يحــق لرئـــيس النظام السوري الممانع في دمشق الفخر أنــــه حقق إنجازاً بجعل البــلاد أكبـر محميـــة طبيعيــة مفتوحــة للطيور ذات المخلب، وأن هذه الفصائل تجتمع تلقائيـاً فــي مختلــف مـــدن ومحافظـــات سورية متقاطرة من كل أنحاء العـالم، فــي حـال تـبـدل سـلـوكي لـم يشهـد لهـا العـالـم مثيـلاً! ويمكنه الفخر أيضاً، أنه أحدث قفزة جديدة في نظرية بافلوف، ووسع نطاقها في طريقة استجابة الحيوان، فبدلاً من أن تهرب الطيور لسماع دوي القذائف وأزيز الطائرات كما هي الغريزة الطبيعة، أصبحت تتسابق للحاق بطائرة أو التدافع على منطقة دخان، لأنها عبر التجربة التي قام بها بشار بافلوف على مدى بضع سنوات، تعلمت أن هذا الرعب الأولي هو جرس الدعوة إلى الطعام، وعلامة وفرته. القدرة على مخالفة الكائنات لفطرتها هي إنجاز علمي كبير لم يتطلب من الأسد إلا نحو 500 ألف قتيل سوري فقط، كما أنه أعاد تغيير خطوط هجرتها ورحلاتها المنتظمة، فاتسمت بفوضى عارمة تشابه طريقة سقوط البراميل المتفجرة. يتدفق على سورية نوعان من المخلوقات، هما: الإرهابيون، والطيور آكلة الجيف، فكلاهما يجد حصاده وطعامه. النوع الأول يقتل البشر حيثما وجدهم، والآخر يتغذى على خيارات من الجثث الملقاة في كل مكان. النظام السوري هو أكبر محتضن في العالم لطيور العقاب والنسر والباشق والرخم والغراب، والمعني بتغذيتها بكمية لم تتوافر أيام الطاعون الأسود أو الحربين العالميتين، إذ يقدم لهذه الطيور عبر براميله المتفجرة جثثاً يومية طازجة تشمل النساء والرجال والأطفال فلا تجوع أبداً. الحياة مستحيلة في سورية وأجزاء من العراق بالنسبة للبشر، والموت هو الوعد المتحقق لجميع الأسوياء لتجتذب روائح نهاياتهم شهية كل الوالغين في الدماء. النظام السوري ساءه أن هذه الطيور لا تجد الغذاء الكافي، لأن البشر الآخرين يدفنون موتاهم، فجعل سورية قبراً مفتوحاً يستطيع احتواء كل أهله، ثم تعاضد مع جماعات «داعش» ليشكلا أول فريق في العالم يعنى بهذه الفصيلة من الطيور، ويحافظ على وجودها لأن البشر يتناسلون، أما هي فتعيش في مجاعة إلى ما قبل أربع سنين. قد ينقرض البشر في سورية، فالمكان أصبح برسم المفترسين: نظاماً ودواعش و«حزب الله» والطيور ذات المخلب، وكل أحد غيرهم لا بقاء له بينهم، حتى الطيور المدجنة من حمام ودجاج وغيرها لحقت بأهلها الأبرياء الذين تصطادهم البراميل السماوية والنيران الأرضية. فــي سوريـــة حتـــى الآن تمــــوت كل أشكال الحياة البشــــرية وقيمها وحضارتها، ولا يبقى سوى القتلة من حيوان وأشكـــال بشر، كل من يغرز أظافره ومخالبه مستمتعاً بنزّ الدماء، وانفجار العروق، الباقون هم الكائنات التي تعتاش على رائحـــة الجثث المتعفنة ولا تعرف عطراً سواها. لن تنتعش سورية حتى تعود حيوانات ذات المخلب إلى طبيعتها الغريزية، وتخلص البلاد من روائح الجثث وهواة استنشاقها وزيادة أعدادها. هل تستعيد سورية ملامحها البشرية، أم أنها في انتظار موجة جديدة سمتها الثعالب والذئاب؟
مشاركة :