القاهرة:محمد فتحي «الإنس والجن، التعويذة، كامب، الدساس، عزازيل، الفيل الأزرق2»، ومؤخراً «دماغ شيطان»، جمعيها أفلام مصرية، تناولت ضمن أحداثها الرعب بصورة أو بأخرى، سواء عبر وجود الجن والعفاريت، أو الجريمة التي تصل إلى حد الرعب. عند عرض هذه الأعمال في حققت إيرادات معقولة، وشهدت إقبالاً جماهيرياً جيداً، ليأتي فيلم «الفيل الأزرق 2» كالمفاجأة المدوية، وتتخطى إيراداته حاجز ال100 مليون جنيه، في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ السينما المصرية، وقبله أكد الكثيرون أن مصر قادرة على المنافسة في مجال أفلام الرعب، وشجعوا على إنتاج محتوى مرعب، خصوصاً أنه أصبح هناك اتجاه لصنعها.السؤال المهم: هل تستطيع أن تنافس في هذا المجال؟ وتصمد أمام أفلام الرعب الغربية، وتحديداً التي تقدمها السينما الأمريكية؟ خاصة أن الأخيرة تقدم أعمالاً بتقنيات مبهرة، تحقق نجاحات على مستوى العالم، وداخل مصر.حقق الجزء الثاني من فيلم «الفيل الأزرق» نجاحاً مدوياً، وكسر كل الأرقام القياسية، ليس في هذا الاتجاه فقط، بل في تاريخ السينما المصرية، ويقول الكاتب أحمد مراد مؤلف الفيلم: لدينا ندرة في إنتاج نوعية أفلام الرعب، وفي الوقت نفسه الجمهور متعطش لها ولأعمال الخيال بشكل عام، وفيلم «الفيل الأزرق» خيالي أكثر من كونه فيلم رعب، وكان عندي أمل كبير في نجاحه، وهذا ما تحقق والحمد لله، وأعتقد أننا قادرون على تقديم هذه النوعية من الأعمال، والمنافسة بها طالما توافرت لها جميع الإمكانيات الإنتاجية والإخراجية والتقنيات التكنولوجية، وأعتقد أنها متاحة الآن بشكل كبير، وقبل كل هذا الورق الجيد الذي يسمح بتقديم هذه النوعية، دون أن تستخف بعقل المشاهدين، لأن المتفرج الآن أذكى كثيراً من أن تستخف بعقله.أما السيناريست صلاح الجهيني، الذي كتب فيلم «122» فيقول: كان عندي طموح كبير في تقديم عمل سينمائي ينتمي لنوعية الرعب، ودائماً كنت أتساءل لماذا أفلام الرعب الأجنبية تحظى بنجاح كبير على عكس الأفلام المصرية؟ وفيلم «122» يعتبر بالنسبة لي مغامرة كبيرة في ظل قلة الأعمال المصرية من هذا النوع، ولأنني دائماً تعودت على الأفكار الجديدة غير التقليدية، اتخذت من فيلم «122» تحدياً لذاتي في أخذ السينما المصرية إلى منطقة جديدة عليها، وعرضت العمل على عدد من المخرجين الذين كانوا يخشون من خوض التجربة خوفاً من الفشل، أو من سخرية الجمهور من طريقة التنفيذ، بسبب تعودهم دائماً على مشاهدة أفلام الرعب الأجنبية، حتى تقابلت مع المنتج سيف عريبي الذي تحمس جداً للفكرة، وتم الاتفاق مع المخرج ياسر الياسري، الذي نفذ الفيلم بشكل محترف بأحدث الوسائل، وكان هدفي أن أقدم للسينما المصرية عملاً فنياً يليق بتاريخها وجمهورها على مستوى القصة والصورة والصوت، وكنت أريد فتح باب مغلق ومساحة واسعة، فالسينما المصرية كلها لا يوجد بها إلا حوالي 6 أو 7 أفلام رعب، وأظن أننا قادرون على تنفيذ هذه النوعية بنجاح، بشرط أن يتم تقديمها بأحدث التقنيات والأساليب المتبعة في العالم. البحث في التراث يرى الناقد أندرو محسن أن هناك محاولات لإخراج أفلام الرعب المصرية من كبوتها، وفيلم«122» كان محاولة جادة، وكان الأول من نوعه الذي يعرض بتقنية DX4 في مصر والشرق الأوسط، كذلك فيلم «الفيل الأزرق» يعد نواة جيدة لأفلام الرعب، حيث تميز بالتكامل بين عناصره الفنية والاحتفاظ بعنصري الإثارة والتشويق، كل ذلك بمثابة بارقة أمل لصناعة المزيد من أفلام الرعب المصرية، خصوصاً أنها حصرت قديماً في حكايات الجن والشياطين، فأعتقد أنه لا بد أن نتعب قليلاً في البحث، وتراثنا مملوء بالأساطير والحكايات التي تصنع مئات الأفلام حتى لا نضطر لأن نقلد الأفلام الأمريكية مثلما فعل صناع فيلم «كامب».وتقول الناقدة ماجدة موريس: الجمهور لديه قابلية لمشاهدة أنواع مختلفة من الأفلام، وصناعة فيلم الرعب تعتمد على سيناريو محكم ليس به أي فراغات، تجعل المشاهد لا يصدق، إلى جانب التنفيذ بأسلوب قوي وبتقنيات ليس بها أي ضعف، لأن طبيعة أفلام الرعب تعتمد على ذلك بالأساس، فإذا توافر كل ذلك سننجح في تقديم أعمال جيدة، وصناعة أفلام الرعب في مصر لا تحتاج إلى أفكار أجنبية، لأن لدينا قصصاً كثيرة من صفحات الحوادث يمكن تحويلها لأفلام رعب.تؤيدها في ذلك الناقدة خيرية البشلاوي قائلة: إذا كنا نريد المنافسة فيجب أن نقدم أعمالاً تعتمد على خيال متفرد وحبكة شديدة التعقيد، إضافة إلى مهارة عالية في استخدام المؤثرات الصوتية والبصرية، لخلق البيئة المرعبة المناسبة للمشاهد، لأنه في بعض الأحيان يكون الواقع أكثر رعباً من بعض أفلام الرعب، فهذه النوعية من الأفلام تتطلب مناخاً مختلفاً للخروج بالشكل المطلوب، وقد تكون التجارب الأخيرة انطلاقة يجب أن نستغلها ونعمل عليها، ونقدم أعمالًا بها التشويق والإثارة، ولكن يجب أن نبتعد عن تقليد الأعمال الأجنبية.ويؤكد الناقد علي الكشوطي أن السينما المصرية ظلت لسنوات طويلة تحاول تقديم أفلام رعب لكنها لم تضف شيئاً. ويضيف:«آن الأوان لكي نعترف بأننا وضعنا قدمنا على أول الطريق الصحيح بعد فيلم»الفيل الأزرق»، الذي تم تنفيذه بتقنيات جيدة إلى حد كبير، ليضع إشارة مهمة وضرورية، كان لا بد أن تتحقق قبل أعوام كثيرة، وهي أننا نستطيع أن نقدم فيلم رعب بحبكة درامية مصرية خالصة، وليست تمصيراً لعمل أجنبي، بل نحن قادرون على المنافسة في مجال أفلام الرعب والدراما النفسية التي سبقتنا إليها العديد من الدول، بشرط عدم الاستخفاف بعقول الجمهور.
مشاركة :