أنت لست أنت!

  • 2/21/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تأمل صورة قديمة لك وفكّر.. هل لا تزال هذا الشخص نفسه؟ كثيراً ما يفكر الإنسان في نفسه ككيان ثابت رغم أنه ليس كذلك.. هو دائم التغير والتطور، نضجت أفكاره وقناعاته على مدار عمره.. إدراكك لتغيرك المستمر حقيقة يجب وضعها في الحسبان دائماً.. لما لها من تبعات قد تكون أكثر أهمية مما تظن. في تجارب شهيرة، لعالمة النفس كارول دويك، من جامعة ستانفورد، وجدت أن الأشخاص الذين يعتقدون أن صفاتهم الشخصية ثابتة (أي يعتبرون أنهم أذكياء بالفطرة مثلاً) كانوا أقل مثابرة من زملائهم.. بينما الذين اعتبروا أن النجاح رهن للسعي، ويتطلب بذل جهد لتحقيقه والحفاظ عليه، كانوا أكثر سعياً ومثابرة لتخطي المهام المطلوبة منهم بحماس يفوق الأشخاص الآخرين.. الشخص الذي يعتقد أن النجاح سببه الموهبة أو الذكاء، لن يبذل مجهوداً كبيراً لتحقيق ما يريد، باعتبار النجاح محدد سلفاً حسب صفات كل شخص!. لتكون مثابراً، لا تعتبر قدراتك محدودة وثابتة.. لست ذكياً أو غبياً.. لست قوياً أو ضعيفاً.. القدرات الذهنية والنفسية تنمو مع الإنسان بقدر ما يعمل على تدريبها وتطويرها.. فهي كالعضلة، لو أهملها ستضمر وتذوي.. لو قال لك ابنك إن مخه يؤلمه حين يحاول حل مسألة حسابية معقدة، قل له: إن الصعب لا يظل صعباً بالممارسة، وإن الإحساس بالصعوبة معناه أن عقله ينمو ويكبر.. واطلب منه أن يستريح ويعاود المحاولة لاحقاً، كي يكتسب مخه هذه المهارة الجديدة.. فعلمياً، هناك بالفعل روابط عصبية جديدة، تتكون عند تكرار أي مهارة، لدرجة أن مناطق في المخ تكبر -حرفياً- بفعل الخبرة والممارسة المستمرة للأنشطة المسؤولة عنها! يذكرنا هذا الكلام بضرورة التمتع بروح الهاوي أو المبتدئ، تلك الفكرة التي أسمعها بإلحاح من فنانين ومبدعين في مجالات مختلفة.. المطرب الذي يشعر كل مرة بهيبة خشبة المسرح قبل الظهور للجمهور، أو الكاتب الذي ينسى نجاحه السابق، ويحاول إثبات قدراته في روايته الجديدة.. كل هذه حيل نفسية تقود لنفس الغاية، لو اعتقدت أنك رائع، ستبذل مجهوداً أقل، وبالتالي تنحدر دون أن تلاحظ ذلك.. نجاحك سببه مثابرتك، لا موهبتك ولا مميزاتك الثابتة.. كثيرون اعتمدوا على موهبتهم وفشلوا، لأنها مجرد بذرة لو لم ترعها بالجهد ستذوي وتذبل. أنت متطور.. لست ثابتاً.. فكرة جوهرية هي الأساس الذي نحتاجه لاكتساب أي مهارة نفسية أخرى.

مشاركة :