زميره.. يُحادث ملك الموت وينصب تمثالاً لسليماني

  • 2/19/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

سيبدو حسن نصر الله الشهير بحسن زميره، الأكثر فجيعةً حتى من ايران نفسها لفقدان قاسم سليماني، فالرجل لم يكتفِ بحزنه الكبير وبكائه الكثير وتهديداته لأمريكا، بل استحضر ملك الموت وخاطبه راجياً أن «يأخذ روحه ويترك سليماني» حسب ما قال لأحد مراسلي محطةٍ تلفزيونية أجرت معه لقاءً. وكان الأفضل أن يتصدى للصواريخ الامريكية ويتلقاها بصدره بدلاً من أن تصيب سليماني وتمزق جثته، وتلك قصة طويلة لحزن وفقدان زميره لقائده سليماني، التي تصلح مسلسلاً جديداً لوصلات اللطم القادمة في الجنوب. أجل في الجنوب وما أدراك ما الجنوب الذي نصب فيه زميره تمثالاً لقاسم سليماني متخطياً في تصرفه وسلوكه سيادة الدولة اللبنانية، وسمح لنفسه أن ينصب تمثالاً للفارسي الاجنبي فوق أراضٍ لبنانية الأجدر أن تحتضن أراضيها نصباً لرجالات الاستقلال اللبناني، لكنها إرادة زميره في لحظات غلوائه وانفراط حزنه الذي فاق أحزان الآخرين من أشباهه حتى في العراق الذي قتل على أراضيه سليماني برفقة «أبو مهدي المهندس» الايراني قلباً ولساناً وولاءً. وزميره منذ ضربة سليماني القاتلة وهو يتلقى الضربات تلو الضربات، وحتى خطابه الأخير قبل أيامٍ معدودة كان محل سخرية اللبنانيين من دعوته لمقاطعة البضائع الامريكية، فقد نشرت المواقع ووسائل الاتصال صورة لابنه جواد مرتدياً قميصاً من صناعة امريكية وعلى صدر القميص عبارات بالانجليزية «الولايات المتحدة». وكان الأفضل كما قالت إحدى التغريدات اللبنانية أن يلبس جواد ابن زميره ثياباً وقمصاناً من صناعةٍ سورية على الأقل او من صناعة إيرانية. جواد الابن يورط زميره الأب، وما بين جواد وقميصه وسليماني وتمثاله يلوح في أفق المشهد اللبناني استفزاز زميره لمواطني ذلك البلد الذين كسروا حاجز الخوف والأوهام وبرز هجومهم وانتقاداتهم المريرة والقاسية لرأس تنظيم حزب اللات «زميره» نفسه بما يؤكد سقوط أسطورة «التقديس» التي سعى أنصاره لإسباغها عليه وإحاطته بها حمايةً له من الهجوم او حتى النقد البسيط، وهي هالة ما عادت قادرة على أداء دورها الذي تقام عهده وانتهت صلاحيته. وفيما يبدو من فجيعة زميره الذي مازال يبكي سليماني بحرقة شديدة إن الرجل كان عموده الفقرة واليد التي استقوى بها ومكَّن نفوذه وعزز سلطته وسطوته بما يشي إنه الآن في ورطة تضاعفت مع تمرد الشارع الجنوبي على مليشيات حزب اللات وخروجه بهتافات صاخبة ضدها وضد تغولها على الناس هناك. إنه ربيعهم العربي معكوساً ومعاكساً ولعلهم يشربون من نفس الكأس الذي صنعوه، والجزاء من جنس العمل يا زميره، ولعل سقوط الأوهام بداية تحرير العقل من إساره الخطير وعودته إلى عروبته بعد محاولاتك «لتفريسه» من الفارسية. ولا يبدو زميره وحده المفجوع والموجوع من مقتل وفقدان سليماني، فزعماء المليشيات العراقية الولائية فروا من المشهد بوجعهم واختاروا الصمت خوفاً على أرواحهم من ردة فعلٍ امريكية لو تمادوا في تهديداتهم وشحنهم وتحريضاتهم ضد القوات الامريكية المتواجدة في العراق. فلا الخزعلي بات يهدد ويتوعد، ولا الحشد «الشيعي» بات يقترب من اسطوانة الانتقام لمقتل أبرز قادته «ابو مهدي المهندس»، ولا كتائب بدر تصرح بحرفٍ وهي التي فقدت سليماني بوصفه اللاعب الأكبر في حركة المليشيات هناك. وهكذا فمقتل سليماني شكّل خسارةً وضربة أساسيةً للمليشيات الموالية في العراق ولبنان وفي غير مكان، كونها تعتمد في سطوتها ونفوذها على سطوة ونفوذ سليماني في الهرم الايراني، وفقدانه يعني إعادة ترتيب أماكن هذه المليشيات في الخارطة الايرانية «الأم». فهذه المليشيات تتغذى وتعيش على الحاضنة الايرانية التي شكّل سليماني رافدها الأول والأهم، فهل يستطيع البديل له أن يملأ فراغه بالنسبة إلى تلك المليشيات ومكانتها في اهتمام مراكز القوى في إيران، لاسيما وإنها الآن مشغولة في صراعات ما بعد سليماني، وتصفية حسابات مؤجلة فيما بينها. أسئلة كثيرة لن يجيب عليها تمثال سليماني في تلك القرية بجنوب لبنان ولا بكاء زميره وأمنيته أن يخطف ملك الموت روحه بدلاً من سليماني!!.

مشاركة :