لم تهنأ الصين بتوقيع اتفاق التجارة الأَوَّلي مع الولايات المتحدة الذي كانت تأمل في دفعه معدلات النمو الاقتصادي لديها، بعد أن تسببت ويلات الحرب التجارية في تراجع الإنتاج الصناعي وتباطؤ الاقتصاد، حتى دهمها فيروس «كورونا»، الذي تشير التوقعات، حتى الآن، إلى تخفيضه لمعدل النمو الاقتصاد الصيني، بما لا يقل عن 1% في الربع الحالي، نتيجة توقف الإنتاج في العديد من الشركات العاملة في الصين، وإلغاء العديد من شركات الدول الأخرى عقود استيراد تم التوقيع عليها قبل ظهور الفيروس. وفي الوقت الذي بدأت معدلات انتشار الفيروس بين المواطنين في الصين في التراجع، وبينما أشارت بعض التصريحات هناك إلى احتمالية لجوء بكين إلى بنود في الاتفاق تسمح لها بتأجيل تنفيذ تعهداتها بشراء ما تصل قيمته إلى 200 مليار دولار من المنتجات الأميركية خلال العامين المقبلين، لم تظهر الولايات المتحدة أي تعاطف، وسارعت بفتح أكثر من جبهة جديدة في الصراع مع الصين، وكأنها ترغب في منع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والتهديد الأكبر لزعامتها الاقتصادية، من التقاط أنفاسه. وجاءت أولى الخطوات الأميركية تجاه شركة «هواوي» الصينية للصناعات التكنولوجية، وثيقة الصلة بالحكومة الصينية، ومصدر فخر الصينيين حول العالم، حيث بدا واضحاً أن الإدارة الأميركية بصدد توسيع القيود المفروضة على بيع رقائق الحاسب الآلي إليها، لتشمل المُصنعين من خارج الولايات المتحدة، في أنحاء العالم كافة. وتمثل الخطوة الأميركية تجاه عملاق صناعة التكنولوجيا الصيني تصعيداً إضافياً، بعد أن ضغطت أميركا على حلفائها في أوروبا الغربية خلال الفترة الماضية لمنعهم من استخدام خدمات الشركة الصينية في تصنيع شبكات الاتصال من الجيل الخامس «5G». على الصعيد نفسه، نشرت شبكة «بلومبرج» الإخبارية الاثنين تقريراً أكدت فيه، على لسان 4 من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم تذكر أسماءهم ولا مناصبهم، أن الإدارة الأميركية ربما تعلن، قبل نهاية الشهر الجاري، فرض قيود جديدة على تصدير التكنولوجيا عالية التطور للصين، خاصة محركات الطائرات التي تصنعها شركة «جنرال إلكتريك» الأميركية، بالتعاون مع «سافران» الفرنسية، لمنعها من المضي قدماً في تصنيع أول طائرة تجارية صينية. ومن المتوقع أن يقابل التصعيد الأميركي بمعارضة شديدة من جماعات المصالح في الولايات المتحدة، حيث تعتبر بعض تلك الجماعات أن هذه الخطوات تؤثر سلباً على الإنتاج والاقتصاد الأميركيين، وتحد ابتكار الشركات الأميركية، التي تحتاج إلى السوق الصينية الضخمة لتسويق منتجاتها من المحركات وأشباه الموصلات، ومنتجات التكنولوجيا الأميركية الحديثة كافة. وبدأت «جنرال إلكتريك» بالفعل محاولة عرقلة الخطوة الأميركية المتوقعة.
مشاركة :