صحيفة المرصد:عندما اجتاح تنظيم "داعش" مدينة الموصل في شهر يوليو/حزيران الماضي، وعاد بالعتاد العسكري الذي تركه الجيش العراقي في المدينة الى سوريا، اعلن عن الغاء الحدود التي رسمتها فرنسا وبريطانيا بين البلدين بموجب اتفاقية سايكس بيكو في اعقاب الحرب العالمية الاولى قبل نحو قرن. واعلن التنظيم عن اقامة ولايات تشمل بلدات ومدن على جانبي الحدود، مثل ولاية الفرات، واستحدث ولايات جديدة مثل البركة والخير. تبلغ مساحة الاراضي التي تقع تحت سيطرة التنظيم حاليا 300 الف كم مربع في سوريا والعراق، فهو يحتل نصف مساحة سوريا البالغة 195 الف كم متر مربع واكثر من 200 الف كم مربع من مساحة العراق البالغة 438 الف كم مربع وهي مساحات تشمل مصادر كبيرة للثروة الطبيعية مثل المياه والنفط والغاز والاراضي الزراعية. واندفع التنظيم داخل العراق العام الماضي ووصل الى مسافة 30 كم من عاصمة اقليم كردستان قبل ان توقفه الغارات الامريكية. وتمكنت القوات الكردية، بمساعدة الضربات الجوية الامريكية من استعادة الاراضي التي استولى عليها التنظيم، وتوسعت مساحة الاقليم نسبة 40 بالمائة، ومن بينها مناطق متنازع عليها بين الاقليم والحكومات العراقية المتعاقبة منذ اسقاط نظام صدام حسين عام 2003 دون ان يتوصل الطرفان الى حل لهذه المسألة. واعلنت القيادة الكردية اكثر من مرة انها لن تنسحب من الاراضي التي سيطرت عليها بما فيها مدينة كركوك الغنية بالنفط وهو ما يفرض واقعا جديدا. ومع استمرار الخلاف بين اربيل وبغداد، التي تعيش على وقع هجمات "داعش" وانشغالها التام بمنعه من التمدد اكثر باتجاه بغداد، وحديث القيادة الكردية عن حق الاكراد في الاستقلال والانفصال عن العراق قد يتحول التقسيم الحالي للعراق على ارض الواقع الى تقسيم نهائي بين الاكراد وحكومة بغداد و"داعش". اما سوريا فهي مقسمة ايضا بين ثلاثة اطراف هي النظام، والمعارضة المدعومة من دول الخليج وتركيا والتنظيم الذي تمتد سيطرته التامة من الحدود العراقية السورية الى مشارف مدينة حلب في الشمال ومدينة تدمر وسط البلاد مع وجود تمركزات له في مواقع قرب الحدود مع لبنان وفي ضواحي العاصمة دمشق. ويتقاسم النظام والمعارضة النصف الاخر من مساحة سوريا، وهذه النسب ليست نهائية حيث تسارعت وتيرة خسارة النظام لمناطق سيطرته لصالح والمعارضة مؤخرا. وهناك فاعل اخر في المعادلة السورية هو الاكراد الذين يسيطرون الان على اغلب المناطق الكردية، فهم يخوضون معارك شرسة ضد التنظيم تحت غطاء جوي للتحالف الغربي العربي ويحققون مكاسب مضطردة ضد التنظيم. ولا يتوقع ان يتنازل الاكراد عن السيطرة على مناطقهم لصالح اي طرف واكدوا ان قوتهم ستبقى لحماية مناطقهم الا لدى التوصل الى حل سياسي للازمة السورية وتحقيق مطالبهم وهو امر يبدو مستبعدا في المستقبل المنظور كما تشير المعطيات على الارض. من طرف اخر يقاتل حزب الله اللبناني في مختلف الجبهات الى جانب قوات النظام في سوريا وهو الان يخوض معارك ضد المعارضة في منطقة القلمون التي تفصل البلدين. و سبق ان اندلعت معارك بين الجيش اللبناني ومسلحي المعارضة السورية في منطقة عرسال اللبنانية مما ينذر بإحتمال انتقال المعارك بين الطرفين الى داخل الاراضي اللبنانية بسبب الدور الذي يلعبه حزب الله في الازمة السورية كما تقول اوساط المعارضة السورية فيما يرى "داعش" ان الشيعة واجب قتالهم بغض النظر عن موقفهم مما يجري في سوريا. bbc
مشاركة :