أدى ارتفاع كبير، حدث في يوم واحد، في حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين، إلى تسليط الأضواء بقوة على تناسق ودقة البيانات التي يستخدمها الخبراء والحكومات لتقييم مسار الوباء المميت. ارتفع عدد الوفيات يوم الأربعاء إلى 1367 حالة وفاة، وبلغ عدد حالات الإصابة الجديدة بالفيروس 15152، ليصل إجمالي العدد حتى ذلك التاريخ إلى 59804 حالات، حسب وسائل الإعلام الحكومية الصينية. أبلغت السلطات في مقاطعة هوبي، حيث بدأ تفشي المرض، أن عدد الحالات ارتفع في ذلك اليوم إلى عشرة أضعاف وبلغ نحو 14840 وتضاعف عدد الوفيات إلى أكثر من 242. حدث الارتفاع المفاجئ بعد يوم واحد من إشارة خبراء في منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد الإصابات والوفيات قد يبدأ في الاستقرار. جاء ذلك التصريح حتى مع تحذير الخبراء الطبيين والعاملين في مجال الصحة في الخطوط الأمامية من أن الصين تقلل من الأرقام التي تبلغ عنها بخصوص حدة تفشي المرض. في وقت سابق من الأسبوع، حذر نيل فيرجسون، عالم أوبئة في جامعة إمبيريال كوليدج في لندن، من أن الحالات التي تم الكشف عنها بشكل صحيح تبلغ 10 في المائة فقط. قال إن الأرقام الرسمية في ووهان، المدينة التي تعد مركز الوباء، ربما لا تسجل إلا إصابة واحدة من أصل 19 إصابة. لماذا ارتفعت الأرقام فجأة في الصين؟ تعكس الزيادة تغييرا في كيفية إبلاغ السلطات عن الحالات. قال مايك تيلديسلي، أستاذ مشارك في جامعة وارويك، تم تأكيد الحالات في السابق "فقط بعد الفحوص المعملية الموجبة". الآن اختارت الصين الإبلاغ عن الحالات على أنها مؤكدة "بناء على التشخيص السريري للأعراض". رحب آدم كوتشارسكي، باحث في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، بالنهج الجديد، مشيرا إلى أن استنباط الأرقام فقط استنادا إلى الأشخاص الذين تم فصحهم رسميا أمر يخاطر بنقص الإبلاغ عن الحالات. مثلا، ربما كان الانخفاض الواضح في عدد الحالات الجديدة في الأيام الأخيرة مرتبطا بالازدحام الشديد في المختبرات. يمكن أن يؤدي ذلك إلى "اختناق في قدرة الفحص" بدلا من انخفاض في عدد المرضى. قال: "الإبلاغ عن الحالات المشتبه فيها سيكون مفيدا". مايكل ريان، مدير تنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، ذكر في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء أن النهج الجديد "محاولة لتوسيع الشبكة وتضمين الحالات الأقل خطورة". وأضاف أن هذه طريقة "لإلقاء شباك أكثر دقة، على نطاق أوسع، وهذا ما نريد رؤيته في مرحلة الاحتواء". هل البيانات موثوقة بدرجة كافية لتشكيل مسار المرض؟ تم نشر تحليلين هذا الأسبوع بواسطة فرق من الباحثين المقيمين في المملكة المتحدة للتحقق من ذلك. استنتج التقرير الأول الذي أعده مركز إم آر سي لتحليل الأمراض العالمية في إمبريال كوليدج، أن شخصا واحدا من بين كل 100 مصاب بالمرض سيموت. للوصول إلى هذا النتيجة، استخدم الباحثون نماذج إحصائية جمعت بين البيانات المتعلقة بالوفيات وحالات الشفاء المبلغ عنها في الصين وبين المسافرين خارج البر الرئيسي الصيني، فضلا عن الإصابات في الأشخاص العائدين إلى الوطن. التقرير الثاني، الذي كان من إعداد فريق من كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، قدر أن تفشي المرض في ووهان قد يبلغ ذروته في الفترة من منتصف إلى أواخر شباط (فبراير). وأشار إلى أن 1-3 في المائة من الناس مصابون بالفيروس. قال الدكتور كوشارسكي، الذي شارك في إعداد الدراسة، إن الفريق وضع بعض البيانات الحديثة جانبا، مشيرا إلى أنه في الواقع احتفظ بها باعتبارها وسيلة للتحقق من صلابة النتائج التي تم التوصل إليها من تحليل البيانات السابقة الورادة من الصين وأماكن أخرى. قال إن ارتفاع عدد الحالات التي أعلنت يوم الخميس كان متوافقا تماما مع ما دفعهم أنموذجهم إلى توقعه. مع ذلك، أقر بأن هناك كثير لا يزال غير واضح. قال: "هناك كثير من الغموض"، خاصة حول "مدى حجم الذروة". هل هناك مشكلات أساسية تجعل من الصعب الاعتماد على البيانات؟ أكدت شيلا بيرد، وهي خبيرة رائدة في الإحصاء الحيوي، أنها "لم تكن على علم بذلك النوع من البيانات المفصلة" التي تمكن فريق إمبيريال كوليدج من الحصول عليها إليها للوصول إلى تقييماته. لكن كان واضحا من التقرير أن البيانات "في نواح مختلفة محدودة للغاية". أضافت: "بالطبع، الفريق ممتاز، لكن التحليل بقدر دقة المعلومات المتاحة عن وباء معين". قد تستخدم دول مختلفة فحوصا تشخيصية مختلفة وتطبقها خلال مراحل مختلفة من تطور المرض ما يؤدي، مع تغير طريقة تطبيق الفحوص، إلى "مقارنة التفاح والبرتقال بمعنى من المعاني". كان على الباحثين وضع افتراضات - مثلا، قد تفترض بعض الفرق أن انتقال المرض لم يحدث إلا بعد ظهور الأعراض على شخص ما. مع ذلك، قالت بيرد إن جودة وموثوقية البيانات ستتحسن تدريجيا. وأضافت: "هذه الفرق تؤدي مهمة فكرية هائلة، لكنها ستكون قادرة على تخفيف الافتراضات مع وصول مزيد من البيانات حتى يمكن أن تحل البيانات محل الافتراضات".
مشاركة :