تؤكد محاولة استفادة الرئيس التركي من التدنيس المحدود الذي قام به أعضاء في حزب السعادة في الحرم المكي أنها ليست سوى محاولة لستر عورته التي تبدت للعالم عقب إعلان صفقة القرن. ولعل مشهد الهتاف السياسي الذي أطلقه معتمرون أتراك في الحرم المكي “نصرة للقضية الفلسطينية” على ما يزعمون، يذكر أولا بالتوظيف السياسي الإيراني للحج، ويعبر ثانيا عن الدأب الإخواني القائم على تحويل الأنظار عن العجز السياسي ومحاولة إحراج الخصوم. هذه الحادثة تعيد إلى الأذهان ما قامت به إيران في بعض مواسم الحج، حيث اعتادت توظيف الشعائر الدينية في خدمة أهدافها السياسية دون اعتبار لطبيعة المكان الذي تظاهر فيه إيرانيون شيعة لنصرة نظامهم الحاكم أولا. وللأسف فإن الحركات الإسلامية المستغلة للدين سياسياً دائما ما تجد نفسها في مأزق اختبار أدبياتها الأيديولوجية إزاء الكثير من القضايا الراهنة، ما يضطرها إلى العزف على وتر الوجدان الديني لتحويل الأنظار عن القصور الذي يعتريها. وعلى غرار ما يقوم به النظام الإيراني يبدو أن اردوغان وحزبه يميل إلى تكرار المشهد نفسه لاستثمار الدين سياسيا، بما يعظم حضور تركيا في محيطهما الإقليمي والإسلامي والدولي، ويؤهلهما لخطف الزعامة الدينية من التي هي غاية طموحه، وهو ما يؤكده محاولة تدنيس المعتمرين الاتراك للحرم المكي الشريف. كما أن محاولة اردوغان استغلال المشهد الموافق لمبادئه، والنابع من نفس فكرته، الهدف منه ستر عورته التي تبدت للعالم عقب إعلان الرئيس الأمريكي لصفقة القرن، حيث أن فعل التنظيم لم يتجاوز بيانا للجماعة وصرخات إعلامية في أستوديوهات مدفوعة الأجر. كما انها محاولة لستر العلاقات المتينة بين اردوغان ودولة الاحتلال الإسرائيلي خلف ستار المتاجرة بقضية فلسطين، اذا ما علمنا أن العلاقة بين تركيا والاحتلال بدأت عام 1948م وكانت تركيا أول دولة ذات أغلبية إسلامية تعترف بإسرائيل كوطن قومي لليهود على حساب الفلسطينيين.
مشاركة :