فقد الناقمون صوابهم، بعد أن عزت عليهم رؤيةُ المجتمع السعودي ينعم بالأمن والأمان والتجانس؛ فاستهدفوا هذه المرة البنية الاجتماعية؛ في محاولة يائسة لشق الصف، وخلق أجواء متوترة بين مكونات ونسيج المجتمع السعودي المتجانس، متناسين بأن مخططات تفخيخ المساجد لن تنجح ولن ينجر المجتمع السعودي إلى حروب عبثية، فتلك المخططات الدنيئة لن تفجر الطائفية البغيضة، كون الفاعل أضحى مكشوفاً، والمجتمع -كل المجتمع- اتفق على تصنيفه عدواً للإسلام والمسلمين، أياً كانت طائفته، لا لشيء إلا لأن المستفيد استمات ويستميت في السر والعلن لتفتيت مجتمع وسطي واعٍ؛ انطلاقاً من أحقاد وضغائن لا تخفى على عاقل مستنير، بأساليب قذرة مقززة منفرة من الدين الإسلامي السمح بالتعاليم والقيم كافة، حتى إن بعض المسلمين الجدد بدأوا التفكير الجاد لتحليل وتفصيل وتشريح تلك المواقف الشاذة المستهجنة غير المستقيمة مع الفطرة. تفجير المساجد على هذا النحو لن يضير السعوديين بمستوياتهم وطوائفهم كافة، بل سيزيدهم إصراراً على اجتثاث الإرهاب بجميع أشكاله وأياً كان مصدره، ولن يحقق مبتغى المخططين وقطيع السذج من المنفذين، بغض النظر عن الدوافع والأهداف، فالعبث بأماكن العبادة يدخل ضمن التحذير الرباني: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ». لسنا هنا بصدد التجريم وتبيان خطورة المسلك؛ فالمخططون والمنفذون على علم تام بما يفعلون، وأهدافهم ليست ذات علاقة بالدين، فالمراد سياسي صرف، والمبتغى الفوضى الخلاقة، ذلك المصطلح التآمري الذي أطل برأسه في عصر التفاهمات السرية وبلغ مراحل التنفيذ، فرهان الخاسرين قائم على تحريك الضغائن، وتغذية الأحقاد، وإشعال فتيل الطائفية البغيضة بعد أن نجحوا في العراق؛ فاستمرأوا تكرار التجربة في أصقاع البلاد الإسلامية كافة، ولا شك أن الاستثناءات ملغية من حساباتهم؛ لأن الزعامة والسيطرة غالبة على تفكيرهم، مسيطرة على خطوط مسيرتهم، متجذرة في أنفسهم. لسنا هنا بصدد النصح، بقدر ما نسعى إلى كشف أسبار كوارث التهاون والتقليل من مخاطر نجاح مخططات الأعداء، على رغم استحالة النجاح. تلك الاستحالة المرهونة بالوعي العام وتحمل الجميع المسؤولية والعمل الجاد على مساعدة الدولة؛ لكبح جماح الإرهاب العازم على استهداف الوطن وشق الصفوف، في تعديات سافرة تفوق الوصف من حيث الشكل والمضمون. فإذا كانت تعاليم الدين الإسلامي تدعو إلى الحرص على إماطة الأذى ونظافة المسجد، فما بالنا بالتفكير مجرد التفكير بتفجير المساجد وسفك دماء الآمنين من المصلين؛ لأغراض سياسية صرفة ذات بعد دنيوي محض، في حرب معلنة على الإسلام؛ يتجرع مرارتها المسلمون من دون سواهم. ولهذا فقط لابد من أن يزداد النسيج الاجتماعي تماسكاً؛ للوقوف في وجه تلك الهجمة البربرية الغاشمة، ومساعدة رجال الأمن في اجتثاث الإرهاب كما فعلوا ويفعلون دوماً، ولاسيما أن محاولات الإرهاب لم تستثنِ مدينة قبل أن تتحول الأهداف اليائسة إلى تفجير الطائفية، في فعل مستهجن لمسعورين تجاوزوا كل الحدود من دون رادع أخلاقي، ناهيك عن الروادع الدينية الملزمة بعد استهدافهم لرجال الأمن في حوادث منفصلة، والاستهداف الغادر لرجل الأمن الأول ولي العهد الأمير محمد بن نايف في محاولة باءت -بحمد لله ومنته- بالفشل الذريع وخيبة الأمل الواسعة. «إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه»، هكذا كان الرد وسيكون، فالوطن واحد، والألم واحد، والمصير واحد، والأمن المكتسب لا يقبل التفريط بأي حال من الأحوال؛ ليبقى الحذر رأس الحربة من سيل الإشاعات المسربة في عصر التواصل التقنية، فقد أضحى الفضاء وسيلة من وسائل شق الصف.
مشاركة :