1992-1993، تأسيس معهد كالينجا للعلوم الاجتماعية، الذي بدأ بـ 125 طفلاً من أطفال أفقر القبائل، بدأنا في مسكن مستأجر، يشتمل على غرفتين، وباستثمار لم يزد عن 5000 روبية ( 100 دولار تقريباً)، ادخرتها مما كنت أتقاضاه من راتب متواضع نظير عملي الأكاديمي. لم أكن أتصور أن معهد كالينغا للعلوم الاجتماعية، سيغدو مؤسسة تعليمية عملاقة، ويحظى بدعم العديد من المنظمات العالمية. إنها نعمة كبيرة من الله تعالى، فكل ما تم إنجازه كان بمشيئته، فما أنجز على مر السنين لا يمكن تصوره؛ فلا يمكن لأحد أن يتخيل، أن من قام به كان فقيراً معوزاً! أطفالنا، الذين كانوا يوماً عبئاً اجتماعياً، غدوا متفوقين في كل الميادين، يتفوقون في التعليم وفي الأنشطة الرياضية على المستويين الوطني والعالمي، ويحظون، بعد اتمام تعليمهم، بفرص كريمة للعمل، ويواصلون دراساتهم العليا بروح متوثبة عظيمة، وهذا يرسخ ما تطلعت إليه، منذ البداية، وهو منحهم الفرصة المناسبة، حتى يتمكنوا من المنافسة في كل مجال. ما أخطر أن نتعلم القليل! فأنصاف المتعلمين، عناصر مدمرة لأي مجتمع من المجتمعات. لذلك، أخذنا على عاتقنا، في معهد كالينجا للعلوم الاجتماعية، أن نوفر فرصاً متكاملة للتعليم، واليوم يتعهد المعهد بتعليم أكثر من 25000 طالب، من أبناء القبائل الأشد فقراً؛ يتعهدهم من رياض الأطفال، ويوفر لهم التعليم المهني والتدريب، ويزودهم بالمهارات الحياتية، ويوفر لهم السكن المجاني والمأكل والملبس والرعاية الصحية. وأنا أقف أمامكم الآن تترأى لي صور لأولئك الآلاف من الأطفال الفقراء في مدينتي بوبانسوار، يواصلون دراساتهم، ويبنون حياتهم، لَبِنَة لَبِنَة، في معهد كالينجا للعلوم الاجتماعية. أنا حقاً لا أعرف كيف تم ترشيح اسمي لجائزة الشيخ عيسى لخدمة الإنسانية، أو كيف تم اختياري لهذه الجائزة المرموقة السامية، جائزة الإنسانية. هذا يعني الكثير بالنسبة لي، وبالنسبة لكل الأطفال الفقراء. أنا مدين بهذا الشرف لهم. هذه الجائزة ليست لي، هي لهؤلاء الأطفال الفقراء الذين يحتاجون إلى التعليم والتمكين. إنها لهؤلاء الأطفال الذين يقفون على عتبة الفناء، لأولئك الذين يأتون إلى هذا العالم دون أن نلتفت إليهم، وربما يقضون دون أن نلتفت إليهم. لقد مُنحت هذا الجائزة نظير خدمتي للفقراء وسوف أنفقها في خدمتهم. . تُعد أوديشا، المقاطعة التي ولدت فيها، واحدة من أفقر المناطق في بلادي، الهند. لذا لدي الرغبة في فتح فرع واحدٍ على الأقل لمعهد كالينغا للعلوم الاجتماعية في كل من منطقة من مناطقها الثلاثين، وأود إنشاء فرع لمعهد كالينغا للعلوم الاجتماعية، في واحدة من هذه المناطق، وتسميته باسم والد حضرة صاحب الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، المغفور له بإذن الله الشيخ عيسى، الذي تسمى جائزة خدمة الإنسانية السامية باسمه، وذلك بالاستفادة من قيمة الجائزة الكريمة التي تبلغ مليون دولار، بعد موافقة جلالة الملك الكريمة. ولست بحاجة للتأكيد على دور التعليم، فالأغنياء يدركون دوره الكبير ويرسلون أطفالهم إلى المدارس والمؤسسات التعليمية، ولكن من للفقراء المحرومين؟ ألم يحن الوقت لأن نلتفت إليهم. أنا بحاجة إلى دعم من جميع قادة العالم وصانعي السياسات وأساطين الصناعة، للمضي قدماً في مهمتي وتحقيق رؤيتي، يجدر بنا تغيير ملامح عالمنا، يجب أن يبرز لنا وجه العالم مشرقاً صافياً دون أن يؤرقه الجوع أو يشوهه الفقر. وأخيراً أنهي كلمتي هذه بأبيات للشاعر الشهير روبرت فروست: ما أروع اللحظات في الغابات ما أروع السكون! لكنني، تـثـني عزيمتي الأعباء والعهود والذي القاه من مشقة السفر وكل ما ينتاب من صراعات الحياة قبيل لحظات السكون شكراً لصاحب الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين! شكرا لمعالي رئيس الوزراء الموقر، خليفة بن سلمان آل خليفة! شكرا لفخامة نائب رئيس مجلس الوزراء، محمد بن مبارك آل خليفة! شكرا لأعضاء مجلس أمناء الجائزة الأجلاء! شكرا لكل البحرين! شكرا لكم أيها السيدات والسادة. واختتم الاحتفال بعزف السلام الملكي .
مشاركة :