عقدت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة يوم الاثنين 17 فبراير الجاري ملتقى :” كتاب الشهر” حيث استضافت الأستاذ حمد الشمري الأكاديمي بمعهد اللغة الإنجليزية بجامعة الملك عبدالعزيز للحديث عن الكتاب الذي ترجمه بعنوان :” عبقرية اللغة” للكاتبة الأمريكية ويندي ليسير، وأدار اللقاء الذي أقيم بقاعة الندوات بفرع الخدمات والاطلاع الدكتور بندر الغميز أستاذ اللغويات التطبيقية بجامعة الملك سعود. في البداية قدم الدكتور بندر الغميز فكرة عامة حول اليوم العالمي للغة الأم الذي يوافق يوم 21 فبراير من كل عام، وهو يتوافق مع حركة النضال التي حصلت في بنجلاديش للمحافظة على اللغة الأم، حين حاولت السلطات الباكستانية تدريس اللغة الأردية بالجامعات البنغالية فرفض الطلاب ذلك وثاروا ضد القرار، وأوضح الدكتور الغميز: أن اللغة الأم تاريخ وهوية وثقافة وهي تتسلل دائما لمشاعرنا ، ونحن نميل دائما للغتنا الأم مهما تعددت اللغات، وقد نقل لنا الأستاذ القدير حمد الشمري تجربة اللغة الأم من خلال ترجمة كتاب:” عبقرية اللغة” . وقال الغميز في معرض تقديمه للقاء: يوجد 6 آلاف لغة محكية في عالم اليوم، يندثر منها كما جاء في بعض الأبحاث لغة واحدة كل أسبوعين، وهذا يهدد التنوع اللغوي وغياب إرث فكري وحضاري وثقافي تحاول اليونسكو أن تحافظ عليه وتمنعه من الاندثار. وبعد أن توجه الأستاذ حمد الشمري بالشكر لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة لإقامتها اللقاء قال: إن الحديث عن اللغة العربية محل إشكال ويأخذنا إلى معنى التصور ، تصور : اللغة الأم، وهي اللغة التي يرثها الصغير من أبويه دون تعلم نظامي، ولهجاتنا المحلية تعد مناطق أمومة تدور حولها مشاعر الأمومة ويمثلها الشعر النبطي. وأضاف الشمري أن الكل يرى في لغته الأم الثراء، ويرى الغنى والعاطفة وأنها أكثر تعبيرًا، وهذا الرأي قد يكون بشكل علمي أو غير علمي، ولا توجد إشكالية في هذا الكلام، في إطار رومانسيات الإنسان الخاصة وعاطفته وتاريخه. ورأى حمد الشمري أن الطرح الذي قد يطرحه بعض أبناء اللغة العربية يأتي ضمن عواطفهم السلبية تجاه اللغات الأخرى، ومن الظلم الذي تجيء به المقارنة أن توصف إحدى اللغات بأنها معيارية وبأنها رمز للجمال، والعرب يحتفون باللغة العربية لأبعد مدى ويفضلونها على كافة اللغات ، ولكن ينبغي أن تُضبط هذه العاطفة وألا تكون مصدر تجنٍّ على اللغة. وأشار الشمري إلى أن حكاية اللغة الأم هي حكاية الطفولة ، وقد أنزل الله تعالى وحيه القرآن الكريم باللغة العربية بلسان عربي مبين، لكن من آيات الله اختلاف لغات الناس وهذا الاختلاف يُشعرُ بالإيجابية، وقد قرنه الله عز وجل باختلاف الألوان بين البشر وهو واقع جميل يشكلنا وينوعنا على الأرض. وأكد الشمري على أن الفرد حر في أن يسمي ويختار لغته الأم على المستوى الفردي، لكن على المستوى الجمعي أميل إلى الاعتزاز الجمعي والرسمي باللغة العربية، وبالنسبة للترجمة أكد على أن السوق هو الي يضبط حركة الترجمة ويحدد مجالاتها. الارتحال اللغوي: بالنسبة لكتاب:” عبقرية اللغة” يتناول تجارب (15) كاتبا ومؤلفا ارتحلوا للكتابة باللغات الأخرى غير لغتهم الأم، حيث عبروا بلغة أجنبية، وكتبوا الرواية والشعر والمسرحية والمقالة بلغة أجنبية، وقد قامت المؤلفة بمراسلة هؤلاء الكتاب فاستجاب لها(25) كاتبا وكتبوا مقالات عن فكرة :” الارتحال اللغوي” وهو قد يصاحبه ارتحال من بلد لآخر، وقد يكون المرتحل طفلا أو دارسًا بالجامعة، وهؤلاء المؤلفون متنوعون جاءوا من بيئات وبلدان مختلفة وقد اجتمعوا كلهم على فكرة أنهم كتبوا بالإنجليزية. وأشار الشمري إلى أن المؤلفة أرادت أن تعرف شيئا عن إنسانية اللغة ، ” وقد جذبني الكتاب فقمت بترجمته، وقد أخذ نصيبه الرائع من الدعاية، وسوف تصدر طبعته الثانية قريبا ليكون متوفرا في معرض الرياض الدولي للكتاب ” . وقد تنوعت المداخلات حول اللغة والغالب الحضاري، والعلاقة بين انتشار اللغة وثرائها المعجمي، وآليات الترجمة من اللغات الأجنبية للعربية، والسمات التي يجب أن تتوفر في المترجم، وهل المترجم هو من يسيء إلى النص، وقال الشمري في تعليقه على المداخلات: أنا ضد موضوع اغتيال المؤلف الأجنبي ، وأنت قد تقرأ نصا عربيا جيدا لكن لن تفهم أجواء الموضوع المترجم.، وقد استفدت من المختصين باللغة العربية من ناحية الموسيقى الصوتية للنص، والانسيابية اللغوية. ورأى الشمري أن على المترجم أن يطور لغته التحريرية بين اللغتين ، والعناية باللغة التي يترجم لها أكثر ممن يترجم منها، وألا يعتمد المترجم على الفهم المباشر لبعض التعبيرات الاصطلاحية وعدم التعالي على المعجم وألا يكون المترجم في الوقت نفسه أسيرا للمعجم. وأكد الشمري على أن هناك جهدًا كبيرًا للمترجمين السعوديين، ولكنه يحتاج إلى احتضان ورعاية وتوصيل .
مشاركة :